المناخ السائد حالياً في لبنان، يشي بأنّ البلد صار في ذروة الانكشاف الكامل والخطير على كل المستويات، وتوتراته السياسية والانتخابية والطائفية والقضائية، وآخرها الديبلوماسية، تنذر بدخوله مرحلة من التعقيد، توصَد فيها كلّ أبواب الحلول والمخارج والتسويات، وتُفتح على فوضى لا تذهب فقط بما ينتظر لبنان من استحقاقات، بل قد تستحيل معها إعادة إنتاج الدولة.
أخطر تجليات هذا المناخ تبدّت في تفاعل الأزمة الديبلوماسية بين لبنان والسعودية، على خلفية تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي، على نحو غير مسبوق، تجلّى في إعلان المملكة سحب سفيرها في لبنان وليد البخاري ومغادرة سفير لبنان لديها خلال 48 ساعة، وذلك بالتزامن مع حديث عن خطوات مماثلة ستلجأ اليها سائر دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في سياق إجراءات ستؤدي الى عزلة لبنان عربياً، مترافقة مع فرض عقوبات.
البحرين
وأعلنت وزارة الخارجية البحرينية اليوم، أنها طلبت من سفير لبنان مغادرة أراضي المملكة خلال 48 ساعة.
إلى ذلك، تشاور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية ميشال عون في المستجدات، وعلى الأثر أجرى الرئيس ميقاتي اتصالاً بوزير الإعلام جورج قرداحي وطلب منه تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة اصلاح علاقات لبنان العربية.
كذلك طلب ميقاتي من وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب البقاء في بيروت وعدم التحاقه بالوفد اللبناني الى»مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي»،في اسكتلندا لمواكبة التطورات والمستجدات الاخيرة وانشاء خلية لادارة هذه الازمة المستجدة على لبنان.
الخارجية السعودية
وجاء في بيان لوزارة الخارجية السعودية امس، «إلحاقاً للبيان الصادر من وزارة الخارجية بتاريخ 21 ربيع الأول 1443هـ، الموافق 27 أكتوبر 2021م، بشأن التصريحات المسيئة للمملكة الصادرة من قِبل وزير الإعلام اللبناني، وحيث تمثل هذه التصريحات حلقة جديدة من المواقف المستهجنة والمرفوضة الصادرة عن مسؤولين لبنانيين تجاه المملكة وسياساتها، فضلاً عمّا تتضمنه التصريحات من افتراءات وقلبٍ للحقائق وتزييفها».
اضاف البيان: «كما أنّ ذلك يأتي إضافةً إلى عدم اتخاذ لبنان الإجراءات التي طالبت بها المملكة لوقف تصدير آفة المخدرات من لبنان من خلال الصادرات اللبنانية للمملكة، لا سيما في ظل سيطرة «حزب الله» الإرهابي على كافة المنافذ، وكذلك عدم اتخاذ العقوبات بحق المتورطين في تلك الجرائم التي تستهدف أبناء شعب المملكة العربية السعودية، وعدم التعاون في تسليم المطلوبين للمملكة بما يخالف اتفاقية الرياض للتعاون القضائي».
وتابع البيان: «وفي هذا الصدد فإنّ حكومة المملكة تأسف لما آلت إليه العلاقات مع الجمهورية اللبنانية بسبب تجاهل السلطات اللبنانية للحقائق واستمرارها في عدم اتخاذ الإجراءات التصحيحية التي تكفل مراعاة العلاقات التي طالما حرصت المملكة عليها من منطلق ما تكنّه للشعب اللبناني العزيز من مشاعر أخوية وروابط عميقة، إذ أنّ سيطرة «حزب الله» الإرهابي على قرار الدولة اللبنانية جعل من لبنان ساحة ومنطلقاً لتنفيذ مشاريع دول لا تضمر الخير للبنان وشعبه الشقيق الذي يجمعه بالمملكة بكافة طوائفه وأعراقه، روابط تاريخية منذ استقلال الجمهورية اللبنانية، وكما هو مشاهد من خلال قيام «حزب الله» بتوفير الدعم والتدريب لميليشيا الحوثي الإرهابية».
