مضى على انطلاق الحكومة رسمياً قرابة الشهر، وقد شارفت فترة السماح على الانتهاء، وبات من الضروري البدء باتخاذ الإجراءات التي من شأنها الحد من تداعيات الانهيار، وصولاً إلى محاولة إيقافه. وفي هذا السياق يأتي تحرك بعض الوزراء ضمن اختصاصات وزاراتهم في محاولات لإيجاد الحلول الفورية لحل الأزمات المتراكمة، والتي تحتاج إلى اقتراحات عملانية بشكل سريع لتسيير أمور المواطنين، إلّا أنّ الحلول المستدامة يجب أن لا تغفل أيضاً عن هؤلاء الوزراء، وإن كان عمر حكومتهم قصيراً.
في هذا المجال، توجّه وزير الطاقة على رأس وفد إلى مصر من أجل البحث في ملف استجرار الغاز إلى لبنان، على أن يعود ويذهب إلى الأردن لعرض استقدام الطاقة الكهربائية. حتى الآن، هي حركة دون بركة، خصوصاً وأنّ أي تفاصيل لم يتم الإعلان عنها حول العقود، أو الاتفاقيات التي تُبرم مع هذه الدول، ما يزيد من حجم الشكوك والالتباسات، ويُقلق لجهة إخفاء أي تفاصيل مشبوهة.
مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة، غسان بيضون، لفت إلى أنّ “معملَي دير عمار والزهراني يعملان على الغاز، وبالتالي يمكن الاستفادة من هذه المعامل بعد استقدام الكميات، مع العلم أن معمل دير عمار يحتاج إلى 600 مليون متر مكعّب من الغاز”.
وفي حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، أوضح بيضون أنّ، “عدد ساعات التغذية يرتبط بتشغيل معامل أخرى مع المعامل التي تعمل على الغاز. إذ أنّ هذه المعامل لا يمكنها أن تغذّي لبنان بأكمله، ومن المتوقع أن تزيد التغذية الكهربائية قرابة الـ3 ساعات”.
وذكر بيضون أنّ، “العملية ستؤدي إلى توفير أعباء مالية على الدولة اللبنانية، إذ يوفر لبنان 150 مليون دولار في حال تم استقدام الغاز بدل الديزل، (وفق كمية 600 مليون متر مكعب) و200 مليون دولار بدل الفيول الأويل، وبالتالي العملية مربحة، وستؤدي إلى خفض قيمة الفاتورة”.
لكن بيضون أشار إلى أنّ، “العقد غير واضح حتى الآن، وما زالت الشروط مجهولة، لكنّه يمكن أن يكون حلاً مستداماً ولفترة سنوات قابلة للتجديد”، إلّا أنّه كشف أنّ، “لبنان لن يستقدم الغاز من مصر مباشرة، بل الحديث حالياً عن استفادة سوريا من الغاز المصري، على أن تصدّر الأخيرة غازاً سورياً إلى لبنان في سياق الصفقة المذكورة”.
على خطٍ آخر، تواصل لبنان عبر وزارة المالية رسمياً مع صندوق النقد الدولي بهدف إطلاق مفاوضات للاتفاق على برنامج واقتراض مبلغ من المال لبدء مرحلة التعافي، وإعادة لبنان إلى السكة الصحيحة.
في هذا الإطار، شدّد مدير أنظمة الدفع سابقاً في مصرف لبنان، رمزي حمادة، إلى أنّ، “أولى الخطوات قبل مفاوضة صندوق النقد وضع الحكومة رؤية واضحة لجهة الأزمات التي يعاني منها لبنان، وبدء ورشة إصلاحات في مختلف القطاعات. ومن جهته، يطرح الصندوق برامجه وأساليبه لحل الأزمات، على أن يختار لبنان البرنامج الأمثل له، إلّا أن غياب أي رؤية، وعدم تحديد الخسائر وتوحيد الأرقام يعني تكرار سيناريو حكومة حسان دياب”.
وفي اتصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت إلى أنّ، “لبنان يحتاج إلى إصلاحات جوهرية، بدءاً من ملف الكهرباء ومعالجة الهدر الذي وصل إلى 50%، مروراً بوقف التهريب وضبط المعابر، كما وإقرار الكابيتال كونترول، ووقف ما تبقى من الدعم الفوضوي، وغيرها من الخطوات وصولاً إلى تصحيح مالية الدولة بشكل عام، إذ أنّ إدارة مالية الدولة كانت خاطئة على مدى سنوات، وبالتالي وجب تصحيحها”.
وتحدّث حمادة عن أهمية تعاون الحكومة مع المصرف المركزي، لافتاً إلى أنّ، “محادثات يجب أن يتم إطلاقها بين الطرفين للاتفاق على رؤية موحدة وتوحيد الأرقام، إذ لا يمكن التوجه نحو صندوق النقد دون الاتفاق مع مصرف لبنان، مع العلم أن الصندوق حاضر للمساعدة متى طلبتها الدولة، إلّا أن شروطه تتطلب إجراءات إصلاحية سريعة من الحكومة، إذ لا يمكن مثلاً تعويم سعر الصرف دون إصلاحات قطاع الكهرباء”.
الأنباء