الاسبوع الطالع نيابي ـ انتخابي وقضائي بامتياز، حيث يُتوقع ان يُحسم خلاله مصير قانون الانتخاب والانتخابات، موعداً واجراءً، وكذلك مصير المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، الذي يطلب «حزب الله» وحركة «أمل» تنحّيه، وما يمكن ان تؤول التحقيقات في هذه القضية، وكذلك قضية أحداث الطيونة والتحقيقات الجارية فيها امام القضاء العسكري. وكل ذلك يجري على وقع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية على كل المستويات، وتلويح الهيئات النقابية وحركات الاحتجاج الشعبي بموجات من التصعيد، بعدما بلغت الأسعار مستويات جنونية، شاملة كل مجالات حياة المواطنين، بعدما تسبب الارتفاع الكبير في اسعار المحروقات بمزيد من الجشع لدى التجار من دون حسيب او رقيب.
وسيشهد القصر الحكومي اسبوعاً حافلاً بالاجتماعات، في محاولة لاتخاذ اجراءات للتخفيف من وطأة الازمة المعيشية والحياتية، وسيكون منها اليوم اجتماعات ذات طابع اجتماعي لمعالجة قضايا النقل، لما له من تأثير على عمل الإدارات العامة وفي القطاع الخاص، وسيتمّ التركيز على اتخاذ اجراءات للحؤول دون حصول تظاهرات وتحركات في الشارع، حيث دُعي الى هذه الاجتماعات عدد من المسؤولين المعنيين في كل الهيئات النقابية والعمالية.
كما الاسبوع الماضي، لن ينعقد مجلس الوزراء هذا الاسبوع لسببين: الأول عدم توافر الحل بعد لقضية القاضي بيطار، وكذلك لقضية أحداث الطيونة، والثاني الجلسة النيابية العامة المنتظرة الخميس المقبل، وما يدور حولها من مواقف وردود فعل تتصل بمصير قانون الانتخاب وملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عليه. علماً انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما زال على تريثه في توجيه اي دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء قبل تبلور الحلول لهذه القضايا، لأنّه لا يريد إنعقادها في ظل الخلافات، ويعتبر إذا غاب اي فريق عنها سينعكس ذلك على عمل حكومته ومصيرها. لكن اوساطه تؤكّد أنّه ليس في وارد الاستقالة ولا الاعتكاف، وقد اعطى توجيهاته الى جميع الوزراء لكي يمارسوا اعمالهم ويعالجوا ملفاتهم لتكون جاهزة للبت في مجلس الوزراء عندما يعاود جلساته.
صامدة ومستمرة
وفي السياق نفسه، أكّدت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»، انّ «الحكومة صامدة ومستمرة على الرغم من توقف او تعليق انعقاد جلساتها أخيراً»، مشيرة الى «انّ القوى الحاضنة لها ليست في وارد اسقاطها، لأنّ لا مصلحة لهذه القوى ولا للبلد في ذلك».
واعتبرت المصادر، انّ الأزمة المستجدة حول المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت «مضبوطة في نهاية المطاف بإيقاع استمرارية الحكومة، مع الاشارة الى انّ معالجة هذه الأزمة ليست سياسية بل هي من شأن القضاء، على قاعدة الفصل بين السلطات التي لا تسمح للحكومة بإزاحة القاضي. واشارت إلى أنّ الاتصالات متواصلة لاستئناف جلسات مجلس الوزراء بعد إيجاد البيئة المناسبة لاستئنافها، استناداً الى مخرج قضائي «لا يموت معه الديب ولا يفنى الغنم»، موضحة انّ توقيت معاودة الجلسات هو سياسي ويحدّده رئيسا الجمهورية والحكومة، «وأياً يكن الأمر يجب أن لا يطول «نزوح» مجلس الوزراء اكثر من ذلك، علماً انّ اللجان الوزارية تنكّب على معالجة الأزمات المتفاقمة، بمشاركة حتى الوزراء الذين يمثلون «حزب الله» وحركة «أمل»، وهذا مؤشر الى انّ الجميع لا يريدون الذهاب بعيداً في التصعيد».
ولفتت المصادر إلى انّ ميقاتي «يؤدي دوراً إيجابياً في احتواء انعكاسات التوتر السياسي على الواقع الحكومي، وهو يحرص على بقاء العلاقة جيدة مع رئيس الجمهورية، متجاهلاً محاولات البعض تأليبه عليه. موضحة انّ ميقاتي أثبت عبر طريقة ادارته لمجلس الوزراء، احترامه لموقع رئيس الجمهورية من دون التنازل عن صلاحياته.
