السبت, نوفمبر 23
Banner

الجمهورية: مصير الحكومة معلّق .. وواشنطن لبـــاسيل: نعاقبك كفرد وليس التيار

لعلّها أكثر الفترات غموضاً، هي التي يمرّ فيها الملف الحكومي حالياً، ‏حيث يبدو تأليف حكومة سعد الحريري على مفترق بين طريقين، ‏يؤدي أحدهما الى التسهيل والثاني الى التعطيل.‏

ولعلّها أكثر القرارات أهميّة، تلك المنتظرة من مجلس الدفاع الأعلى ‏اليوم، في مواجهة وباء “كورونا”، الذي بدأ تفشّيه المريع في كل ‏الأرجاء اللبنانية، ينذر بتجاوز عتبة الـ100 الف مصاب بهذا الفيروس، ‏وبات يستوجب وقف الملهاة الفاضحة المستمرة على مستوى ‏السلطة بكلّ مستوياتها، منذ بدء تفشي الوباء، وصياغة قرارات ‏وخطوات جريئة ومسؤولة بحجمه، تقي لبنان ممّا يمكن وصفه بالدمار ‏الوبائي الشامل.‏

ولعلّ ما هو مطلوب، وبإلحاح في مواجهة هذه الجائحة، ليس فقط ‏دعوة المواطنين الى الإلتزام بإجراءات الحماية الذاتية، بل أن تلزم ‏السلطة نفسها مع كلّ اجهزتها العسكرية والأمنيّة، بتطبيق ما يُتّخذ ‏من قرارات بكلّ جدية ومسؤوليّة وحزم، وليس أن تكون هي، كما كانت ‏على مدى اشهر المصيبة الوبائية، عنوان التراخي والإهمال الذي تولّد ‏عنه التراخي والإستهتار لدى المواطنين.‏

فالسلطة تعترف بلسانها، أنّ إجراءاتها العشوائية والاستنسابية ‏والمتسرّعة مُنيت بفشل ذريع، وهي إجراءات لا تعفيها على الإطلاق، ‏من المسؤولية عن التسبّب بتفشي الوباء، وعن كلّ مواطن ابتلي ‏بفيروس “كورونا”، وعن كلّ حالة وفاة نتجت منه. وبالتالي، أقلّ ‏الواجب أن تُحاسَب على كل ذلك وتُزجّ خلف القضبان، ولكن مَن ‏سيحاسب مَن؟ ولأنّ التجربة مرّة مع هذه السلطة، فإنّ ما يُخشى منه ‏هو أن تأتي القرارات المنتظرة من مجلس الدفاع الأعلى اليوم، من ‏نوعيّة القرارات السابقة التي لم تكن اكثر من حبر على ورق. الّا اذا كان ‏اصحاب القرار قد قرّروا ان يكونوا مسؤولين بالفعل، ولا يسقطون ‏مجدداً في فشلهم وعجزهم ومراهقاتهم الفاضحة، فيبادروا، ولو ‏متأخّرين، الى قرارات تطمئن الناس، والناس في كلّ الأحوال تنتظرهم، ‏فهل يصدّقون هذه المرّة؟!‏

‏ ‏

حسن

وفيما أُعلِن عشية اجتماع المجلس الاعلى للدفاع انّ اللجنة الوزارية ‏المعنية بأزمة كورونا اتفقت على الاقفال العام بدءًا من صباح السبت ‏المقبل وحتى 30 تشرين الثاني المقبل، ولكن من دون ان يشمل ‏الاقفال مطار بيروت، قال وزير الصحة حمد حسن: “انّ الاقفال لمدة ‏اسبوعين هو امر منطقي”.‏