وخلص البيان: «وعليه فإنّ حكومة المملكة العربية السعودية تعلن استدعاء سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية اللبنانية للتشاور، ومغادرة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة العربية السعودية خلال الـ(48) ساعة القادمة، ولأهمية اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية أمن المملكة وشعبها، فقد تقرّر وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة، كما سيتمّ اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لتحقيق تلك الأهداف. وحرصاً على سلامة المواطنين في ظل ازدياد حالة عدم استقرار الأوضاع الأمنية في لبنان، فإنّ حكومة المملكة تؤكّد على ما سبق أن صدر بخصوص منع سفر المواطنين إلى لبنان.
وتؤكّد حكومة المملكة حرصها على المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة الذين تعتبرهم جزءاً من النسيج واللحمة التي تجمع بين الشعب السعودي وأشقائه العرب المقيمين في المملكة، ولا تعتبر أنّ ما يصدر عن السلطات اللبنانية معبّراً عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في المملكة والعزيزة على الشعب السعودي».
وقد سبقت بيان الخارجية السعودية تغريدة لافتة للسفير السعودي في لبنان على حسابه عبر «تويتر»، قال فيها: «تُعتبر النقطة على السطر (.) الرمز الأعظم في النص».
وكان البخاري قد قام امس بزيارة لافتة الى معراب والتقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على مدى ساعة ونصف الساعة، في حضور الوزير السابق ملحم رياشي. وجرى بحث في التطورات السياسية.
ميقاتي
الى ذلك، أبدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أسفه لقرار المملكة العربية السعودية المعلن بعد ظهر امس، وللإجراءات التي اتخذتها.
وقال: «لطالما عبّرنا عن رفضنا أي اساءة توجّه الى المملكة العربية السعودية، ودعونا الى تصحيح ما شاب العلاقات بين البلدين الشقيقين من شوائب خلال الفترة الماضية، وشدّدنا في البيان الوزاري على انّ من اولويات حكومتنا العمل على استعادة العلاقات والروابط التاريخية بين لبنان واشقائه العرب».
اضاف: «كما عبّرنا وشدّدنا قبل يومين على انّ موقف وزير الاعلام جورج قرداحي، الذي اعلنه قبل تولّيه مهامه الوزارية، لا يمثل رأي الحكومة، واكّدنا حرصنا على العلاقات اللبنانية- الخليجية، وتمنينا ان تستعيد العلاقات اللبنانية – السعودية خصوصاً واللبنانية- العربية عموماً متانتها».
وقال: «إننا نأسف، بالغ الأسف لقرار المملكة، ونتمنى ان تعيد قيادة المملكة، بحكمتها، النظر فيه. ونحن من جهتنا سنواصل العمل بكل جهد ومثابرة لإصلاح الشوائب المشكو منها ومعالجة ما يجب معالجته».
واضاف: «إننا نتوجّه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومن ولي عهده الامير محمد بن سلمان بخالص آيات التقدير والاحترام. ونعرب لهم عن رفضنا الشديد والقاطع الى كل ما يسيء للعلاقات الاخوية العميقة مع المملكة العربية السعودية، والتي وقفت الى جانب الشعب اللبناني دائماً في مواجهة تحدّياته الكبيرة على مدى عقود طويلة، وإننا نؤكّد تمسّكنا بكل الروابط الاخوية المتينة وعلى سعينا الدؤوب من اجل الحفاظ على افضل العلاقات الاخوية مع المملكة العربية السعودية والاخوة في مجلس التعاون الخليجي. كما نناشد الاخوة القادة العرب العمل والمساعدة على تجاوز هذه الأزمة، من اجل الحفاظ على التماسك العربي في هذه الظروف الدقيقة التي تعيشها اوطاننا وشعوبنا. وإننا مستمرون في اجراء الاتصالات لمعالجة الأزمة وتداعياتها».
الحرج الديبلوماسي
على انّ ذروة الإرباك والحرج التي بلغها المشهد الداخلي، في تفاعل الأزمة التي استجدت مع دول الخليج على خلفية تصريحات قرداحي حول الحرب في اليمن، أشّرت الى تصلّب خليجي شديد حيال هذه المسألة، وانّ الأزمة مرشحة الى تصعيد اكبر.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، انّ الموقف اللبناني مربك حيال كيفية تلمّس المخارج التي تؤدي الى احتواء هذه الأزمة، وخصوصاً انّ ثمة انقساماً في الرأي على المستوى السياسي والحكومي حيال مواقف وزير الاعلام، بين رافض لها بالمطلق، كونها تسيء الى علاقات لبنان مع اشقائه العرب، وبين من يرى في الحملة الشرسة التي تُشَنّ على الوزير قرداحي، ما هو أبعد من الاعتراض على مواقف أدلى بها قبل تعيينه وزيراً، وخصوصاً انّ هذا الاعتراض بالطريقة التي تمّ فيها، جاء تأكيداً لحقيقة الموقف السلبي من الحكومة.