مجلس القضاء
وفي جديد قضية المحقق العدلي، علمت «الجمهورية» انّ مجلس القضاء الاعلى سيعقد الاجتماع الثالث له اليوم في مقره، في إطار اجتماعاته المفتوحة التي بدأها الثلثاء الماضي، بعد ان اكتملت هيكليته لاستئناف البحث في عدد من القضايا المطروحة، ولا سيما منها المواقف من قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار، بعدما لم يتمكن من التوصل الى الإجماع في توجيه الدعوة اليه للحضور أمامه وحيداً او مع عدد من القضاة، من بينهم القاضيان نسيب ايليا وناجي عيد اللذان رفضا طلب الردّ الذي تقدّم به وكلاء النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر.
وتأتي هذه الاجتماعات المفتوحة في وقت يقترب الموعد الذي حدّده البيطار للاستماع الى كل من النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وسط اعتقاد بإمكان اصدار مذكرتي توقيف في حقهما، على غرار المذكرة التي كان أصدرها في حق النائب علي حسن خليل.
وقالت مصادر حكومية قريبة من 8 آذار لـ» الجمهورية»: «انّ من يريد تحويل الحل الطبيعي لتجاوزات القاضي البيطار في ملف المرفأ الى معركة طاحنة فليعلم انّها ستطحنه هو اولاً».
حادثة الطيونة ومضاعفاتها
وفيما لم يُعرف بعد مصير استدعاء القضاء العسكري لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الى المحكمة العسكرية لسماع افادته في حادثة الطيونة، في ضوء أقوال بعض الموقوفين من محازبي «القوات»، ردّ أمس رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد على مواقف جعجع الاخيرة، فشدّد على أنّ «من كان لديه شرف يجب أن يعتذر إذا أخطأ، والمرتكب يعلم أنّه أخطأ، لأنّه اعترض على مسيرة قصدت تغيير قاضٍ خرج عن سلوكيات الصدقية في التحقيق».
وقال رعد خلال احتفال بالمولد النبوي في بلدة تول الجنوبية: «إعترض (جعجع) على من خرجوا بالمسيرة معتبراً أنّهم باحتجاجهم على استنسابية هذا القاضي قد تطاولوا على القضاء، أما استدعاؤه لدى المحكمة العسكرية فيحق له ان يرفض المثول أمامها»، وسأله :»أي صدقية لديك؟»، واعتبر أنّ «كلامه هراء، وهو تطاول على البلد وليس على سيدنا فقط، ويقومون بكل شيء كي يستروا عنصريتهم». وختم رعد: «يجب أن تُقال الحقيقة بوضوح، إنكم بعد لم تنتفعوا ولا تقبلون بشراكة أحد في هذا البلد، وللأسف أنتم أسباب هذه الأزمة، وأنتم المحرّضون لأعدائنا ضدّنا، هذا ما يجب أن يُقال، وعلينا أن نوضح للناس هذه الحقيقة».
وفي سياق متصل، أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أنّ «القضاء هو علاج الأحداث لا المسببّ لها»، قائلاً: «لا نَقْبل، ونحن المؤمنين بالعدالة، أن يَتحوّلَ مَن دافعَ عن كرامتِه وأمنِ بيئتِه لُقمةً سائغةً ومَكسرَ عصا. هؤلاء، مع غيرِهم، حافظوا على لبنانَ وقدّموا في سبيلِ وِحدتِه وسيادتِه ألوفَ الشهداء. نريد عدلاً في السويّةِ والرعيّة ولا ظلماً في أي مكان».
وقال الراعي في عظته التي ألقاها في افتتاح مسيرة سينودوس الأساقفة على مستوى الكنيسة المارونيّة: «موقفُنا هذا هو دفاعٌ عن الحقيقةِ والمواطنين الآمِنين في جميع المناطق المتضرِّرة. ونتمنى أن يَحترمَ التحقيقُ مع الموقوفين حقوقَ الإنسانِ بعيداً عن الترهيبِ والترغيبِ وما شابَه. لا نريد تبرئةَ مذنِبٍ ولا اتّهامَ بريء. لذلك، لا بدّ من تركِ العدالةِ تأخذُ مجراها في أجواءَ طبيعيّةٍ ومُحايدَة ونزيهة. ونَحرِصُ على أن تَشمُلَ التحقيقات جميعَ الأطرافِ لا طرفاً واحدا كأنّه هو المسؤولُ عن الأحداث. إنّ الجميعَ تحتَ القانون حين يكون القانونُ فوق الجميع». وأضاف: «كان يجدرُ بالمسؤولين السياسيّين في الدولةِ والحكومةِ أن يَستدركوا أحداثَ عين الرمانة الأليمة، عِوضَ تركِها تَصل إلى المستوى المسلّح».