اضاف: “صحيح هناك هواجس حياتية واقتصادية، لكن وصلنا الى ‏مرحلة يصعب فيها تأمين سرير لمرضى كورونا”، معلناً انّه “خلال ‏اسبوعين سنكون قد جهّزنا 60 سرير ‏ICU‏ في المستشفيات الحكومية”. ‏وقال: “اصرّيت على توفير الظروف المؤاتية للإقفال، وطلبت من وزارة ‏الدفاع تفقّد الحصص الغذائية ليتمّ تأمينها للعائلات الاكثر فقراً”، ‏مشدّداً على انّه “يجب أن نُنجح هذا الاقفال، خصوصاً وانّ الإقفال ‏الجزئي لمدة 3 أسابيع لم يحصد نتائج جيدة”.‏

‏ ‏

السفيرة الاميركية

سياسياً، بقيت العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الاميركية على ‏رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل بنداً اول في جدول المتابعات ‏الداخلية، رصداً لارتداداته. ولكن ما لفت بالامس، كان ردّ السفيرة ‏الاميركية على ما قاله باسيل في مؤتمره الصحافي، مشيرة الى ‏تضمنه “سوء فهم لكيفية سير العقوبات، ونقص في فهم السياسة ‏الأميركية وكيفية صنعها”.‏

ولفتت السفيرة الاميركية الى انّ العقوبات على باسيل “هي على ‏فرد، وليس على حزب. فالولايات المتحدة لا تقوم بمعاقبة أو “تدمير” ‏التيار الوطني الحر.‏

وقالت: “في خطابه، اشتكى السيد باسيل من أنني لم أحذّره مسبقاً ‏من أنّه سيُعاقب على أساس الفساد، وكأنّه من مسؤوليتي الكشف ‏عن ذلك قبل التسمية. ليست الامور كذلك”.‏

اضافت: “إنّ حقيقة كون تسمية السيد باسيل قد جاءت في هذا الوقت ‏بموجب قانون “ماغنيتسكي” العالمي، لا يعني أنّه هو أو أي شخص ‏آخر لن يكون ممكناً تسميته بموجب عقوبات أخرى، في وقت لاحق”.‏

وقالت: “قد يظن السيد باسيل أنّ تسريب معلومات انتقائية خارج ‏سياقها حول نقاشنا المتبادل يخدم قضيته. هذه ليست الطريقة التي ‏أعمل بها عادة لكنني سأكشف شيئًا واحدًا. هو نفسه، أعرب عن ‏الاستعداد للانفصال عن “حزب الله” بشروط معينة. وفي الواقع، فقد ‏أعرب عن امتنانه لأنّ الولايات المتحدة جعلته يرى كيف أنّ العلاقة هي ‏غير مؤاتية للتيار. حتى أنّ مستشارين رئيسيين أبلغوني أنّهم شجعوا ‏السيد باسيل على اتخاذ هذا القرار التاريخي”.‏

‏ ‏

باسيل يردّ

وفي وقت لاحق، ردّ باسيل على السفيرة الاميركية في بيان عبر مكتبه ‏الاعلامي، قال فيه: “في ردّها على كلام رئيس “التيار الوطني الحر”، ‏أعطت السفيرة الأميركية في بيروت برهاناً على انّه لا توجد إثباتات ‏على الاتهامات الموجّهة لرئيس التيار ‏بالتورط في الفساد، وذلك ‏بإعلانها أنّ المعلومات التي تمّ الاستناد إليها غير قابلة للنشر؛ ‏فإذا ‏كانت هذه المعطيات متوفرة ولا تريد نشرها، فإنّ النائب باسيل ‏يطالب أقلّه بأن تقوم الجهة الأميركية المعنية بتسليمها للسلطات ‏اللبنانية المختصة”.‏

اضاف: “من جهة أخرى، نعيد التأكيد انّ موضوع الفساد لم يُطرح لا ‏من قريب ولا من بعيد في النقاشات التي حصلت، لا لناحية وروده ‏في العقوبة ولا لناحية اي مطالب لواشنطن ‏بخصوصه، بل دارت ‏المباحثات حول التفاهم مع “حزب الله” والمواضيع المرتبطة به، ولم ‏يكن من موجب للنائب باسيل ان يسأل او يعتب او يهتمّ لنوع ‏العقوبة”.‏