ورداً على سؤال حول ما يتردّد عن استقالة الوزير قرداحي او إقالته كما طالب بعض نواب «اللقاء الديموقراطي»، قالت المصادر: «الموقف حساس ودقيق. ولا بدّ ان يُعالج وفق ما تقتضيه مصلحة لبنان بالدرجة الاولى. وهناك محاولات حثيثة تجري وجهوداً سياسية وديبلوماسية تبذل لاحتواء هذه الأزمة».
وفي المقابل، قالت مصادر ديبلوماسية عربيّة لـ«الجمهورية»: «ليس من مصلحة لبنان أن يدخل في مخاصمة مع اشقائه العرب، وعلى وجه الخصوص مع دول الخليج».
ولفت الى انّ لبنان بوضعه الراهن بأمسّ الحاجة الى اشقائه، ومن هنا فإنّ الأسرة العربية ترى ان يبادر المسؤولون في لبنان الى التصحيح، عبر موقف واضح وصريح وخطوات ملموسة، يؤكّدون من خلالها رفضهم لتلك التصريحات، وليس أن يكتفوا بتقديم تبريرات تبدو وكأنّها تغطي الخطأ الكبير الذي ارتُكب. علماً انّ هذه التبريرات كان لها الأثر الشديد السلبية على مستوى دول الخليج وفي مقدمتها السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
أفق السياسة مسدود
في الجانب السياسي، فإنّ الصورة السوداوية ليست افتراضية على الإطلاق، بل تؤكّدها الوقائع الداخلية المتدحرجة على غير صعيد، وتفرض بالتالي على كلّ اللبنانيين أن يعدّوا انفسهم لعقاب جماعي لهم، إلّا اذا حدثت معجزة تزيل اللعنة التي تضرب هذا البلد في كل مفاصله، وتردع العقل الشرير الذي يعبث فيه ويسعى الى أن يأخذ لبنان الوطن والدولة والشعب إليه، ويأسره في مغارة أهوائه وحساباته.
في السياسة، أفق مسدود، وجبهات مفتوحة على صدام بين مختلف المكونات. فعلى المستوى التنفيذي، يبدو أنّ الحكومة باقية على وضعها الراهن، أي حكومة مع وقف التنفيذ، وليس في الافق ما يؤشّر الى انفراج يزيل اسباب تعطيلها.
وأعربت مصادر وزارية عن تشاؤمها حيال انعقاد الحكومة في المدى المنظور. وقالت لـ«الجمهورية»: «قبل ايام قليلة لاحت فرصة حلول مع تحرّك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي، الّا أنّ الامور سرعان ما عادت الى نقطة الصفر، مع مبادرة بعض الاطراف، الى تأزيم الوضع السياسي. في اشارة الى التغريدة الهجومية التي اطلقها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في اليوم التالي لتحرّك البطريرك».
ونُقل في هذا السياق عن مرجع مسؤول قوله: «مع تحرّك البطريرك الراعي وصلت الامور الى خواتيم ايجابية جداً، ووافق عليها الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، وكل ذلك كان سيؤدي حتماً الى إعادة اطلاق عمل الحكومة وجلسات مجلس الوزراء، ولكن الذي حصل انّ هناك من هو مصرّ على التخريب، ونفّس كلّ الايجابيات بدم بارد».
وأضاف المرجع: «نسأل هؤلاء، الى أين يُراد أخذ البلد؟، والا يكفي العقل الشرير هذا الخراب الذي ألحقه بلبنان على مدى السنوات الخمس الاخيرة؟ بهذه الطريقة لن تصلوا الى أي مكان ووحدكم ستحصدون الخيبة».
الملف الانتخابي
اما في الشأن الانتخابي، فكلّ ما يحيط بهذا الملف يؤشّر الى اشتباك عنيف ومفتوح حول القانون الانتخابي، بعدما ردّ المجلس النيابي الى رئيس الجمهورية القانون الإنتخابي الذي ردّه الى المجلس لإعادة النظر فيه.
وفي انتظار خطوة رئيس الجمهورية تجاه هذا القانون الذي أُحيل اليه لنشره بصفة العجلة في الجريدة الرسمية، بدأ «التيار الوطني الحر» يعدّ العدة للطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري.
