الأحد, نوفمبر 24
Banner

وضع اقتصادي كارثي في منطقة اليورو.. ديون تتخطى 100 % من الناتج وإغلاقات تقضي على آمال الانتعاش

تواجه منطقة اليورو وضعا اقتصاديا كارثيا جراء وباء كوفيد – 19، مع تسجيل انكماش كبير وارتفاع هائل في الديون، فيما الانتعاش سيكون أدنى من المرتقب، بحسب توقعات المفوضية الأوروبية الصادرة أمس، التي لا تشير إلى خروج سريع من الأزمة خاصة مع الإغلاقات التي ستشهدها المنطقة الفترة المقبلة.

ووفقا لـ”الفرنسية”، ترقبت المفوضية في توقعاتها الاقتصادية الأخيرة تراجع إجمالي الناتج الداخلي لمنطقة اليورو بنسبة 7.8 في المائة عام 2020، وهذا الانكماش أدنى من نسبة 8.7 في المائة، التي كانت متوقعة هذا الصيف، لكن الانتعاش المرتقب العام المقبل “+4.2 في المائة” سيكون أيضا أدنى بكثير من نسبة 6.1 في المائة، المتوقعة في الأساس.

ومرد هذا الوضع بحسب فالديس دومبروفسكيس نائب رئيس المفوضية هو “الموجة الثانية من الوباء” التي “تقضي على آمالنا بانتعاش سريع”. وترى المفوضية في الوقت الحاضر أن الاقتصاد “سيعود إلى مستوى ما قبل الوباء بالكاد عام 2022″، لكنها تشير إلى أن “نسبة الغموض المرتفعة” التي لا تزال تحيط بالاقتصاد تطرح “مخاطر بتدهور” آفاقه. وهي ترجح بالتالي عودة الوضع إلى طبيعته عام 2023.

وبين عوامل الغموض هذه وضع العلاقات التجارية المقبلة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، في وقت تجد فيه لندن وبروكسل صعوبة في التوصل إلى اتفاق يدخل حيز التنفيذ العام المقبل. ورأى دومبروفسكيس أن ذلك ينعكس بوضوح على آفاق اقتصاد الاتحاد الأوروبي.

وتنطلق المفوضية في توقعاتها من مبدأ أن المفاوضين لن يتمكنوا من التفاهم حول اتفاق تبادل حر، وإن كان الانكماش سيحل على اقتصاد جميع دول منطقة اليورو الـ19، فإن آثاره ستكون أشد على إسبانيا “-12.4” وإيطاليا “-9.9 في المائة” وفرنسا “-9.4 في المائة”.

أما ألمانيا، القوة الاقتصادية الأولى في المنطقة، فتمكنت من تقليص حجم التراجع مع توقع اقتصار الانكماش فيها على 5.6 في المائة، عام 2020.

وحملت هذه الصعوبات الاقتصادية الدول الأعضاء على الإنفاق بشكل طائل دعما للاقتصاد، ما انعكس على العجز في ميزانياتها العامة مع توقع اتساعه ليتخطى حتى 10 في المائة، في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا خلال العام الجاري.

وأوضح فالديس دومبروفسكيس نائب رئيس المفوضية أمس أن “الإنتاج الاقتصادي للاتحاد الأوروبي لن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة قبل 2022″، فيما أشارت المفوضية إلى أن المسار المجهول لجائحة كورونا والغموض المحيط بخروج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة يؤثران بصورة سلبية في التوقعات بشأن النمو.

وأعلنت المفوضية الأوروبية أمس، أن الدين العام في منطقة اليورو سيتخطى نسبة 100 في المائة، من إجمالي الناتج الداخلي عام 2020 بسبب النفقات التي تكبدتها الدول الأعضاء لدعم الاقتصاد في مواجهة تبعات وباء كوفيد – 19.

