مع تبخّر الوعود بأن تكون نهاية الأسبوع الحالي موعداً لولادة الحكومة المنتظرة منذ سنة، عادت دوامة تعقيدات تأليف الحكومة لتحكم المشهد السياسي وسط تفاقم بالغ الحدة والشراسة في الازمات الحياتية والمعيشية والاجتماعية من شأنه ان يجعل الأسابيع الاتية بمثابة كابوس أشد اثارة للمخاوف من أي وقت سابق سواء لجهة استحقاق عودة الموسم الدراسي وهمومه الطارئة او لجهة حلول الاستحقاق الحاسم برفع الدعم نهائياً عن المحروقات. ومع ان الجمود التام أحاط أمس بكل ما يتصل بعملية تأليف الحكومة عقب يوم صاخب من السجالات الحادة أعادت تسليط الضوء على طبيعة العلاقة التي تربط بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف #نجيب ميقاتي رغم كل مظاهر “الود” المعلنة بينهما، فإن الساعات الأخيرة تركت انطباعاً واضحاً بأن أي ضمان حاسم حيال إمكان تجاوز اخر عقبات التأليف لم يتوافر بعد بدليل عدم بروز أي معطيات على إمكان التوافق على عقد اللقاء الرابع عشر بين عون وميقاتي في مطلع الأسبوع المقبل.
ولكن معلومات حصلت عليها “النهار” ليل أمس، بدت كأنها تمهّد لحسم وشيك لتجربة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي سلباً او إيجاباً في مطلع الأسبوع المقبل. ذلك ان مصادر واسعة الاطلاع كشفت لـ”النهار” ان معطيات جديدة توافرت لديها عن اتجاه جديد لدى الرئيس ميقاتي الى طرح “حكومة انقاذ تنفيذية” تخرج البلاد من الازمة الكارثية وتتكون من 14 وزيرا هم بالاسماء كالاتي:
نجيب ميقاتي، تمام سلام، بهية الحريري، سليمان فرنجية، ابرهيم كنعان، جورج عدوان، ياسين جابر، محمد فنيش، جهاد مرتضى، وليد جنبلاط، اغوب بقرادونيان، فريد مكاري، الياس المر، غسان سلامة.
وفي هذه المعلومات ان ميقاتي يتجه الى طرح هذه التشكيلة على رئيس الجمهورية اول الأسبوع المقبل وانه في حال رفضها من عون، فان ميقاتي يتجه الى قلب الطاولة نهائياً من دون معرفة القرار الذي سيتخذه.
وإذا كانت المعلومات تؤكد ان وساطة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لم يسقطها السجال الساخن الأخير بين بعبدا والرئيس المكلف، وان ابرهيم ماض في “مكوكياته” بين الرئيسين، فان ثمة ما اثار الريبة في الدخول الاعتراضي على خط زيادة الارباكات في طريق عملية التأليف من مثل التشويش الذي اثاره اقحام او استدراج مسالة إبحار بواخر إيرانية لتزويد “حزب الله” بالمحروقات تحت زعم مساعدة #لبنان على تخطي الازمة فيما تعرضه الخطوة للعقوبات الأميركية. ولا تبدو الخطوة التي جرى الحديث عنها أمس حول توجه وفد وزاري وأمني واداري اليوم الى دمشق للشروع في فتح مفاوضات مع النظام السوري حول استجرار الغاز من مصر عبر الاْردن وسوريا الى لبنان سوى افتعال آخر استباقي من شأنه ان يزرع لغماً جاهزاً خطيراً امام حكومة الرئيس ميقاتي في حال تأليفها، الامر الذي يثير علامات الريبة الكبيرة حول مصدر هذا القرار وأهدافه الحقيقية لجهة عدم انتظار #تشكيل الحكومة الجديدة ما دام الحكم وغيره من القوى يتحدثون عن اقتراب الولادة في أي لحظة! ولم يعد ثمة شك في ان تعاقب الخطوات الاستباقية لفرض امر واقع على الحكومة سواء في خطوة استجرار المحروقات الإيرانية بقرار متفرد من “حزب الله” صمت عنه العهد والحكومة المستقيلة ومعظم القوى السياسية، او بالقيام بزيارة وفد وزراي وأمني وادراي اليوم لدمشق، انما يأتي في إطار محاصرة الحكومة الجديدة قبل ولادتها بكماشة إيرانية – سورية الامر الذي يرسم دلالات إضافية إقليمية لعملية تعقيد ولادة الحكومة وحمل الرئيس المكلف على التسليم بهذا الامر الواقع.