وتوقعت مصادر سياسية ان يدخل البلد في الآتي من الأيام، في حلبة سجال عنيف حول الملف الانتخابي، وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ كل الاحتمالات واردة حيال هذا الملف، والخشية الكبرى في ان يسعى بعض الاطراف الى محاولة فرض وقائع جديدة في البلد، تكون من نتيجتها الإطاحة بالاستحقاق الانتخابي. مع الاشارة هنا الى انّ مختلف الصالونات والمجالس السياسية عابقة بعلامات استفهام حول مصير الانتخابات، وبعضها يتداول بسيناريوهات متعددة من الآن حول تطيير الانتخابات، سواء أكان موعد اجرائها محدّداً في 27 آذار او في شهر ايار».
ولفتت المصادر الانتباه، الى انّ من يسعى الى التعطيل هو نفسه الذي عطّل إجراء الانتخابات الفرعية التي يوجب الدستور اجراءها لملء المقاعد الـ 11 التي شغرت بالاستقالة او بالوفاة. وقالت: «الأداء الذي يتّبعه هؤلاء يؤكّد بما لا يقبل ادنى شك انّهم يهربون من الانتخابات لأنّها ستكشف أحجامهم الحقيقية، وخصوصاً بعد التآكل الذي لحق بشعبيتهم جراء اصرارهم على التحكّم بالبلد، والإخفاقات المتتالية التي ارتكبوها، والمعارك العنيفة التي فتحوها مع كل الاطراف السياسية في البلد».
عواقب التعطيل وخيمة
وفيما تؤكّد غالبية القوى السياسية إصرارها على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والتصدّي لأي محاولة لتعطيلها، اعتقاداً من الطرف المعطّل انّه قد يخلق من خلال التعطيل ظروفاً تبقيه على رأس السلطة، اكّدت مصادر ديبلوماسية اوروبية لـ«الجمهورية»، انّ أي تفكير في تعطيل إجراء الانتخابات النيابية، لا يشكّل فقط تحدّياً وضربة للشعب اللبناني الطامح الى التغيير، بل يشكّل تحدياً خطيراً للمجتمع الدولي.
وحذّرت المصادر من الإقدام على هذه المجازفة ووضع العراقيل امام إجراء الانتخابات في موعدها، وقالت: «تعطيل الانتخابات يعني الإصرار على الفساد وظلم الشعب اللبناني الذي يرى في الانتخابات فرصة للتغيير والخروج من الأزمة الصعبة التي تعصف به، وهذا الأمر إن حصل، ستكون له عواقب وخيمة جداً على المعطلين». ملمّحة في هذا السياق الى ما سمّتها إجراءات وعقوبات شديدة القساوة.
العقوبات الاميركية
وفي سياق متصل بالعقوبات، أكّدت المتحدثة الإقليمية بإسم وزارة الخارجية الأميركية جيرالدين غرفيث «أنّ العقوبات الاميركية المفروضة على النائب جميل السيد ورجلي الاعمال داني خوري وجهاد العرب، رسالة واضحة مفادها أنّ الولايات المتحدة ستستهدف الفساد في لبنان»، مشدّدة على أنّ الولايات المتحدة تسعى لتعزيز المساءلة والمحاسبة والوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في مطالباته بوجود حكومة ملتزمة بالقيام بواجباتها وقادرة على اتخاذ الخطوات الجذرية والمطلوبة، لمعالجة الصعوبات التي يواجهها لبنان، مثل نقص المياه والكهرباء وغيرها من الصعوبات.
وأوضحت في حديث لـ«صوت بيروت إنترناشونال»، أنّه تمّ اختيار هؤلاء الأشخاص بسبب سجلهم الطويل في الفساد وزيادة معاناة الشعب اللبناني، مؤكّدة أنّ عملية فرض العقوبات هي مسألة قانونية ومعقّدة جدًا وتحتاج إلى وقت طويل.
وأشارت غريفيث إلى أنّ الولايات المتحدة على تواصل دائم مع شركائها في الحكومة من أجل جمع المعلومات لفرض عقوبات، وتلتزم ببذل كل ما وسعها لاستهداف الفاسدين.
