السبت, نوفمبر 23
Banner

الديار: «الكمائن» السياسية والاقتصادية تفرمل الحكومة: الحريري «غائب عن السمع»

الفضائح اللبنانية لا تنتهي فصولا، فالدولة الغارقة في مياه «الشتوة» الاولى، والتائهة في تحقيق المرفأ، «والمتآمرة» على التدقيق الجنائي الذي ولد ميتا،والباحثة عن رئيس مكلف «خرج ولم يعد» الى القصر الجمهوري، قدمت نموذجا فضائحيا جديدا للدول المانحة عن الاهمال والاستهتار، حيث لم تتمكن من الحفاظ على بضعة اطنان من الطحين العراقي الموهوب للشعب اللبناني، وسط ضياع للمسؤوليات وغياب المسؤولين حيث ستنتهي القصة كالعادة دون متورطين، ولن يحاسب احد… حكوميا، عطلت لعبة «الكمائن» المتبادلة مسار التاليف، بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى معادلة اسقاط الوزارات على الطوائف دون التشاور مع القوى السياسية، فيما تتحدث المعلومات عن شعور لدى «بيت الوسط» بمحاولة تطويق مسبقة لمشروعه الاقتصادي عبر الزامه باتخاذ سياسات متشددة مع حاكم مصرف لبنان، انطلاقا من «التدقيق الجنائي» الذي لن يقف عند المصرف المركزي وسيمتد الى ملفات عديدة لا يوافق الحريري على مقاربتها على نحو غير «مدروس». كما ان قرار السلطة السياسية المشاركة في مؤتمر النازحين المزمع عقده في دمشق عبر كلمة لوزير الخارجية من خلال «الفيديو كول»، يعتبرها الحريري مقدمة لتكبيله في السياسة الخارجية.. كل هذا يحصل فيما التقويم الاسرائيلي للوضع اللبناني سلبي للغاية وسط توقعات بفوضى شاملة لا تناسب اسرائيل لانها ستعزز من قوة حزب الله على الساحة اللبنانية.

«خرج ولم يعد»؟

حكوميا، لم تشهد الساعات القليلة الماضية اي جديد،لا لقاءات او اتصالات سجلت امس، والجميع يبحث عن رئيس الحكومة سعد الحريري، «الغائب عن السمع» فهو خرج قبل ايام من بعبدا ولم يعد، دون تقديم اي اعذار منطقية لقطع «حبل» التواصل مع رئيس الجمهورية، كما تقول مصادر مقربة من الرئاسة الاولى، وسط استمرار الخلافات مع الرئيس على «كل شيء»، بعدما بدأت التسريبات تبرز تناقضات كبيرة بين الجانبين اطاحت بكل الاجواء التفاؤلية المصطنعة التي سادت خلال الايام القليلة الماضية، دون ان يتضح بعد اسباب تجميد الحريري لمحركاته، وسط تخمينات وترجيحات منها ما يرتبط بمناخات دولية واقليمية «مبهمة»، وسط محاولة منه للضغط على الاطراف الداخلية لدفعها الى تقديم تنازات، في ظل تسريبات عن توجهات لديه الى «مكاشفة» الراي العام بمسار التاليف، اذا لم تحصل حلحلة على خط التاليف قبل نهاية الاسبوع الحالي..

«عض الاصابع» مستمر

وفيما نفى رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجيّة عبر تويتر كل ما يُنسب الى تيار المردة في الصحف ووسائل الاعلام حول مطالبته بحقائب وزارية معتبرا انه كلام لا أساس له من الصحة، مشيرا انه لم يطلب وحين يتمّ التواصل معه يبني على الشيء مقتضاه»…لم يفتح الحريري اي قنوات اتصال جانبية لتجاوز المطبات مع بعبدا، فهو لم يتواصل مع الرئيس نبيه بري، ولم يقدم اجوبة لـ «حارة حريك» حول اسئلة تتعلق بمشروع الحكومة الاقتصادي، كما غاب التنسيق مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي غرد عبر حسابه على «تويتر»، ساخرا : وزارة الاخصائيين تزداد وضوحا في كل يوم، مرفقا تغريدته بصورة شديدة التعقيد!