واعتبر الراعي انّ «أحداث الطيّونة عين الرمانة على خطورتها، لا يمكن أن تَحجبَ التحقيقَ في تفجير مرفأِ بيروت»، محذّراً «من محاولةِ إجراءِ مقايضةٍ بين تفجيرِ المرفأِ وأحداثِ الطيّونة عين الرمانة».
ومن جهته، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده في عظة الأحد: «كانوا ينادون بالحقيقة والعدالة، لكن ما إن لاحت بوادرها حتى ارتاعوا وشَمّروا عن سواعدهم لِوأدها قبل أن تظهر إلى العلن، وتطيح المسؤولين الفعليين عن خراب البلد وتفجيره وإحراقه وانهياره إقتصادياً وأمنياً وبيئياً وتربوياً وصحياً وأخلاقياً. عندما بدأ النور يبزغ بصمت وخفر، فوجئنا بالظلمة تدهمه بضجة خطابية تارة، وأزيز مرعب طوراً، واختلاق ملفات أحياناً، وترهيب قمعي دائماً، ومحاولة النيل من كل من يتجرّأ على الانتقاد أو الرفض أو المواجهة، بغية التذكير بأنّ الشيطان هو سيّد هذا العالم، لكننا نذكّرهم بأنّ المسيح طرده بصلبه وموته وقيامته». واشار الى انّ «أهل بيروت لن يسكتوا ولن يتراجعوا عن مطالبتهم بالحقيقة، ولن يقبلوا بأن تكون العدالة انتقائية. وعلى الجميع أن يكونوا تحت القانون وفي خدمة العدالة. من دون عدالة لن تكون دولة».
العصف الطائفي
ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في تصريح، أنّ «المطلوب كف يد البيطار وعدم السقوط بالحمايات الطائفية، والعمل على انتشال لبنان من مذبحة الجوع والتدهور المعيشي والزمانة السياسية، لأنّ انسداد الأفق يعني انفجاراً كارثياً، ونحذّر بشدة من العصف الطائفي لأنّ الفتنة تحت الرماد والحرب الأهلية وراء الأبواب، ومهنة الشيطان تبدأ بالطائفية». وحذّر من تحوّل الإنتخابات النيابية «استفتاء على الطاحونة الأميركية- الإسرائيلية، لأنّ وضع لبنان اليوم سباق مع الموت، والكانتون ليس بديلاً من الوطن، والقمح ليس بديلاً من المقاومة، ومن يسرق الأمن في أي مكان بالبلد، عينه على سرقة الوطن وتقسيمه».
أسبوع تشريعي وانتخابي
وفي ظل الأجواء المحيطة بالمواقف المتشنجة من التحقيق العدلي وإجراءات المحقق بيطار والحملات المتبادلة بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، تتجّه الأنظار من اليوم الى التحضيرات الجارية للاسبوع التشريعي في عين التينة وساحة النجمة وقصرالاونيسكو، للبحث في الملاحظات التي حملها ردّ رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب الذي أُقرّ في جلسة الأسبوع الماضي، والتي من الممكن البت بها في الجلسة التشريعية الخميس المقبل، بعد ان تكون اللجان النيابية المشتركة قد بتت بها في جلستها غداً.
ومن المقرّر ان يحدّد اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي اليوم في عين التينة، جدول أعمال جلسة الخميس المقبل، والذي ستضاف ملاحظات عون على قانون الانتخاب.
ورجّحت مصادر نيابية عبر «الجمهورية»، ان يتمسك المجلس النيابي مجدداً بالتعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخاب وأقرّتها الأكثرية النيابية في جلسة الاسبوع الماضي، ولم تساند فيها أي كتلة «التيار الوطني الحر» في موقفه من بعض التعديلات، فظهر وحيداً في الجلسة قبل ان يردّ عون القانون استناداً الى الملاحظات عينها التي عبّر عنها رئيس التيار النائب جبران باسيل في نهاية الجلسة.