وكان وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن قد قال في بيان: «تدرج الولايات المتحدة على لائحة العقوبات ثلاثة أفراد لبنانيين شاركوا في أعمال فساد أو استغلوا منصباً رسمياً لإفادة أنفسهم. إنّ الأعمال المماثلة هي من جعل اللبنانيين يتحمّلون وطأة أزمة اقتصادية مدمّرة سببها الفساد وسوء الإدارة الحكومية. لقد استخدم جهاد العرب وداني خوري علاقاتهما الشخصية الوثيقة بالنخب السياسية لجني منافع العقود الحكومية من دون الوفاء بشروط تلك العقود بشكل هادف. واستغل النائب اللبناني جميل السيد منصبه للالتفاف على السياسات المصرفية المحلية، وتمكن نتيجة لذلك من تحويل مبلغ كبير من المال إلى استثمارات خارجية لإثراء نفسه. وتقوض أعمال هؤلاء الأفراد الثلاثة حكم القانون ومبادئ الحكم الرشيد. ويتمّ اتخاذ إجراء اليوم وفقاً للأمر التنفيذي رقم 13441.
السيد
في المقابل، وفيما طلب الرئيس عون من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب اجراء الاتصالات اللازمة مع السفارة الأميركية في بيروت والسفارة اللبنانية في واشنطن، للإطلاع على الظروف التي دفعت وزارة الخزانة الأميركية الى فرض عقوبات على السيد والعرب وخوري، عقد النائب جميل السيد مؤتمراً صحافياً في مجلس النواب، ردّ فيه على العقوبات الأميركية التي طالته، وقال: «شهودي على سيادة القانون، ان يقول البطريرك مار نصر الله بطرس صفير المعادي لسوريا سنة 2004 مع مجلس المطارنة «أدين الفساد اللبناني- السوري المستشري في الإدارات اللبنانية مستثنيني. وكل المواطنين اللبنانيين هم شهودي على حفاظي على سيادة القانون».
وقال: «من شهودي على سيادة القانون الأمم المتحدة والسفارة الأميركية بالذات والسفارات الأجنبية والعربية التي لها علاقات مع الأمن العام يومياً بخصوص رعاياها والوضع العام وجيفري فيلتمان كان يقول «رغم خلافنا السياسي مع جميل السيد فهو الأكثر إحتراماً في لبنان».
ودعا السيد «من إدّعى بتهريبه أكثر من 120 مليون دولار»، الى أن «يبرز تحويلاً واحداً يثبت ذلك، وإن كنت قد حولت أو ساهمت في تحويل اي مبلغ مالي يعني انّهم مرّوا على مصرف لبنان». وسأل الأميركيين: «أنتم ضدّ الإجرام، ولكن كم من حلفائكم وموفديكم يصافحون من على أيديهم دماء اللبنانيين.. وهمّكم واحد من هو مع «إسرائيل» ومن هو ضدّ «إسرائيل».
الملفات القضائية
قضائياً، أرجأ المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار الى يوم الثلثاء 9 تشرين الثاني المقبل، جلسة استجواب النائب غازي زعيتر، بعد أن حضر وكيله سامر الحاج، وتقدّم بدفوع شكلية تتعلق بعدم اختصاص المجلس العدلي بملاحقة الوزير زعيتر، باعتبار أنّ الصلاحية تعود للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. واكّد وكلاء زعيتر أنّ الموضوع قانوني بامتياز وأنّ ما يفعلونه هو حقّهم القانوني.
في السياق، أفيد بأنّ القاضي نسيب إيليا كلّف طالبي الردّ تأمين نسخ كافية من طلب الردّ ليصار إلى تبليغها إلى كل الفرقاء، وطلب مناقشة المادة 303 من أصول المحاكمات المدنية التي تتحدث عن حجية القضية، أي عن تقديم دعوى ثانية بنفس الأسباب والموضوع والفرقاء. وقال وكلاء زعيتر وعلي حسن خليل انّهم وضعوا في طلب الردّ الجديد أسباباً إضافية، وهم في إطار التحضير للردّ على القاضي نسيب إيليا. وافادت المعلومات أنّ القاضي البيطار ماضٍ حتى النهاية بملفّ انفجار المرفأ.
في سياق متصل بتحقيقات المرفأ، برز طلب رئيس الجمهورية رسمياً من السفير الروسي في بيروت الكسندر روداكوف إبلاغ السلطات الروسية رغبة لبنان في الحصول على صور انفجار المرفأ، علّها توفر معلومات إضافية يمكن ان تفيد التحقيق القضائي في الجريمة. فوعد السفير روداكوف بنقل الطلب الرئاسي الى القيادة الروسية ليُبنى على الشيء مقتضاه.
الجمهورية