لم يعد اللبنانيّون يصدّقون الأجواء الإيجابية المفتعلة والمصطنعة لغاياتٍ في نفس يعقوب حول عملية تشكيل الحكومة. وهم باتوا يعلمون أنّ المعلومات التي تدور وتصدر عن الكواليس لا تتعدى ملعب الدعاية الإعلامية لغايات سياسية. وقبل أسبوع، تم إطلاق إشاعات مفادها أنّ يوم الجمعة على أبعد تقدير سيكون للبنان حكومة، ومن ثمّ ظهرت العقد واستمر الفراغ على ما هو عليه. وفي اليومين الأخيرين، أُشيع عن قرب التأليف أيضاً، لكن المؤشّرات لا توحي بذلك.
فبعد أن كانت حقيبة الداخلية هي العقدة الأساس، تبدّل مكان العقدة مع تبدّل الأيام، فصارت حقيبة العدل هي العقدة، ومن ثم حقيبة الشؤون الاجتماعية. أمّا اليوم، فإنّ العقدة الأساس تكمن في وزارة الاقتصاد. جميعها عقد فارغة وحجج واهية يستخدمها المعنيّون لتبرير تأخير تشكيل الحكومة وتقاذف مسؤوليات التعطيل، في حين أنّ العراقيل في مكانٍ آخر.
رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بدا متشائماً في هذا السياق، واعتبر أنّه لم يعد ينفع إلّا الدعاء. تصريح بري يشير إلى أنّ محرّكاته عادت وانطفأت مرةً جديدة ليقينه بأنّ العراقيل باتت أقوى من أي مبادرات أو وساطات. وثمة رغبة مبيّتة بعدم تشكيل الحكومة إلّا وفق شروط معيّنة تناسب الحسابات السياسية، بعيداً عن أي حسابات وطنية تعنى باللبنانيّين الذين فقدوا مختلف مقومات العيِش.
عضو تكتّل الوسط المستقل، النائب نقولا نحاس، لفت في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، إلى أنّ المحادثات بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي قائمة ومستمرة، والإيجابية التي يتم الحديث عنها لا تعني أن الملف وصل إلى خواتيمه، بل أن منحى المشاورات يتّجه نحو التطور، وليس باتجاه انسداد الأفق”.
وحول احتمال توجّه ميقاتي للاعتذار في حال استمرار المراوحة، اعتبر نحاس أنّ، “لكل لحظةٍ حساباتها”.
من جهته، بدا عضو تكتّل “لبنان القوي”، النائب مصطفى حسين، أكثر تفاؤلاً، ورأى أنّ “الأجواء الحكومية جيّدة، ومن المرتقب ولادة الحكومة في غضون 24 أو 48 ساعة”، معتبراً أن “وضع البلد ليس جيّداً، ولا تحتمل الأحوال تأخيراً في تشكيل الحكومة”.
وفي اتّصال مع “الأنباء”، أشار حسين إلى أنّ “العقد ليست كما تظهر في الواقع، وقد تكون أكبر وأصغر مما يُحكى عنه. لكن وحينما نشهد حلحلةً خارجية وانفتاحاً، تصبح الأمور في الداخل أسهل”.
على خطٍ آخر، انتهت فترة الحلول المؤقتة، وعادت أزمة المحروقات لتطل برأسها. والإعلان عن انتهاء الأموال المخصّصة لاستيراد المحروقات وقع كالصاعقة على اللبنانيّين الخائفين على مصيرهم في ظل غياب لأي حلول بديلة، والمتسائلين عن مصير الأموال التي لم يروا منها إلّا القليل، والتي كان الأجدى توجيهها في إطار دعم مباشر لسائقي النقل العمومي، أو النقل المشترك.
عضو نقابة أصحاب المحطات، جورج البراكس، كشف أنّ، “التوجّه سيكون لرفع الدعم منتصف الشهر الحالي، إذ لا أرى أنّ الكميات ستكفي حتى آخر أيلول، كما حُكي سابقاً. فالأموال انتهت، ومصرف لبنان لا يوافق على طلبات فتح اعتمادات”.
وفي حديثٍ مع “الأنباء” الإلكترونية، لفت إلى خيارين لا ثالث لهما لحل أزمة شح المحروقات، “إمّا الانتقال إلى الاستيراد وفق سعر السوق السوداء، على أن يؤمن مصرف لبنان الدولارات، وعندها ترتفع الأسعار، وهذا ما يُرجّح أن يحصل؛ أو يتم تحرير الاستيراد، ما معناه أن تستورد الشركات الخاصة المحروقات دون العودة إلى مصرف لبنان، وهذا الأمر يحتاج إلى آليات استيراد وتسعير، ومن المستبعد حالياً الذهاب في هذا الاتجاه بما يتعلق بالبنزين، أما المازوت، فان بعض المؤسّسات بدأت بالاستيراد مباشرةً، كمؤسّسات القطاع السياحي”.
الأنباء