السبت, نوفمبر 23
Banner

السلطة تغرق في التناقضات.. والحل في تشكيل الحكومة!

غسان ريفي – سفير الشمال

بات التخبط سيد الموقف في سلوك وممارسات وتصرفات السلطة السياسية التي بدأت تُظهر عجزا واضحا عن إدارة الأزمات وإيجاد المعالجات الناجعة ما يجعلها تغرق في جملة من التناقضات وتدفعها للجوء الى “الترقيع” الذي يرمي كرة النار الى الامام من دون أن يطفئها بالكامل ما قد يعيد إشتعالها بعد فترة.

لم تستطع السلطة السياسية طيلة الفترة الماضية تقديم حل جذري لأي أزمة واجهها لبنان لا على صعيد الكهرباء ولا المياه ولا المحروقات ولا الدواء ولا الاستشفاء ولا الخبز وغيرها كثير، ما تسبب بتراكم هذه الأزمات التي يتطلع أركان السلطة الى آليات حلها إما من خلال تسجيل النقاط على الخصوم السياسيين، أو تحقيق مصالح ومكاسب شخصية، أو إظهار بطولات وهمية أمام شعب لبنان العظيم الذي بات “يعرف البير وغطاه”.

لم يتوان رئيس الجمهورية ميشال عون بعد الاجتماع الذي ترأسه في قصر بعبدا مساء أمس الأول السبت للبحث في أزمة المحروقات عن إظهار بطولاته من خلال الجهود التي بذلها من أجل “التخفيف عن اللبنانيين معاناتهم أمام محطات المحروقات ومآسيهم جراء فقدان المازوت والغاز”.

اللافت أن رئيس الجمهورية ناقش تفاصيل هذه الأزمة وحلولها مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ومع وزير المالية غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث توصلوا الى حل لا يرضي أحدا ويضاعف من صعوبات الحياة لدى اللبنانيين، وهو رفع دعم إضافي عن المحروقات وفتح إعتماداتها على سعر 8000 ليرة للدولار الواحد على أن تغطي الدولة الكلفة المتبقية، ما يعني أن الحل لم يأت من عبقرية المجتمعين وإنما من جيوب اللبنانيين الذين سيقضون معظم أوقاتهم من دون تيار كهربائي بعدما تجاوز سعر إشتراك الكهرباء لـ “خمسة أمبير” الراتب الشهري لموظف عادي بفعل الزيادة الكبيرة التي طرأت على صفيحة المازوت، فيما سيموت قسم كبير منهم من البرد في الجرود والمناطق الجبلية لعدم قدرتهم على شراء مادة المازوت التي تعتبر المصدر الأساسي لتأمين التدفئة.

واللافت أيضا، أن رئيس الجمهورية الذي حرص على أن يطل على اللبنانيين ليزف لهم البشرى ويحدثهم عن الانجاز الذي حققه، سارع الى شن هجوم عنيف على كل من كان معه في الاجتماع، فإنتقد الحاكم رياض سلامة لرفض طلبه بالابقاء على الدعم، وهو أمر ليس صحيحا لأن سلامة سبق وأبلغ عون بتفاصيل رفع الدعم، كما أبلغه القرار في إجتماع مجلس الدفاع الأعلى، علما أن التيار الوطني الحر يعسكر منذ أيام تحت منزل سلامة لمنعه من تبديد أموال المودعين فكيف يريد منه رئيس البلاد وصهره جبران باسيل تبديد هذه الأموال باستمرار دعم المحروقات علما أن الحاكم سيستمر بالدعم لجهة تغطية الكلفة المتبقية لفارق سعر صرف الدولار والتي تقدر بما يقارب 300 مليون دولار.

وكذلك شن عون هجوما غير مبرر على رئيس مجلس النواب نبيه بري لعدم مجاراة رسالته التي طالب فيها إبقاء الدعم على المحروقات، في وقت لا يحق لمجلس النواب ذلك، فهو من مهامه تشريع القوانين من أجل خدمة اللبنانيين، وليس من أجل سرقة أموالهم المودعة أمانة في المصارف لتغطية عجز الدولة.

ولم يسلم الرئيس حسان دياب من الانتقاد لعدم موافقته على عقد جلسة إستثنائية لمجلس الوزراء، في حين أن دياب حرص على تطبيق الدستور الذي أقسم الرئيس عون على حماتيه والحفاظ عليه.

في الملف الحكومي أكد الرئيس عون خلال إطلالته التلفزيونية إن التنسيق قائم بينه وبين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة خلال أيام، في حين زار ميقاتي قصر بعبدا 13 مرة وزار موفدو عون منزل الرئيس المكلف عدة مرات وحتى الآن لم تبصر الحكومة النور، علما أن الحل واضح وهو بدل أن يشغل عون نفسه في كل هذه الاجتماعات لتأمين قانونية ودستورية القرارات، ليسارع الى تسهيل مهمة الرئيس ميقاتي بتشكيل حكومة، خصوصا أن القاصي والداني باتوا على قناعة بأن التعطيل ناتج عن مطالب عدة لفريق العهد لا تتناسب مع المبادئ التي وضعها ميقاتي لتشكيل حكومته التي باتت مطلبا وطنيا ودوليا، فهل يعي رئيس البلاد مخاطر الاستمرار في العرقلة؟، وهل وصلته التقارير التي تتحدث عن الارتطام الكبير وتداعياته في الشارع اللبناني؟..

Leave A Reply