وافيد في هذا السياق ان وزيرة الدفاع والخارجية في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر ووزير الطاقة ريمون غجر ووزير المال غازي وزني والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم سيتوجهون اليوم الى دمشق للبحث في ملف استجرار الغاز من الاردن عبر سوريا. واشارت المعلومات الى ان الوفد اللبناني سيجتمع بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد.
وفي هذا السياق اوضح مصدر دبلوماسي غربي لمراسلة “النهار” رندة تقي الدين ان اي اتفاق بين مصر والاردن لتصدير الغاز الى لبنان عبر سوريا قد يتم التشاور عليه قبل ذلك مع الجانب الاميركي الذي لن يفاوض سوريا على هذا الاتفاق، ولكن نظرا للعقوبات الاميركية المرتبطة بقانون قيصر ينبغي ان تدخل رسوم المرور الى سوريا في اطار تمويل قضايا انسانية كي لا تقع تحت العقوبات المرتبطة بقانون قيصر. والجهة التي ستفاوض على ذلك هي الاردن ومصر بعد التشاور ثم التأييد من الجانب الاميركي من اجل مساعدة لبنان. وتجدر الاشارة الى ان مصر والاردن تستوردان الغاز الاسرائيلي وعندما يدخل الغاز في الانابيب لا يمكن ان يعرف جنسية الغاز اذا كان مصرياً او اسرائيلياً.
إيران
وسط هذه الاجواء، سُجل موقف ايراني لافت من مسألة النفط الايراني المرتقب وصوله الى بيروت اذ أكد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان أن “بلاده مستعدة لبيع وإرسال الوقود إلى لبنان، في حال طلبت الحكومة اللبنانية ذلك”. وشدد على استعداد بلاده لبيع منتجاتها النفطية لزبائنها الجدد، مضيفا أنه “في حال رغبت الحكومة اللبنانية والتجار اللبنانيون في شراء الوقود الإيراني، فإن طهران مستعدة لبيع وإرسال الوقود الى لبنان ولتزويده بالمزيد إذا ما ظهرت لديه حاجة لذلك”، معربا عن تأييد اقتراح الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله، والخاص بإنهاء هذه الأزمة ضد اللبنانيين مشيدا “بكسره الحصار الذي اصطنعه الكيان الصهيوني ضد الشعب اللبناني”. وذكر أن “لا توجد قيود في مجال توسيع العلاقات الثنائية مع لبنان، وفي دعم بلاده المستمر للحكومة والجيش والمقاومة”.
زحلة
وفي سياق متصل بازمة المحروقات تصاعدت أمس أصداء سلبية حيال ملاحقة رجل الاعمال الزحلي ابرهيم الصقر وشقيقه مارون في ملف تخزين البنزين من خلال محاصرة مزرعة الصقر في زحلة. وإذ سجل تحرك شعبي بعد الظهر استهدف منع توزيع الكميات المصادرة خارج نطاق زحلة وحصر توزيعها أولا بالمدينة، عقد النائب في كتلة الجمهورية القوية جورج عقيص مؤتمرا صحافيا حذر فيه مجددا من البعد السياسي لهذه الملاحقة واكد “أننا لسنا ضدّ إي إجراء يُتخذ بالقانون ضد الصقر، لكننا ضد تحول الملف لحملة سياسية ضد “القوات”، لافتاً إلى أنها “حملة سياسية تهدف إلى إلهاء الناس عن ملف التهريب”. وأشار الى ان هنالك حوالي 15 مليون ليتر تم ضبطها على الأرضي اللبنانية لكننا نسأل اليوم، هل تم الإفصاح عن هوية أي من المحتكرين باستثناء ابرهيم الصقر؟” وكشف أن “هناك تاجرا في محافظة لبنان الشمالي ضبطت لديه 5 ملايين ليتر من المحروقات، وكل ما اتخذ بحقه هو تعهد بتوزيع المحروقات على المحطات” كما جرى إطلاق موقوف في زحلة فيما ابقي مارون الصقر موقوفا. وقال “منعني جهاز أمني من التنقل بسيارتي في المدينة التي أمثلها، لكننا أكملنا سيراً على الأقدام ودخلنا إلى منزل الصقر، ورأيتهم بأم العين كيف يستخرجون المحروقات بوسائل أقل ما يقل عنها إنها بدائية، لذا وجود القوة الضاربة في زحلة ليس بهدف المحافظة على السلامة العامة إنما هي رسالة للقوات ولمدينة زحلة ولن نسمح لمعاملة أي من أبناء زحلة على انه مجرم”.
النهار