عزة الحاج حسن – المدن
لم تنته أزمة المحروقات بالتوصل إلى صيغة مشتركة للدعم على مدى شهر إضافي، ولا باستمرار الدعم وفق سعر صرف للدولار بـ 8000 ليرة بدلاً من سعره في السوداء. كل ما في الأمر دخل ملف المحروقات مرحلة جديدة، لن يختلف المشهد فيها عما سبق. فأزمة المحروقات لا تزال قائمة، ومن غير المتوقع أن تشهد تغييراً جذرياً على مستوى تسهيل وصول البنزين أو المازوت للمستهلكين، أو على مستوى وصوله بالسعر الرسمي المحدد له.
الحل المؤقت الذي خرج به اجتماع بعبدا مؤخراً، والمتمثل ببيع مصرف لبنان الدولارات للمستوردين وفق سعر صرف المنصة (16500 ليرة قابل للتغيير) في مقابل تسعير وزارة الطاقة للمحروقات على سعر 8000 ليرة للدولار وما يستتبع ذلك من تسجيل فارق السعرين كديون لمصرف لبنان على الحكومة، كل ذلك لن يقدّم شيئاً سوى تأجيل نظري لانفجار الأزمة، وزيادة في سلة أرباح التجار والمستوردين عملياً.
والسؤال هل بهذا الحل يتجنب اللبنانيون الوقوف لساعات في طوابير البنزين لتعبئة خزانات سياراتهم؟ وهل يحصلون على البنزين والمازوت بالأسعار الرسمية التي وضعتها وزارة الطاقة؟ وهل سيتم توفير المازوت لكافة المرافق العاملة على المازوت؟ وهل ستخف وتيرة التهريب والتخزين؟ كل تلك الأسئلة تنتظرها إجابات سلبية في ظل الوضع القائم.
الأزمة على حالها
حسم عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس الحديث عن إمكان حل الأزمة بدعم المحروقات وفق سعر صرف 8000 ليرة للدولار بالقول إن اعتماد سعر صرف 8000 ليرة للدولار لاستيراد المحروقات، يبقي الأزمة كما هي، معتبراً أن الحل الجذري للأزمة يبدأ من الانتقال من دعم المحروقات إلى دعم المواطن مباشرة، قاصداً البطاقة التمويلية ومن ثم يمكن رفع الدعم نهائياً وتحرير الاستيراد.
وليس البراكس فحسب، بل هناك من يعتبر قرار مصرف لبنان ووزارة الطاقة لا يعني بالضرورة تأمين حاجات السوق من المازوت والبنزين. فالطوابير مستمرة لأكثر من سبب، على ما يقول مصدر من وزارة الطاقة في حديث إلى “المدن”. الأول هو تباطؤ عملية فتح الاعتمادات اللازمة لاستيراد المحروقات من قبل مصرف لبنان، خصوصاً أن الأخير يجد صعوبة في تأمين الدولارات. والثاني يرتبط باستمرار الدعم بحد ذاته. وهذا الأمر يشكل سبباً كافياً للمحتكرين والمهربين للاستمرار بعمليات التخزين والتهريب خارج الحدود لتحقيق أرباح إضافية. وهنا يشدد المصدر على ضرورة تكثيف دوريات الجيش والأمن الداخلي على محطات المحروقات والموزعين وكل من يُشتبه بتخزينهم أو تهريبهم للمحروقات.
أسعار السوق السوداء
أما لجهة أسعار المحروقات فإن استمرار الدعم على سعر صرف 8000 ليرة للدولار بالتوازي مع نقص كميات المحروقات في السوق، سيعطي زخماً جديداً للسوق السوداء. ففي حين كان سعر صفيحة البنزين في محيط 77 ألف ليرة (أي مع الدعم وفق 3900 ليرة للدولار) كانت صفيحة البنزين في السوق السوداء تُباع بنحو 300 ألف ليرة إلى 350 ألف ليرة. أما اليوم فسعر صفيحة البنزين الرسمي يقارب 134 ألف ليرة أي نحو ضعف السعر السابق. فكم سيبلغ سعر الصفيحة في السوق السوداء؟ يؤكد شاهد عيان في منطقة البقاع الشمالي أن غالبية محطات المحروقات مغلقة لنفاد المخزون لديها، بحسب ما تدعي، في حين يصل سعر الصفيحة في السوق السوداء في المنطقة إلى 500 ألف ليرة.
هذا الواقع يجعل من خطوة الدعم على سعر 8000 ليرة للدولار، خطوة غير محسوبة النتائج، وغير ذات جدوى.
غياب المازوت
أما على صعيد مادة المازوت فلا تزال الأسواق تفتقده، حتى أن مولدات الكهرباء لم تتسلم أي كميات. وفي حال استمرار بيع المازوت بأسعار السوق السوداء، وفق ما هو متوقع، فإن رسوم اشتراكات الكهرباء سترتفع بشكل كبير. وكان رئيس تجمع أصحاب المولدات في لبنان عبدو سعادة قد توقع ارتفاع سعرالكيلوات الواحد إلى نحو 3000 ليرة، ما يعني أن اشتراك 5 أمبير تزيد تكلفته عن مليون و200 ألف ليرة في حال استمرار ساعات التغذية على حالها.
لكن ما لا يعلمه سعادة أو ربما يتجاهله هو أن تكلفة 5 أمبير تجاوزت المليون و500 ألف ليرة في عدد كبير من المناطق، ووصلت في بيروت الإدارية إلى مليوني ليرة قبل رفع سعر صفيحة المازوت، أي حين كانت مدعومة على سعر 3900 ليرة للدولار.