رنى سعرتي – الجمهورية
بعدما كان حجم التداول على منصّة «صيرفة» التابعة لمصرف لبنان ضئيلاً لا يتعدّى المليون دولار يومياً، زاد الإقبال عليها أخيراً، وارتفع التداول في الاسبوع الاخير الى معدل 3.7 ملايين دولار يومياً على سعر صرف تراوح بين 16000 و17500 ليرة لكل دولار.
من المعروف انّ مصادر تأمين الدولارات لبيعها على منصّة صيرفة للتجار والمستوردين ما زالت مجهولة لغاية اليوم، كون سعر الصرف المعتمد يختلف وبفارق كبير عن السعر الحقيقي للدولار في السوق الموازية، خصوصاً انّ التداول على المنصّة يتمّ في اتجاه واحد، اي لشراء الدولارات بسعر اقل من السوق السوداء ، وليس بيعه. وبالتالي لا يمكن ان تكون المنصّة تموّل نفسها كما قيل عند إنشائها.
في اليومين الماضيين، بدأ التداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام بخبر مفاده، انّ مصرف لبنان يتجّه الى إلغاء منصّة صيرفة اعتباراً من الاسبوع المقبل، وسيتوقف عن بيع الدولار للتجار والشركات، مما سيتسبب بارتفاع كبير في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، علماً انّ مصادر البنك المركزي لم تؤكّد ولم تنفِ صحّة هذا الخبر الذي لم يَصدر في شأنه أيُ قرار رسمي بعد.
ومن المهمّ التوضيح انّ الضغط على سعر الصرف في السوق الموازية وارتفاع الدولار، لن يتأثرا بإلغاء «صيرفة» بل في توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولارات لاستيراد ما بقي مدعوماً من السلع، ولو بشكل طفيف، وأبرزها المحروقات.
في هذا الإطار، أكّد عضو نقابة مستوردي المحروقات مارون شماس لـ»الجمهورية»، انّ مستوردي المحروقات لا يستفيدون من منصّة صيرفة ولا يشترون دولاراتهم منها بل من السوق السوداء، وبالتالي قرار إلغاء المنصّة في حال حدوثه، «علماً اننا لم نتبلّغ بهذا الموضوع ونستغرب حدوثه، فإنّه لا يؤثر علينا». مشيراً الى انّ توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولارات لمستوردي المحروقات وفتح الاعتمادات لهم للاستيراد، هو القرار الذي سيؤدي الى تداعيات سلبية على قطاع المحروقات وعلى سعر الصرف، لأنّ الضغط سيزيد في السوق السوداء، وسيؤدي الى ارتفاع الطلب على الدولار مقابل ندرة العرض.
تجدر الإشارة الى انّ معدل استيراد المحروقات لتلبية الاستهلاك المحلي، يبلغ حوالى 12 مليون دولار يومياً، وبالتالي فإنّ مستوردي المحروقات بحاجة الى هذا المبلغ يومياً. واذا تمّ تحرير سوق المحروقات فإنّ الطلب على الدولار في السوق الموازية سيرتفع بمعدل 12 مليون دولار يومياً، ما سيؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل دراماتيكي.
هذا الامر ليس مستبعداً، وسبق أن تمّ طرح فكرة ان يتنحّى مصرف لبنان جانباً، وان لا يكون مسؤولاً عن تأمين استيراد المحروقات وفتح الاعتمادات اللازمة لها. وبما انّ الدعم رُفع بشكل شبه كامل أخيراً عن المحروقات، مع تراجعه الى حوالى 700 ليرة فقط عن كلّ دولار، تبقى فرضية تحرير السوق متاحة في أي لحظة!
بدوره، أوضح عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس لـ»الجمهورية»، انّه لم يتمّ إبلاغ أي طرف معنيّ بإمكانية إلغاء «صيرفة» او توقف مصرف لبنان عن فتح الاعتمادات لاستيراد المحروقات، معتبراً انّه في حال وجود هذه النيّة، لا يمكن اتخاذ هذا القرار من دون إعطاء المستوردين والتجار مهلة، وتحضير خطة لتأمين مصادر بديلة لشراء الدولارات، لأنّ غير ذلك سيؤدي الى ارتفاع في سعر الصرف في السوق الموازية، والى تداعيات سلبية على عملية استيراد المحروقات، بسبب عدم وجود الدولارات الكافية في السوق.
من جهته، اعتبر ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، انّ «قرار مصرف لبنان وقف بيع الدولار للمستوردين خطوة خاطئة ومصيبة على المواطن وعلى أصحاب المحطات والمستوردين. وعلى المسؤولين أن يعدّوا إلى المليون قبل اتخاذ هكذا قرار».
ولفت إلى أنّ «تحرير سعر استيراد البنزين يعني ضغطاً على الدولار في السوق الموازية، وهو الأمر الذي سيرهق كاهل المواطن بدرجة كبيرة»، وقال: «المواطن بات غير قادر على شراء البنزين ولا المازوت، كما أنّ مولدات الكهرباء باتت عاجزة عن تأمين الخدمة للناس بسبب غلاء سعر المازوت».