وفي هذا السياق، تشير اوساط مطلعة الى ان لعبة «عض الاصابع» مستمرة بين «بيت الوسط» و«ميرنا الشالوحي»، وكان رئيس الجمهورية ينتظر من الحريري ان يحمل معه الى بعبدا مسودة تشكيلة حكومية يراعي فيها التوازنات، ومبدا المداورة الشاملة، لكن الحريري بات يضع فيتوات على أسماء يطرحها رئيس الجمهورية ويضع له شروطاً على الحقائب، خصوصا المسيحية، ووفقا للمعلومات فان الرئيس المكلف يتخبط في طروحاته وهو يسوق ضمن دائرته الخاصة انه لم يوافق على منح رئيس الجمهورية، الوزارات الامنية، ولم يعد متحمسا لاجراء تسوية تعطي وزارة الطاقة الى شخصية مقربة منه ومن الوزير جبران باسيل!.

تقويم اسرائيلي سلبي

في هذا الوقت، وفيما كانت اسرائيل تعيد حساباتها في ضوء انقلاب المشهد الانتخابي الاميركي لصالح جو بايدن، في ظل اقرار بان بنيامين نتانياهو وحلفاءه العرب الجدد سوف يتقدمون الخاسرين في المنطقة والعالم بعدما وضعوا «البيض» في «سلة» دونالد ترامب، حضرت الساحة اللبنانية بقوة على «طاولة» النقاشات الداخلية في ظل تقييم متشائم حيال تحول لبنان الى دولة فاشلة، بعد عام من الاحداث والتطورات التي زادها الحصار الدولي وخصوصا الاميركي سوءا، ووفقا لتقارير اعلامية اسرائيلية لا يبدو ان ثمة امل في خروج لبنان من الازمة الراهنة، ووفقا لتقديرات المراكز الاستخبارتية فان القيادة السياسية الفاسدة حافظت على مكتسباتها وبقيت كما هي – بمن فيهم رئيس الحكومة الحريري الذي استقال في بداية الثورة، ولكنه تسلم مؤخراً كتاب التعيين لتشكيل حكومة جديدة، حيث ظل وعده بإجراء إصلاحات بروح «المبادرة الفرنسية» بحاجة إلى إثبات!.

اعادة الاستقرار ضروري!

لكن اللافت في التقديرات الاسرائيلية، التسليم بان الطريق طويلة لتحقيق اي تغيير في لبنان، وهذا ما دفع بالاجهزة المعنية بالملف اللبناني الى رفع توصيات بأخذ دور غير مباشر لتغيير النهج الغربي وخصوصا الاميركي لإعادة الاستقرار الى الساحة اللبنانية، واختيار طرق مختلفة لتقليص تأثير نفوذ حزب الله وتحييد الأخطار الذي يخلقها لإسرائيل.

حزب الله يدير التفاوض

وفي هذا السياق، تعتقد اسرائيل ان حزب الله لا يزال الطرف الرئيسي الذي يعمل من خلف الكواليس في إدارة المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية، حيث يملك التأثير على كل عملية لا تتساوق مع مصالحه، وهو سيحرص على ألا تنحرف المفاوضات عن هدفها وتتحول إلى بيئة خصبة لاتصالات سياسية مع إسرائيل، فيما يحرص على إبقاء التوتر الأمني مع وعده بالانتقام لمقتل احد عناصره في سوريا في شهر تموز، كجزء من سياسته لترسيخ معادلة الردع وهو في هذه المرحلة، ينتظر الوقت المناسب لتنفيذ تهديده، وهي عملية قد توسع دائرة المواجهة.