وختم البيان: “في النهاية، إذا كانت السياسة الأميركية قد فشلت حتى ‏الآن في فك التفاهم بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” على ‏الرغم من كل الضغوط التي مارستها واشنطن عبر السنين، وبالرغم ‏من كل التهديد والترغيب، فإنّ محاولة دقّ الاسفين بينهما من خلال ‏بيان إعلامي، يتكلّم عن “شروط معيّنة” بدل الكلام عن مسار حواري ‏وطني شامل، هي محاولة ظريفة ولكنّها لن تنجح بهذه الطريقة ‏حتماً”.‏

‏ ‏

التأليف والعقوبات

حكوميًّا، طفت على سطح المشهد في الساعات القليلة الماضية ‏أجواء ساوت بين احتمالي التسريع بتأليف الحكومة والتأخير فيه، ربطاً ‏بالعقوبات التي فرضتها الخزانة الاميركية على باسيل.‏

وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ حركة الإتصالات تكثّفت خلال ‏اليومين الماضيين، شاركت فيها مراجع سياسيّة وجهات معنيّة بمطبخ ‏التأليف، سعياً لاستكشاف المواقف، وما اذا كانت ارتدادات العقوبات ‏الاميركية على باسيل، قد بدأت تتمظهر على خط التأليف. وتبيّن من ‏هذه الاتصالات، أنّ الأجواء لم تتبدّل في “بيت الوسط” والرئيس سعد ‏الحريري ماضٍ في ذات المنحى التسريعي لتشكيل الحكومة، بمعزل ‏عن كل ما استجد. وهذا التسريع تعكسه ايضاً اجواء القصر الجمهوري، ‏ويتلاقى ذلك مع ما يؤكّد عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة ‏التعجيل بالحكومة، كون البلد لا يحتمل مزيداً من تضييع الوقت.‏

‏ ‏

لقاء الرئيسين

الّا انّ مصادر سياسية، لفتت الانتباه عبر “الجمهورية”، الى “انّ ‏الصورة الحقيقية للمواقف، ستتبدّى في اللقاءات المرتقبة بين ‏الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، والتي ستتحدّد فيها وجهة ‏التأليف، إما نحو الاستمرار في المنحى الايجابي الذي سلكته مع ‏اللقاءات السابقة بينهما، وإما في اتجاه “التريّث” اكثر، ربطاً بالشروط ‏التي طرحها باسيل في مؤتمره الصحافي، وبالمعايير التي حدّدها ‏للتسريع في تشكيل الحكومة”.‏

وفي هذا السياق، افيد امس، عن لقاء جديد عُقد بعد ظهر امس بين ‏الرئيسين عون والحريري في القصر الجمهوري، واكتفى خبر مقتضب ‏نُشر على موقع رئيس الجمهورية بالإشارة الى انّ رئيس الجمهورية ‏استقبل بعد ظهر امس الرئيس المكلّف واستكمل معه درس الملف ‏الحكومي. ولوحظ انّ هذا اللقاء، هو الاول من بين اللقاءات السابقة ‏بينهما، الذي لم يؤتَ في نهايته على ذكر ايجابيات، بما فُسّر على انّه ‏اشارة سلبية غير مشجعة.‏