وأكدت أنه من المتوقع أن تصل ديون دول منطقة اليورو إلى 101.7 في المائة، من إجمالي ناتجها الداخلي هذا العام، على أن تستمر بالمستوى ذاته للعامين المقبلين. وسيسجل أعلى مستوى من الديون في اليونان “207.1 في المائة عام 2020” وإيطاليا “159.6 في المائة”، أما في فرنسا، فسيصل الدين إلى 115.9 في المائة، من إجمالي الناتج الداخلي في 2020 على أن يواصل الارتفاع في 2021 و2022.

إلى ذلك، أظهرت بيانات أمس، تراجع مبيعات التجزئة في منطقة اليورو بأكثر من المتوقع في أيلول (سبتمبر) بسبب انخفاض المشتريات في كل الفئات بعد ارتفاع حاد في المبيعات عبر الإنترنت ومبيعات الملابس في آب (أغسطس).

وتراجعت مبيعات التجزئة في الدول الـ19 التي تستخدم اليورو 2 في المائة، على أساس شهري في أيلول (سبتمبر) بينما سجلت زيادة 2.2 في المائة على أساس سنوي، وهو ما يقل عن توقعات الاقتصاديين بانخفاض شهري 1 في المائة وزيادة سنوية 2.8 في المائة.

وجاء هذا عقب ارتفاع 4.2 في المائة على أساس شهري وصعود 4.4 في المائة على أساس سنوي في آب (أغسطس). وتعطي الأرقام الجديدة صورة متباينة للربع الثالث من العام الذي شهد تخفيف قيود كوفيد – 19 في معظم دول الاتحاد الأوروبي، إذ حدثت قفزة في المبيعات في آب (أغسطس) جاءت وسط ضعفها في تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر).

والسبب الرئيس في تراجع مبيعات أيلول (سبتمبر) هو انخفاض مبيعات الملابس والمنسوجات 7.6 في المائة ونزول طلبيات الشراء عبر البريد والإنترنت 5.5 في المائة بعكس التوجه في آب (أغسطس).

أما على أساس سنوي، فقد شهدت مبيعات الملابس والمنسوجات أسوأ تراجع في حين شهدت مبيعات السلع الإلكترونية والأثاث والبضائع التي تُطلب بالبريد أو عبر الإنترنت أكبر ارتفاع.

وكانت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي قالت، في تصريحات سابقة، “إن تزايد الإصابات بكوفيد – 19 والإجراءات الحكومية لاحتواء الجائحة أديا إلى تدهور واضح في الآفاق الاقتصادية لمنطقة اليورو في الأجل القريب، لكن من المبكر جدا التكهن بأن الاقتصاد سينكمش في الربع الرابع”.

وأبقى البنك المركزي الأوروبي على سياسته بالغة التيسير دون تغيير، لكنه أشار إلى تقديم مزيد من الدعم في ديسمبر لاقتصاد منطقة اليورو، الذي يعاني في ظل موجة جديدة من جائحة فيروس كورونا.

وأبلغت لاجارد مؤتمرا صحافيا عقب اجتماع “للمركزي الأوروبي” أن بيانات النمو الاقتصادي للربع الثالث ربما تكون أفضل من المتوقع، لكن في شبه المؤكد أن الربع الرابع سيكون أقل من التوقعات، وفي نوفمبر سيكون “سلبيا جدا”. وأضافت أن “مدى السيطرة على الفيروس في الفترة من الآن إلى نهاية العام سيقرر إذا ما كان الربع الرابع سيسجل نموا إيجابيا أم سلبيا”.

وقالت “في حين إن إجراءات التحفيز التي اتخذها “المركزي الأوروبي” منذ آذار (مارس) ساعدت على دعم النشاط الاقتصادي، إلا أن المخاطر تميل بشكل واضح إلى ناحية التراجع”. وأضافت أن “توقعات جديدة للخبراء بشأن الاقتصاد الكلي ستصدر في ديسمبر، ستسمح للبنك بإجراء تقييم دقيق لإجراءات السياسة التي ينبغي اتخاذها”.

Comments are closed.