لا مصلحة «بدولة فاشلة»؟

اما لماذا على اسرائيل عدم السماح بتحول لبنان الى دولة فاشلة، تتوقع تقديرات مراكز القرار الامني في اسرائيل ان عدم النجاح في تشكيل حكومة فاعلة، وعدم اعادة الاستقرار على نحو تدريجي، سيؤدي الى حرب أهلية وفوضى ستتسبب باتساع أحداث العنف، مع ترجيح احتمال سيطرة حزب الله على الدولة، وهذا هو السيناريو الاسوأ لاسرائيل التي لها مصلحة في تقليص نفوذ الحزب، لكن مع الحفاظ على الاسقرار اللبناني بعيدا عن الفوضى على الحدود، ولهذا ستكون الاستراتيجية الاسرائيلية المقبلة مزيج من حث الدول الغربية على تقديم المساعدات الاقتصادية للبنان مع استمرار بذل الجهود لتقييد سيطرة حزب الله ومنعه من ملء مخازنه بصواريخ دقيقة، ومنعه كذلك من انشاء بنية تحتية في هضبة الجولان، مع استمرار العمل لعزله سياسيا على الساحة الدولية، واعتباره تنظيماً «إرهابياً» دولياً..!

«انعاش» التدقيق الجنائي؟

في غضون ذلك، تحركت السلطات الرسمية لمحاولة انعاش «التدقيق الجنائي» الذي اصطدم بتمنع مصرف لبنان عن تسليم اجوبته لشركة «الفاريز اند مارسال» متسلحا بقانون السرية المصرفية، وقد اعلن وزير المال غازي وزني عن تمديد المهلة المحددة لتسليم المستندات المطلوبة مدة 3 اشهر، وذلك عقب لقاء جمعه مع الرئيس ميشال عون ومدير الشركة المولجة بالتدقيق دانيال جيمس، في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقد دعا الرئيس عون إلى «ضرورة التزام الحكومة إجراء التدقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان لأهمية هذه الخطوة في مجال الإصلاحات الضرورية».

وبحسب اوساط مطلعة، اكد جيمس ان المعلومات التي حصلت عليها الشركة، رداً على الأسئلة التي طلبتها في المرة الأولى، لم تكن كافية، في حين أنها لم تتلق أي اجابة عن طلبها الثاني، ما أدى إلى الوصول إلى طريق مسدود، يستدعي منها الانسحاب، لكن تعهدات الرئيس عون ادت الى اقناع الشركة بتمديد المهلة لمرة واحدة..

سلامة يتمسك بموقفه!

وبعد الظهر التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب سلامة في السراي الحكومي، بحضور وزيرة العدل ووزير المال،ووفقا للمعلومات اكد حاكم مصرف لبنان انه قدّم ما يسمح له القانون بان يقدمه من مستندات الى شركة التدقيق،وقد جدد سلامة المطالبة بان تقوم كل مؤسسة حكومية أو معنية بالتقدم بطلب رفع السرية عن حساباتها، فيما اكد له دياب ان قرار التدقيق صدر عن الحكومة اللبنانية، وهيئة الاستشارات منحته الاذن بذلك؟ فلماذا لا ينفذ؟ وبقي السؤال دون اجابة، خصوصا ان حاكم مصرف لبنان يؤكد ان استشارة هيئة التشريع غير ملزمة.

وقد أوضح وزني بعد انتهاء الاجتماع المالي أن «ما يجري هو درس مفهوم السريّة المصرفية والعمليات المالية التي تخضع لهذا القانون، لتمكين مصرف لبنان من تسليم كل المستندات المطلوبة من شركة التدقيق الجنائي. من جهتها، قالت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم من السراي: على حاكم مصرف لبنان أن ينفذ قرارات الحكومة أو أن يبرّر رسمياً للحكومة وللرأي العام سبب عدم تجاوبه معها. هناك فجوة كبيرة في حسابات المصرف، وقالت : نريد أن نعلم أين ذهبت ودائع الناس؟

ووفقا لاوساط نيابية بارزة، لا شيء يطمئن الى ان المهلة الجديدة يمكن ان تعيد انعاش التدقيق الجنائي الذي يسعى الكثيرون الى «دفنه»، وهو امر قد يتعزز اذا ما نجح الرئيس الحريري في تشكيل حكومة جديدة، وهو غير متحمس لهذه الخطوة، ولذلك لن يكون الحل الا بتعديل قانون في مجلس النواب لقانون النقد والتسليف لتجميد السرية المصرفية او الغائها..