‏ ‏

لا رابط

وفي هذا السياق، قال معنيون بملف التأليف لـ”الجمهورية”، إنّه ” لا ‏وجود لأيّ رابط بين هذه العقوبات وبين تأليف الحكومة، خصوصاً وانّ ‏هذه العقوبات سابقة لملف التأليف، وليست وليدة اليوم، وهي في ‏الأساس كانت معلومة من قبل الجهات المعنيّين بها وبأنّها ستصدر ‏حتماً، وهو ما أشار اليه باسيل صراحة، حينما كشف عمّا دار في ‏سلسلة اللقاءات – المحادثات مع الأميركيين حول هذه العقوبات، ‏سواء معه شخصياً او مع رئيس الجمهورية، ووسط هذه الاجواء عُقدت ‏اللقاءات المتتالية بين الرئيسين عون والحريري، ولم يبدُ انّها كانت ‏متأثرة بالعقوبات على باسيل، بل عكست ما يفيد بأنّ الرئيسين قطعا ‏مسافات مهمة في الطريق الى اتمام التأليف، وأجواؤهما كانت ولا ‏تزال توحي بإيجابيات تجاوزت الكثير من السلبيات والتعقيدات، وانّهما ‏لا يزالان يقاربان ملف التأليف بنَفَس ايجابي لن تستغرق ترجمته وقتاً ‏طويلاً.‏

وبحسب هذه المصادر، فإنّه، وربطاً بالإيجابيات التي ابداها الرئيسان ‏عون والحريري بعد سلسلة اللقاءات التي عقداها، تبقي كرة حسم ‏التأليف السّريع في ملعبهما معاً، حيث انّهما باتا محكومَين بالاستجابة ‏لحاجة البلد الملحّة الى وجود حكومة في أسرع وقت ممكن، بالنظر ‏الى المنحى الانحداري الرهيب الذي تسلكه أزمات الداخل المتفاقمة ‏كورونيًّا ودولاريًّا واقتصاديًّا وماليًّا ونقديًّا ومعيشيًّا واجتماعيًّا، كما ‏انّهما في الوقت ذاته، لا يستطيعان أن يتجاهلا الحثّ الدولي المتجدّد ‏على التعجيل في تشكيل الحكومة، والذي عاد وعبّر عنه الرئيس ‏الفرنسي ايمانويل ماكرون للرئيس عون، في الاتصال الهاتفي بينهما ‏نهاية الاسبوع الماضي، وقبله بأيام قليلة وزير الخارجية الاميركية مايك ‏بومبيو، الذي ابلغ عون أنّ واشنطن تتطلع الى تشكيل حكومة ملتزمة ‏وقادرة على تطبيق الاصلاحات.‏

‏ ‏

كوبيتش

ولفت في هذا السياق، موقف للمنسق الخاص للامين العام للامم ‏المتحدة في لبنان يان كوبيتش، الذي قال: “من اجل استقرار لبنان، من ‏الضروري ان تتوصل مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة الى نتيجة ‏مثمرة على وجه السرعة، تأسيساً على الاتفاقات التي جرى التفاهم ‏عليها بشأنها بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلّف سعد ‏الحريري في ما يتعلق بشكل الحكومة وتوزيع حقائبها”.‏

‏ ‏

استاذ في النكد!‏

على أنّ في مقابل هذه الأجواء، تتبدّى صورة تشاؤميّة يبدو فيها الأفق ‏الحكومي مسدوداً بالكامل.‏

وفي هذا السياق، ابلغت شخصية سياسيّة بارزة معارضة لرئيس ‏الجمهورية وتياره السياسي الى “الجمهورية” قولها: “إنّ مهمّة الرئيس ‏المكلّف في تأليف الحكومة، باتت أكثر صعوبة مما كانت عليه قبل ‏صدور العقوبات على باسيل، إذ أنّ هذا الفريق سيحاول أن يتحصّن ‏امام هذه العقوبات بمحاولة تحقيق مكاسب إضافية له في الحكومة، ‏مستنداً الى دعم مباشر له في تحقيقها من قِبل “حزب الله”، والشروط ‏التي عاد وطرحها باسيل، لا تعبّر فقط عن موقفه بقدر ما هي تعبّر ‏عن موقف عون. ما يعني انّ باسيل قال ما لم يقله عون، ومفاده انّ ‏معايير تأليف الحكومة قبل العقوبات، لا تصلح لأن تُعتمد في تأليف ‏الحكومة بعد العقوبات”.‏

