السبت, نوفمبر 23
Banner

أيلول شهر الأزمات.. لن يكون طرفه بالحلول مبلولا!…

عبد الكافي الصمد

يطلّ شهر أيلول اليوم على اللبنانيين من غير أن يستقبلوه كما جرت العادة، أو أن يتعاملوا معه كشهر فاصل بين نهاية الصيف وبداية الشّتاء، وأنّه أحد أفضل أشهر العام لجهة إعتدال الطقس، وفيه تحصل هجرة الطيور من الشّمال باتجاه الجنوب، حيث يكون لبنان ممرّاً طبيعياً لهذه الطيور في طريق عودتها، وهي طيور تشبه أفراد الشّعب اللبناني المهاجرين في مختلف أرجاء العالم، الذين يغادرون خلال هذا الشهر بلدهم، للعمل أو الدراسة أو الهجرة، الذين قصّت الأديبة اللبنانية إميلي نصر الله حكايتهم مع الهجرة في روايتها الشهيرة ″طيور أيلول″ الصادرة عام 1962، والتي اختيرت من بين أفضل 100 رواية عربية.

فالشّهر التّاسع من كلّ عام هو الشّهر الذي يستعد فيه اللبنانيون عادة لإرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وهو الشّهر الذي يحضّرون فيه مونتهم على اختلاف أنواعها من مأكل ومشرب ومحروقات، وهو الشّهر الذي يستعدون فيه لاستقبال أشهر الشّتاء الرتيبة والطويلة والباردة بالتزوّد بالمحروقات مسبقاً، وهو الشّهر الذي يصرفون فيه أموالاً أكثر ممّا يصرفون عادة في بقية أشهر السّنة على أمور معيشتهم الأساسية.

لكنّ شهر أيلول هذه السّنة يُقبل على اللبنانيين وهم غارقون في أزمات من كلّ حدب وصوب، ليس فيه ما يدعو إلى التفاؤل أبداً بغدٍ أفضل، بعدما استفحلت أزمات الوقود والأدوية والمواد الغذائية وعلى رأسه الخبز، وازدياد نسب البطالة، وارتفاع مؤشّر الحوادث الامنية والسّرقات والتعدّيات بشكل لا يدعو إلى الإطمئنان أبداً، وينذر بأنّ فصل الشّتاء سيشهد تدهوراً على كلّ المستويات، إذا استمرت الأزمات الإقتصادية والمعيشية على حالها، هذا إذا لم تتدهور أكثر.

قبل عام من الآن كان سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي يبلغ كسعر وسطي قرابة 7500 ليرة، وكانت المحروقات متوافرة، وكذلك الأدوية، والأزمة المعيشية لم تكن بهذه الحدّة، وكان أغلب اللبنانيين يأملون أن تنجلي الأزمة قريباً، وأن تستقر الأوضاع في بلادهم بشكل أو بآخر.

غير أنّ الأحوال في بلد الأرز تدهورت خلال السنة الماضية بشكل متسارع، وبات المراقبون يعتبرون أنّ هذا الإنهيار سيؤدّي في نهاية الأمرـ إذا لم يتم إيقافه ومعالجة أسبابه ـ إلى “الإرتطام الكبير”، وجعل مصير لبنان ومستقبله مجهولاً.

ففصل الشّتاء الذي بات على الأبواب يستقبله أغلب اللبنانيين بلا أيّ مواد للتدفئة يقيهم البرد القارس، من مازوت وغاز وكهرباء، وإذا تأمّنت فإنّ أسعارها باهظة جدّاً وتفوق قدرتهم على التحمّل، وبلا مونة غذاء أساسية إعتادوا تأمينها كلّ عام، وموسم دراسي مهدّد بالضياع للعام الثالث على التوالي في ظلّ غياب الكهرباء وصعوبة المواصلات وضعف الإنترنت، ما سيزيد من صعوبات التعلّم عن بُعد، وتدني القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، وبلا فرص عمل، وانهيار على كلّ الصعد، ما أعطى إنطباعاً أن أيلول “لن يكون طرفه بالحلول مبلولاً”، وأنّ الأزمات المتراكمة لن تجد لها مخارجاً، وأنّ الوضع العام يتّجه من سيّىء إلى أسوأ، وسط انقسام سياسي يزيد من حدّة الأزمات، ومن غير أن يلوح في أفق أيلول أيّ بارقة أمل بانفراج قريب.

Leave A Reply