لبنان ومؤتمر دمشق

وفي موقف لبناني لافت، اكدت اوساط وزارية «للديار» انه جرى ابلاغ الوفد الروسي الذي زار لبنان مؤخرا انه جرى التوافق بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على مشاركة وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة شربل وهبة عبر «الفيديو كول» في مؤتمر النازحين السوريين المرجح انعقاده في العاصمة السورية دمشق منتصف الشهر الجاري، اذا لم يجر تاجيل موعده في الايام المقبلة، وسط احتمالات بنقله الى كازاخستان، بعدما حرضت الولايات المتحدة الدول على مقاطعته .

إلحاح روسي

ووفقا لتلك الاوساط، جاءت الموافقة اللبنانية بناء على الحاح روسي على المسؤولين اللبنانيين لعدم تفويت هذه الفرصة وتجنب ارسال اشارات سلبية في هذا الملف الشديد الحساسية بالنسبة الى لبنان الذي يعاني من ازمة كبيرة في استيعاب النازحين على اراضيه، وبعد التشاور مع دول الجوار تقرر ان يشارك لبنان في المؤتمر عبر سفيره في دمشق، فيما يلقي وهبة الكلمة الرسمية عبر «الفيديو كول»، وعلم في هذا السياق، ان الاردن والعراق قررا ايضا المشاركة عبر الطريقة نفسها،وهو ما اعتبرته بيروت مؤشرا على نية دول اقليمية فاعلة للانفتاح على دمشق «ومسايرة» الجانب الروسي،ولهذا تم اتخاذ القرار برفع المستوى التمثيلي على ان تتم متابعة ملف اللاجئين على الاراضي اللبنانية مع موسكو بعد المؤتمر، لايجاد آليات واضحة لعودتهم الى بلادهم، وهذا الامر يتطلب، مقاربة مختلفة من الامم المتحدة، وهو امر ستتولاه روسيا في الامم المتحدة، كما يتطلب تزخيم العلاقة بين بيروت ودمشق ورفع مستوى التعاون القائم الان من خلال قناة امنية يتولاها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الى مستوى سياسي رفيع لمحاولة ترتيب عودة آمنة بالتفاهم بين الجانبين وبرعاية روسية، وهو امر يحتاج الى حكومة مكتملة العناصر وليس حكومة تصريف اعمال، وهنا ثمة علامات استفهام كثيرة تطرحها المصادر نفسها حيال مقاربة الرئيس سعد الحريري لهذا الملف اذا ما نجح في تشكيل حكومته العتيدة، خصوصا ان مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان سبق ونعى المؤتمر وتوقع تاجيله، فهل سيكون الحريري منفتحا على العلاقة مع سوريا من «بوابة» اللاجئين؟ وهل سيواكب العودة الخليجية التدريجية الى هناك؟ ام سيكون عليه انتظار اكتمال التفاهمات بين الرياض والنظام السوري؟

منعطف خطير صحيا

صحيا، سجل «كورونا» رقما قياسيا حيث اعلنت وزارة الصحة تسجيل 2089 اصابة جديدة بفيروس كورونا في الساعات الـ 24 الماضية و7وفيات، ووسط تخبط رسمي في مواجهة الوباء، أوضح مدير «مستشفى رفيق الحريري الجامعي الحكومي» فراس الأبيض أن نسبة الاصابات 400 حالة لكل مئة الف نسمة، وهذا رقم قياسي جديد»، مشيراً الى أن «وصول المطر وانخفاض درجات الحرارة يفرض انتقال حركة المجتمع الى الاماكن المغلقة، ويصاحب ذلك غالباً ارتفاعاً اكبر في معدلات الاصابة بالعدوى، وهو ما نشهده حالياً في اوروبا واميركا.

Comments are closed.