اضافت الشخصية المعارضة: “من هنا فإنّ ما أخشاه هو ان يكون ‏الحريري أمام مرحلة جديدة من المماطلة السياسيّة التي قد تعطّل ‏تأليف الحكومة بشروط تعجيزية تفرّغ هذه الحكومة من الغاية التي ‏يريدها الحريري منها، وبالتالي لا يستطيع أن يتجاوب معها. مثل ‏الإصرار على حكومة موسّعة تصل الى 24 وزيراً وربما اكثر، وكذلك ‏الاصرار على الوزارات التي يعتبرها هذا الفريق ملكاً حصرياً له مثل ‏وزارة الطاقة، واكثر من ذلك، الاصرار على الثلث المعطل في ‏الحكومة. من هنا، فإنّني أرى أنّ طريق الحريري الى تشكيل الحكومة ‏مزروعة بالألغام، وأنا شخصيًّا لا أتوقّع سوى النكد من هذا الفريق، ‏وخصوصاّ أنّ التجربة مع المرشد السياسي لتيار باسيل، اكّدت للقاصي ‏والداني انّه في مثل هذه الحالات هو “استاذ في النكد السياسي”.‏

‏ ‏

العوض بسلامتكم!‏

على أنّ هذه الصورة التشاؤمية تجلّت بشكل واضح في بعض ‏الصالونات السياسية المعنية مباشرة بملف التأليف، حيث برز فيها ‏تقييم لشخصية سياسية رفيعة المستوى خلصت فيه الى الآتي:‏

اولاً، العوض بسلامتكم في ما خصّ الحكومة، كنا ننصح ونأمل في أن ‏يتمّ تشكيل الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، وأمّا الآن فقد ‏فتحت امامنا صفحة جديدة عنوانها العقوبات الاميركية، التي طالت ‏باسيل، وقد تطال شخصيات اخرى تنتمي الى جهات سياسية اخرى، ‏وهناك مؤشرات الى أنّ هذه العقوبات ستصدر خلال فترة وجيزة، ‏والواضح من اداء بعض المعنيين بالحكومة انّ هناك محاولة جدّية ‏للربط المتعمّد بين تأليف الحكومة والعقوبات، ما يعني انّ هذا ‏التأليف قد تعثّر في الوقت الراهن، ويمكن مع هذه التطورات افتراض ‏انّ تأليف الحكومة قد رُحِّل الى فترة طويلة أقلّه الى شهر آذار المقبل، ‏وربما الى ما بعد تشكّل الادارة الاميركية الجديدة برئاسة الرئيس ‏الاميركي المنتخب جو بايدن.‏

ثانياً، إنّ بعض المعلومات تشير الى انّ الادارة الاميركية الحالية، وكما ‏مارست ضغوطاً على باسيل، يُخشى انّها قد مارست ضغوطاً مماثلة ‏على بعض المعنيين الآخرين بالملف الحكومي، وتلويحاً بفرض ‏عقوبات عليهم على غرار باسيل، كالرئيس سعد الحريري على سبيل ‏المثال، وذلك لقطع الطريق على اي محاولة لتشكيل حكومة تضمّ ‏في صفوفها حضوراً مباشراً او غير مباشر لـ”حزب الله” عبر وزراء ‏يسمّيهم الحزب او وزراء تابعين له.‏

ثالثاً، انّ بعض المعطيات المتوفّرة من بعض الجهات السياسية ‏المحلية تفيد بتوجّه لديها نحو عدم الرضوخ لضغوطات الإدارة ‏الاميركية الحالية، باعتبارها ادارة راحلة، وبالتالي محاولة تحقيق ما ‏يمكن لها ان تحققه في حكومة، خلافاً لرغبة هذه الادارة الاميركية ‏الراحلة، والتي تصفها هذه الجهات بالادارة الظالمة، ما يعني انّ ‏الوضع اللبناني وفي هذا الجو التصادمي، مفتوح على احتمالات ‏خطيرة، من الآن ولغاية انتهاء ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب ‏اواخر شباط المقبل.‏

