رنى سعرتي – الجمهورية
إنه رفع تدريجي للدعم، بهدف الحفاظ على ما تبقّى من احتياطي إلزامي من العملات الاجنبية لدى مصرف لبنان المقدّر بـ14 مليار دولار حالياً. ولكن كيف سيؤمّن مصرف لبنان الدولارات لتمويل استيراد المحروقات او ادوية الامراض المزمنة والمستعصية التي ما زالت مدعومة، من دون المَسّ بهذا الاحتياطي؟
من المعلوم انّ رفع سعر صرف الاستيراد او حتى رفع الدعم كاملاً في الفترة المقبلة من دون تأمين الدولارات لفتح الاعتمادات ومواصلة مصرف لبنان آلية الاستيراد نفسها، سيواصِل استنزاف الاحتياطي الالزامي رغم انه سيَحدّ من التهريب.
اما في حال طلب البنك المركزي من المستوردين تأمين الدولارات من السوق، فإنّ سعر الصرف سيحلّق الى مستويات قياسية جديدة لأنه سيزيد الطلب على الدولار في السوق في وقت تَراجُع العرض مع انتهاء الموسم السياحي ومغادرة المغتربين.
وبحسب الارقام، فإنّ مصرف لبنان بحاجة لمواصلة فتح الاعتمادات وتمويل استيراد المحروقات الى حوالى 300 مليون دولار fresh شهرياً (اذا كانت فاتورة المحروقات السنوية لا تتعدى 4 مليارات دولار) بالاضافة الى 50 مليون دولار وُعِد بتخصيصها شهرياً لاستيراد الادوية والمستلزمات الطبية، وحوالى 40 مليون دولار شهرياً يتم بيعها عبر منصة sayrafa بسعر أقلّ أيضاً من سعر الصرف في السوق السوداء. اذاً، انّ المركزي بحاجة الى حوالى 400 مليون دولار شهرياً يجب تأمينها من خارج الاحتياطي (أي حوالى 5 مليارات دولار سنوياً) إمّا من السوق أو من التحويلات الوافدة الى لبنان من مختلف المصادر.
في هذا الاطار، أكدت مصادر مصرف لبنان لـ”الجمهورية” ان آلية الاستيراد الجديدة لن تعتمد على اموال الاحتياطي الالزامي، وهذا شرط اساسي فَرضَه المجلس المركزي للمصرف، مؤكداً انه سيتعاون بقدر ما تسمح له إمكانيته من دون المسّ بالاحتياطي، وانّ البنك المركزي يعمل على توفير مصادر تمويل أخرى بالعملات الاجنبية وسيُصدِر تعميماً في اليومين المقبلين يشرح فيه الآلية الجديدة التي سيتم اعتمادها لتمويل استيراد المحروقات والاسباب الموجبة لذلك.
وبما انّ العملة الاجنبية التي تتوفر في البلاد باتت تقتصر على تحويلات المغتربين وعلى إنفاقهم في لبنان وعلى مساعدات المؤسسات غير الحكومية الاجنبية بالاضافة الى المبالغ المتوَقّع الحصول عليها من حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي ومن قرض البنك الدولي للنقل السريع في بيروت، فإنّ هذه الخيارات هي المتاحة اليوم لاستخدام الدعم او لسواه.
زيادة التحويلات المالية
واذا كان إنفاق المغتربين قُدّر بحوالى ملياري دولار في الشهرين الماضيين، فإنّ المعدل الشهري للتحويلات المالية الواردة الى لبنان عبر اجمالي شركات التحويل يبلغ 125 مليون دولار. وفي التفاصيل زادت التحاويل الواردة من الخارج بالنسبة لشركة OMT على سبيل المثال، بنسبة 50 % في الستة أشهر الأولى من عام 2021 مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2020، وبلغ معدل قيمة التحاويل الواردة من الخارج 520 دولاراً أميركياً.
وأوضح رئيس مجلس ادارة شركة OMT توفيق معوّض لـ”الجمهورية” انّ حوالى 220 ألف مستفيد تلقوا التحاويل الواردة من الخارج بالدولار الأميركي نقداً «fresh» في النصف الأول من عام 2021، وقد سجّلت الشريحة الأدنى من التحاويل (تصل إلى 50 دولارا أميركيا) زيادة بنسبة 200 % من حيث العدد والقيمة في النصف الأول من 2021 مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2020.
وفي النصف الأول من عام 2021، بلغت 70 % من التحاويل أقل من 500 دولار أميركي، مع زيادة التحاويل في هذه الشريحة بنسبة 56 % في النصف الأول من 2021 مقارنة مع عام 2020. وقد وصلت التحاويل من حوالى 156 دولة، وعلى رأسها أستراليا والولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج وكندا وألمانيا، كما وصلت 50 % من التحاويل الواردة من الخارج، من حيث عدد التحاويل والقيمة بالدولار الأميركي، إلى بيروت وبعبدا وطرابلس والمتن وصيدا. وتوزّعت 81 % من التحاويل على 12 من أصل 26 قضاء، هي: بيروت، بعبدا، طرابلس، المتن، صيدا، عاليه، صور، المنية-الضنّية، الشوف، زحلة، كسروان، عكّار.