عون أو «التيار»
وقالت المصادر، انّ ردّ المجلس النيابي المرجح للملاحظات، سيقود نواب التيار الى المراجعة أمام المجلس الدستوري للأسباب عينها. ما لم يتقدّم عون شخصياً بمثل هذه المراجعة أمام المجلس.
وكانت الهيئة السياسية في «التيّار الوطنيّ الحرّ» قد رحّبت وقدّرت مبادرة رئيس الجمهورية الى ممارسة حقه الدستوري في ردّ التعديلات على قانون الإنتخاب، واتهمت ما سمّته «الأكثرية النيابية» بإسقاط البنود الإصلاحية الأساسية التي كانت في هذا القانون. وانتقدت «إلغاء الكوتا الإغترابية» التي تحدثت عنها المقاعد الستة المخصّصة للمنتشرين بإضافة «الدائرة 16» الى الدوائر الانتخابية العادية التي تحدث عنها القانون، ما أدّى إلى «حرمانهم من مكسب إستراتيجي ومن حق منحهم إيّاه القانون بأن يتمثلوا في البرلمان بنواب يمثلونهم مباشرةً في دول الإنتشار، وينقلون مطالبهم ويشرّعون لحاجاتهم». مع العلم «أنّ القانون في صيغته الأساسية يحفظ لهم حق الإقتراع في الدوائر الانتخابية الـ 15 داخل لبنان إذا أرادوا ذلك»، واضافت انّ «الصيغة التي أقرّتها الأكثرية النيابية لإلغاء هذا الحق وفق عبارة «إستثنائياً لمرة واحدة» هي فضيحة قائمة بذاتها، تناقض ما تمّ الترويج له زوراً في الداخل والخارج عن منح المغتربين حق الإقتراع لـ128 نائباً. فما الذي يوجب الاستثناء في العام 2022 ويحتّم العودة عنه في العام 2026؟».
الانتخابات في موعدها
وفي غضون، ذلك اكّدت مصادر مقرّبة من عين التينة لـ»الجمهورية»، انّها «حريصة كل الحرص على تأمين اجواء إجراء الانتخابات في وقتها وموعدها، وانّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يسمح بالهروب منها تحت اي ذريعة، وانّ ما يحصل ليس الّا افتعال مشكلات وأزمات لتطيير هذه الانتخابات. اما موضوع ربط قانون الانتخابات بمجزرة الطيونة وغيرها من الملفات فليس إلّا افتعال مشكلات يعلم اصحابها انّهم يكذبون».
بعبدا و»امل»
وفي هذه الاجواء، استغربت أوساط قصر بعبدا عبر «الجمهورية»، ما سمّته «التهجّم الذي دأبت عليه حركة «امل» على رئيس الجمهورية بمناسبة ومن دون مناسبة، وخصوصاً عندما يكون هناك نقاش مع «التيار الوطني الحر» في اي موضوع كان».
وإذ رفضت هذه الأوساط الردّ على مضمون البيانات التي صدرت في الساعات القليلة الماضية، وما طاولها من انتقادات، لفتت الى اهمية النظر في الملاحظات الأساسية والمبدئية التي تضمنها ردّ رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب والتعاطي معها بجدّية تامة، ليكون هناك مسار دستوري سليم، بعيداً من التعاطي باستخفاف مع القضايا الوطنية الكبرى والنظر فيها بما تستحقه من عناية واهتمام».
وكانت حركة «أمل» قالت في بيان، «إنّ التيار الوطني الحر يحاول استغلال تفاهم سياسي في مار مخايل لزرع الفتن والمس بالتحالف المتمثل بالثنائية الحقيقية بين حركة «أمل» و»حزب الله»، ليجسّدوا عمقه في مواجهة تسييس القضاء عبر الغرفة السوداء برئاسة سليم جريصاتي».
مساعدة للموظفين
وفي ساحة النجمة، تجتمع اليوم لجنة المال والموازنة النيابية للبحث في ثلاثة اقتراحات قوانين، أبرزها اقتراح القانون الرامي الى إعطاء مساعدة اجتماعية لمدة سنة للعاملين في القطاع العام وللمتقاعدين، وتعديل قيمة تعويض النقل المؤقت، وإقتراح القانون الرامي الى استرداد الأموال النقدية والمحافظ المالية المحولة إلى الخارج بعد تاريخ 17/10/2019. وثالثها اقتراح القانون الرامي الى السماح للمكلّفين بضريبة الدخل على أساس الربح الحقيقي وعلى أساس الربح المقطوع بإجراء إعادة تقييم لمخزونهم.
الجمهورية