رابعاً، انّ كل المؤشرات تشي بأنّ الفترة الفاصلة من الآن وحتى نهاية ‏ولاية الادارة الاميركية الحالية، هي الأكثر خطورة التي تشهدها نقاط ‏كثيرة على مستوى العالم ومن ضمنها لبنان، فما يُخشى منه هو ان ‏تبادر ادارة اميركية ترامبية متهورة في اتخاذ مزيد من القرارات ‏والخطوات، سواء على مستوى الداخل الاميركي، او على مستوى ‏العالم ملزمة بها الادارة الاميركية، ومن شأنها ان تخلق توترات على ‏اكثر من جبهة، وتشكّل ارباكاً لإدارة بايدن قبل تشكّلها، ويندرج في ‏ذلك، حمل رئيسة الادارة الوطنية للأمن النووي في وزارة الطاقة ‏الاميركية، التي تشرف على مخزون الولايات المتحدة من الأسلحة ‏النووية، جوردون هاجرتي، على الاستقالة من منصبها، دون إبداء ‏الأسباب. وإيكال هذا المنصب لأحد المقربين من ترامب وليام ‏بوكليس، وكذلك محاولة رفع مستوى الاستفزاز للصين، عبر القرار ‏الذي اتخذته ادارة ترامب، ومن دون سابق انذار رفع “حركة تركستان ‏الشرقية الاسلامية” التي تمثل جماعة ( الإيغور) المعروفة بتطرّفها ‏وعنفها الاجرامي، عن لائحة الارهاب، بعد عقدين من تصنيفها في ‏اعقاب هجمات 11 ايلول في العام 2000.‏

ولعلّ اخطر ما تحذّر منه الشخصية السياسية الرفيعة المستوى، ان ‏تفاجئ ادارة ترامب الجميع بقرارات غير متوقعة، سواء تجاه ايران او ‏سوريا او تجاه الملف الفلسطيني وحتى جنوب لبنان ومزارع شبعا. ‏ومن هنا فإنّ اعين اللبنانيين ينبغي انّ تظل مفتوحة خلال الشهرين ‏الخطيرين، سواء في اتجاه الداخل اللبناني او في اتجاه الجبهة ‏الجنوبية، تحسباً لأي طارئ قد يقلب الأمور رأساً على عقب.‏

‏ ‏

مفاوضات صعبة

الى ذلك، من المقرّر ان تُعقد في الناقورة اليوم جولة جديدة من ‏مفاوضات ترسيم الحدود بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي برعاية ‏الامم المتحدة وحضور الوسيط الاميركي.‏

الأجواء السابقة لهذه الجولة توحي بأنّ المفاوضات بدأت تتّسم ‏بالصعوبة، وسط اجواء سلبية بدأت تضخها اسرائيل حيال هذه ‏المفاوضات، وآخرها ما ورد على لسان وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال ‏شتاينتس، بإعلانه أنّه ليس متفائلاً من محادثات ترسيم الحدود، لأنّ ‏لبنان يأتي بمطالب قاسية لن تؤدي الى حلّ النزاع”، مشيراً الى وجود ‏‏”انقسام بالآراء حيال ما يخصّ الحدود بين البلدين منذ 10 سنوات، ‏فلبنان يريد خطاً معيناً وإسرائيل من ناحيتها تريد خطاً آخر، وتوجد ‏فجوة معينة عبارة 5 كيلومترات بين الحدود”.‏

