السبت, نوفمبر 23
Banner

النهار :‎ “‎الدولة” تصمت امام المزاعم المريبة لبشار

مع ان تراكم الازمات والاستحقاقات الداهمة والموروثة في لحظة انتظار جلاء الغموض ‏المريب في مسار تأليف الحكومة لا يجعل اللبنانيين يلتفتون الى كثير من “الغرائب” فان ‏هذا الواقع لا ينطبق على “الإطلالة” الأكثر اثارة للغرابة التي أتحف بها رئيس النظام ‏السوري بشار الأسد امس الرأي العام اللبناني والسوري . فالأسد الممتهن دوما ابتداع ‏الذرائع التي تبرر حربه على شعبه بالذات، بدا كأنه استنفد الكثير من إبداعاته السورية ‏فانبرى الى حيث لا يزال حنينه الأول، الى مسرح وصايته السابقة لبنان، ليطلق آخر ابتكارات ‏الذرائع المتعلقة بالانهيارات الاقتصادية والمالية التي تسببت بها حروبه ويرمي كرتها في ‏الملعب اللبناني. ولمن اسف شديد بل لمن غضب شديد ان أي رئيس او مسؤول او وزير ‏او هيئة مالية او مصرفية لم تتطوع للرد على الاقتحام السافر المجاني للأسد في مسالة ‏حساسة بما يمليه التعبير عن مأساة لبنان الذي تسببت بالكثير منها وقائع رزوح لبنان تحت ‏وطأة الأثقال والأعباء الهائلة التي تسببت بها الحرب السورية للبنان بدءا بعبء النازحين ‏ومرورا باكلاف التهريب المفتوح عبر الحدود الشرقية وانتهاء بأعباء تحمل الاقتصاد اللبناني ‏ما لا يحتمله من اسناد للاقتصاد السوري وليس العكس. فالأسد وبعد طول غياب “مباشر” ‏على الأقل عن المسرح اللبناني الداخلي، اختار ان تأتي “إطلالته” المفاجئة من الباب ‏المصرفي المالي كأنه لا يكفي لبنان واللبنانيين ما يعانونه من تداعيات ازمة الودائع ‏والانهيار المتدحرج منذ سنة ونيف. وفي شريط مسجل وزع على نطاق واسع بدا الأسد مع ‏زوجته أسماء يزوران معرض “منتجين 2020” في دمشق ليلقي من هناك تبعة احتجاز نحو ‏‏42 مليار دولار أميركي كودائع لسوريين في المصارف اللبنانية معتبرا ذلك من ابرز أسباب ‏الازمة الاقتصادية والمالية في سوريا. ويكتسب هذا الموقف دلالات سلبية توجب الرد ‏اللبناني الرسمي والمصرفي عليه لجهة انه اطلق رقما غير دقيق وغير جدي بدليل انه اكد ‏بنفسه ان الرقم يراوح بحسب “ما يقال” بين 20 مليار دولار و42 مليار دولار. حتى ان الأسد ‏برأ العقوبات الأميركية وقانون قيصر والحصار على نظامه ليرمي كرة افلاسه لبلاده في ‏مرمى المصارف اللبنانية بما يكشف نواياه للسطو على بقايا العافية المالية اللبنانية اذا ‏تمكن الى ذلك سبيلا علما انه مع السرية المصرفية اللبنانية يستحيل معرفة حجم الودائع ‏السورية الحقيقية أولا ثم ان معظم الودائع السورية في لبنان تصنف في خانة الأموال ‏الهاربة من النظام السوري نفسه وما تسبب به لشعبه. وفي كل الأحوال فان الامر الذي ‏يوجب رد الدولة اللبنانية (ان وجدت) عليه بأسرع ما يمكن‎
‎ ‎
المسار المشلول ؟
في أي حال لم تأت هذه الإطلالة الأسدية من فراغ اذ ربما تكون استغلت التخبيص الرسمي ‏الحاصل في التعامل مع موضوع التدقيق الجنائي لتزيد التشويش على المشهد الداخلي ‏فيما تغيب كل معالم التحركات على مسار تأليف الحكومة الجديدة بما يثير الدهشة حيال ‏‏”اختفاء” كل التحركات منذ أيام. فعلى الأقل علنا وظاهريا تحكم شلل غير مسبوق بمسار ‏تأليف الحكومة بحيث بدت كل محركات الاتصالات والمشاورات خامدة تماما وانعدمت ‏حركة اللقاءات لا سيما على خط بعبدا. ولفتت في هذا السياق مواقف اشتراكية عبر عن ‏أولها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من خلال تغريدة ساخرة وخاطفة كتب ‏عبرها “وزارة الاختصاصيين تزداد وضوحا في كل يوم‎ “.‎
‎ ‎
ثم أعقب ذلك تصريح لعضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” وائل بو فاعور عبر “النهار” قال فيه ‏ان “رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يسعى جهده لاخراج حكومة مختصة تعالج المأزق ‏الاقتصادي لكنه لا يلاقي تجاوبا من فريق رئيس الجمهورية الذي يريد فرض شروطه ‏وشروط حلفائه وهناك محاولة للتملص من الالتزامات تجاه المبادرة الفرنسية‎ ‎
‎ ‎
اما ملف التدقيق الجنائي فبدا انه اخضع لتسوية بين اهل السلطة ومصرف لبنان من جهة ‏وبين الدولة وشركة “الفاريز ومارسال” من جهة أخرى قضت بتمديد مهلة تقديم الدولة ‏اللبنانية المستندات والملفات العائدة لحسابات مصرف لبنان الى الشركة لمدة ثلاثة اشهر ‏إضافية تتعهد الدولة بعدها تسليم كامل المستندات. وجاء ذلك بعد اجتماع عقد في قصر ‏بعبدا وضم رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان ‏رياض سلامة ومدير شركة “الفاريز ومارسال” دانيال جيمس . ومن ثم عقد اجتماع في ‏السرايا برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب خصص للبحث في المخرج الذي ‏يكفل تسليم المستندات من دون مخالفة قانون السرية المصرفية ويبدو انه جرى التوافق ‏على ان توجه وزارة المال كتابا رسميا الى مصرف لبنان لتزويدها المستندات المتعلقة ‏بحسابات الدولة بحيث ترفع المسؤولية عن المصرف في موضوع السرية‎.‎
‎ ‎
انفجار المرفأ
من جهة ثانية، ظهرت بوضوح في اليومين الماضيين تداعيات انفجار المرفأ على العائلات ‏التي لم تتمكن بعد من اصلاح منازلها مع بدء موسم الشتاء، وفي هذا الاطار أكد عضو ‏كتلة “الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم أن “الأمور تتراكم كثيرا، والدولة غائبة تماما”، ‏مشددا على “حق المتضررين والضحايا من انفجار مرفأ بيروت في معرفة الحق ومسبب ‏الانفجار”، وقال: “بعد الانفجار، طالبنا، كما غيرنا، وشهدنا عرائض كثيرة تطالب بلجنة تقصي ‏حقائق دولية، وتم الاعتراض على الموضوع لأن النتيجة ستظهر بعد 5 أيام. وعندما سألنا ‏منذ شهر عن التحقيق قيل لنا إنه تحقيق إداري‎”.‎

Comments are closed.