بولا أسطيح – الشرق الأوسط
ينظر كثيرون من اللبنانيين إلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الجديدة كخشبة خلاص أتت تنتشلهم من الانهيار الكلي، وتضع حداً لحالة التحلل التي دخلت فيها مؤسسات الدولة منذ مدة، فيما لا يرى البعض الآخر فيها إلا استنساخاً للحكومات المتعاقبة التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه.
وبغض النظر عما إذا كانت هذه الحكومة ستكرر تجارب ماضية، أم ستقدم تجربة جديدة على صعيد العمل الوزاري على عتبة الاستحقاق النيابي، ففي الحالتين يمكن الحديث عن 3 مهام رئيسية تنتظرها؛ الأولى وقف الانهيار والحد من تفاقم الأزمات، الثانية إطلاق المفاوضات مجدداً مع صندوق النقد الدولي لإدخال عملات أجنبية إلى البلد، والثالثة إدارة الانتخابات النيابية والحرص على إنجازها في موعدها.
ويعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، أن «على الحكومة البدء سريعاً بمواجهة الأزمة المستفحلة على جميع الأصعدة، وأن تقوم بإدارة مسؤولة لها، وأن تبدأ بوضع الحلول لها»، لافتاً إلى أن «الأكثر إلحاحاً هو البدء بالمفاوضات مع الجهات الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي، لاستجلاب المساندة في السيولة بالعملة الصعبة لوقف الانهيار الحاصل وتأمين تمويل للاستيراد، بالتزامن مع تحديث الخطة الإصلاحية المالية وإقرارها وبدء تنفيذها».
وعما إذا كانت ستكون قادرة على التخفيف من مآسي وأزمات اللبنانيين وإنقاذ العام الأخير من عهد الرئيس عون، يقول النائب عون لـ«الشرق الأوسط»، «آمل هذا الشيء وهو متاح فيما إذا صدقت النيات الدولية بمساعدة لبنان والنيات الداخلية بإقرار الإصلاحات. بالنهاية لا شك أن لا أحد يملك عصاً سحرية، والأزمة عميقة جداً، ولكن مجموعة خطوات إنقاذية وسريعة تقوم بها الحكومة ستكون نتائجها أفضل وأفعل بكثير من المراوحة القاتلة والانهيار السريع الذي نعيشه اليوم بسببها».
ويستبعد عون تطيير الانتخابات، لافتاً إلى أنها ستشكل «مجازفة بالاستقرار الذي ستساهم الحكومة بعودته. أرى بالعكس أن عودة الأمور إلى نصابها حكومياً، والتحسن المتوقع في الأزمة سينعكس إيجاباً على كل الاستحقاقات المقبلة».
من جهته، يشدد النائب عن «الحزب التقدمي الاشتراكي» بلال عبد الله، على أن أولوية الأولويات بالنسبة للحكومة الجديدة يجب أن تكون «وقف الانهيار الاقتصادي – الاجتماعي عبر سلسلة إجراءات إصلاحية سريعة وإطلاق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية المقرضة لانتشال الاقتصاد، إضافة لإعادة هيكلة المصارف وإقرار خطة اقتصادية مالية إنقاذية لما لذلك من تداعيات اجتماعية كبيرة»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المهمة الثانية يجب أن تتركز على إعادة إعمار بيروت والمرفأ. أما المهمة الثالثة فتقتضي تأمين الحد الأدنى من الانفتاح اللبناني، وإخراج البلد من العزلة من خلال إعادة وصل الأمور المنقطعة مع العالم العربي والمجتمع الدولي إحياءً لدور لبنان المعتدل والمنفتح على كافة دول العالم»، مضيفاً: «أما الانتخابات النيابية فتحصيل حاصل، ولا يجب أن تؤجل بأي شكل من الأشكال، وهي ستكون من المهمات الأساسية لهذه الحكومة».
أما الأستاذ الجامعي في العلوم السياسية ميشال دويهي، فلا يعلق أي آمال على الحكومة الجديدة، إذ يعتبرها «حكومة منظومة الحكم التي يديرها (حزب الله)، والتي تشكلت تحت ضغوط هائلة، سواء لجهة الانهيار الاقتصادي أو ضغط غربي فرنسي كما ضغط إيراني».
ويشير دويهي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المنظومة تقول من خلال التشكيلة الجديدة، هذه حكومتي من دون مواربة بعكس ما كان حاصلاً مع حكومة حسان دياب، فالأحزاب اختارت بشكل علني ومباشر الشخصيات وإن كانت طعمتها بخبراء». ويضيف: «تسعى هذه المنظومة من خلال هذه الحكومة لالتقاط النفس مجدداً.
هي ستحاول تصويرها كحكومة إنقاذ من خلال القول إنها نجحت مثلاً بتخفيض سعر صرف الدولار، وقامت بإصلاح بسيط هنا، وأطلقت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ما قد يؤدي لتهدئة الوضع الاقتصادي، لكنها بالحقيقة عاجزة عن القيام بالإصلاحات الكبيرة المطلوبة لأنها تضر بمصالح المنظومة».
وينبه دويهي إلى أن «الحكومة الجديدة ستطلب من اللبنانيين أن يعطوها فرصة، لكن علينا عدم إضاعة البوصلة، لأن الإنقاذ لا يمكن أن يحصل على أيدي من أوصلوا البلد إلى ما وصل إليه، خصوصاً أن هذه الحكومة أخطر علينا من حكومة حسان دياب».