واللافت للانتباه في هذا السياق، هو مبادرة الجانب الاسرائيلي الى ‏تسريب محاضر اجتماعات الناقورة الى الاعلام الاسرائيلي، الذي اشار ‏الى انّ الهوة واسعة جداً بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، تتمثل في ‏أن لبنان طلب الحصول على 1500 كيلومتر مربع، اضافة إلى المنطقة ‏المتنازع عليها البالغة 850 كيلومتراً مربعاً. وهو الأمر الذي ترفضه ‏اسرائيل، التي طالبت بدورها بإضافة ما يزيد عن 350 كيلومتراً مربعاً ‏على “المياه الاقتصادية الإسرائيلية”.‏

واكّد خبير لبناني لـ”الجمهورية”، انّ لبنان متمسك بحقه الكامل في ‏سيادته على كامل حدوده البرية والبحرية، وهو يمتلك من الوثائق ‏التي تثبت هذا الحق بالكامل، وهو يقدّم مقارباته في المفاوضات بناء ‏على هذه الوثائق لا أكثر ولا أقل.‏

ولفت الخبير المذكور الى انّ الوفد اللبناني متنبّه الى كل ما قد يلجأ ‏اليه الجانب الاسرائيلي من ألاعيب، وبالتالي فإنّ لبنان ليس معنيًّا بكل ‏ما يثار في الاعلام الاسرائيلي، الذي بدأ يروّج لاعتماد قواعد جديدة ‏لترسيم الحدود، كمثل التي طبقتها الولايات المتحدة الاميركية في ‏خليج المكسيك ومع كندا، او تجاوز الخرائط ، وانتقال مفاوضات ‏الترسيم بالتالي الى معادلات رياضيّة قد يحصل بنتيجتها لبنان على ‏ما يزيد عن 55% من مساحة الـ860 كيلومتراً المتنازع عليها. مُقرناً ‏ترويجه هذا بمحاولة إغراء الجانب اللبناني للقبول بهذا الأمر، على ‏اعتبار أنّ ذلك يرتد بأرباح اقتصادية هائلة على لبنان واسرائيل. وكأنّهم ‏يبيعون لبنان من كيسه ومن حقوقه”.‏

ولفت الخبير الإنتباه الى أنّ “المفاوضات ليست بالسهولة التي يأملها ‏لبنان، وكما سبق واشرت، فإنّ الوثائق والخرائط اللبنانية تؤكّد الحق ‏القاطع للبنان بمياهه إلى ما أبعد من مساحة الـ860 كيلومتراً، ‏وبالتالي موقفنا ثابت بالاصرار على حقنا الكامل أمام أيّ مماطلة ‏متوقعة من الجانب الاسرائيلي”.‏

وعمّا اذا كان الجانب اللبناني قد لمس”حيادية ايجابية” من الوسيط ‏الاميركي، أمل الخبير أن يتثبّت لبنان فعلاً من هذه الحيادية. إلاّ أنّه عبّر ‏في الوقت نفسه عن خشيته من أن تتأثر مفاوضات الترسيم سلباً ‏بتغيّر الإدارة الاميركية.‏

ما يجدر التذكير به في هذا السياق، هو ما اورده الخبير الإسرائيلي ‏إيهود يعاري، المعروف بصلته الوثيقة بأجهزة الأمن الإسرائيلية، في ‏مقال نشره موقع “القناة 12” الاسرائيلية قبل ايام، من “أنّ ‏المفاوضات الجارية بين تل أبيب وبيروت لترسيم الحدود البحرية، ‏تحمل أرباحاً ومكاسب اقتصادية هائلة، بسبب ما تخفيه هذه المياه ‏على جانبي الحدود من خزان كبير للغاز الطبيعي”.‏

اضاف: “إن هناك بنية جيولوجية تحمل كميات كبيرة من الغاز، ومن ‏الواضح لمفاوضي الجانبين في مقر اليونيفيل في رأس الناقورة، أنّه ‏سيكون من الضروري تقاسم ملكية هذا المجال مستقبلاً”.‏

Leave A Reply