السبت, نوفمبر 23
Banner

النهار : احتواء فرنسي للتأزم… ولبناني للانتشار الوبائي

‎وسط مخاوف وشكوك لم تحجبها الاستعدادات والإجراءات المقررة “بنبرة حازمة” يتجه لبنان ‏الى الجولة الثانية الواسعة والشاملة للإقفال العام في مواجهته مع الانتشار الوبائي ‏لفيروس كورونا علما ان الجولة الثانية منذ تسلل هذا الفيروس الى لبنان في شباط الماضي ‏تبدو اشد صعوبة وتعقيدا وكلفة بعدما تخطى لبنان الأرقام القياسية المقلقة في عدد ‏الإصابات وانتشارها على مستوى كل المناطق .ومع الامل في ان تتسم فترة الاقفال ‏المقبلة بين صباح السبت 14 تشرين الثاني الحالي وصباح الاثنين 30 تشرين الثاني هذه ‏المرة بالجدية والحزم الكافيين من جانب الدولة والأجهزة الأمنية والالتزام الصارم لإجراءات ‏الحماية الذاتية والعامة من جانب المواطنين لا تغيب عن بال اللبنانيين الغارقين بأزماتهم ‏ومشكلاتهم ومخاوفهم الانعكاسات الشديدة السلبية لتعطيل تأليف الحكومة الجديدة التي ‏يبدو ان مسار تشكيلها قد دخل في نفق بلا أي افق مضيء حتى الان بل ان مؤشرات زيادة ‏التعقيدات تتصاعد يوما بعد يوم بما يفاقم المخاوف من الغموض المتحكم بالاستحقاق ‏الحكومي . وفيما يسود الجمود المريب هذا المسار تتحرك فرنسا مجددا على رغم أولوياتها ‏الضاغطة في مكافحة موجات الإرهاب التي ضربتها كما في مكافحتها للانتشار الوبائي ‏التصاعدي . وهو الامر الذي يكشف أهمية عدم تخليها عن لبنان كاولوية خارجية للإبقاء على ‏مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خشبة خلاص وحيدة للواقع الانهياري في لبنان . ‏في هذا السياق سيصل اليوم الى بيروت الموفد الفرنسي باتريك دوريل مستشار الرئيس ‏الفرنسي لشؤون افريقيا والشرق الأوسط في مسعى لاعادة تحريك المبادرة الفرنسية‎ .‎

وقد عين دوريل رئيسا لخلية الازمة في الاليزيه مكان السفير السابق ايمانويل بون وينتظر ‏ان يقوم بجولة على المسؤولين والسياسيين اللبنانيين في اليومين اللذين يمضيهما في ‏بيروت التي يغادرها يوم الجمعة المقبل . واذا كان ايفاد دوريل الى بيروت انعش الآمال ‏في امكان احداث خرق في جدار الانسداد السياسي الذي يواجه رئيس الحكومة المكلف ‏سعد الحريري في تأليف الحكومة فان ثمة من توقع ان يعيد الموفد الفرنسي سؤال ‏القيادات السياسية عن مصير التزاماتهم بالمبادرة الفرنسية في لقاء قصر ال صنوبر في ‏اللقاء الموسع بين الرئيس ماكرون والقيادات السياسية في الأول من أيلول الماضي كما ‏سيحذر من التبعات الخطيرة جدا على لبنان في حال التمادي في تعطيل تأليف “حكومة ‏مهمة ” تلتزم البرنامج الإصلاحي الذي تضمنته الورقة الفرنسية ووافقت عليها كل القوى ‏التي شاركت في لقاء قصر الصنوبر‎ .‎

ويصل الموفد الفرنسي فيما تفاقمت حال الانسداد السياسي وبدا الاستحقاق الحكومي كأنه ‏دخل بعد العقوبات الأميركية على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مرحلة ‏الجمود الكبير في ظل ما كشفته المعلومات المتوافرة عن اللقاء الأخير بين رئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري من انعدام تحقيق أي تطور إيجابي . وبدا ‏لافتا في هذا السياق الموقف الذي اتخذه المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى برئاسة مفتي ‏الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان اذ “استغرب الاستمرار في تعطيل وعرقلة جهود ‏الرئيس المكلف سعد الحريري تأليف حكومة جديدة تعمل على انقاذ لبنان من ازمته الخانقة ‏وإخراجه من دوامة الفراغ السياسي الذي يدور فيه على غير هدى “. واعتبر “ان لبنان احوج ‏ما يكون اليوم الى حكومة انقاذ وطني تكون على مستوى التحديات التي يواجهها وان ‏تقاذف الاتهامات التعطيلية ما هو الا تعبير عن عقلية المساومات الرخيصة لتحقيق ‏مكاسب شخصية او حزبية او فئوية‎ “.‎

‎ ‎

بومبيو وباسيل

وتواصلت امس تداعيات العقوبات الأميركية على باسيل اذ هاجم وزير الخارجية الأميركية ‏مايك بومبيو باسيل معتبرا انه “مرتبط بمنظمة إرهابية هي حزب الله “. وقال بومبيو في ‏مؤتمر صحافي “قمنا بفرض عقوبات على باسيل بسبب الفساد ..الشعب اللبناني لم يعد ‏يحتمل هذه الممارسات “. وأضاف :”وضعنا العقوبات على باسيل لانها مناسبة وصحيحة ‏وستؤدي الى نتائج جيدة “. وقال ان “الشعب اللبناني يريد بلدا مستقلا ولا يريد طبقة ‏فاسدة تسرق بلده ومن الواضح ان الشعب اللبناني يريد من الطبقة السياسية الفاسدة ‏التي يتحكم حزب الله بجزء كبير منها ان تتوقف عن تخريب البلاد‎ “.‎

‎ ‎

الاقفال والتحدي

اما في ما يتصل بقرار الاقفال العام في البلاد الذي اتخذه المجلس الأعلى للدفاع في ‏اجتماعه امس في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال ‏حسن دياب والوزراء والأجهزة والإدارات المعنية فبدا واضحا ان الدولة تحاول تعبئة الرأي ‏العام اللبناني لكي تأتي الجولة الثانية من الاقفال العام الشامل بعد الجولة الأولى في آذار ‏الماضي مجدية وفعالة في كبح جماح الانتشار الوبائي الذي عم كل المناطق اللبنانية وهدد ‏القطاع الاستشفائي والطبي والتمريضي للمرة الأولى بهذا المستوى من الخطورة كما جعل ‏لبنان يقفز الى مراحل متقدمة ومقلقة في مراتب الدول التي تسجل أرقاما قياسية في ‏اعداد المصابين والحالات الحرجة ولو ان عدد الوفيات فيه لا يزال يعتبر متدنيا قياسا بعدد ‏الإصابات . وفي ظل المعطيات المسجلة عن واقع الانتشار الوبائي والتوصيات التي ‏رفعتها اللجنة الصحية المعنية بمتابعة ملف كورونا قرر المجلس الأعلى للدفاع امس ‏سلسلة خطوات احتوائية تبدأ بالإقفال العام بين 14 تشرين الثاني و30 منه. ولكن بدا ‏مستغربا ان تتسع لائحة الاستثناءات من الاقفال الى عدد واسع وفضفاض من القطاعات ‏مع ان الاتجاه الى الحزم والتشدد في تنفيذ الإجراءات المقررة كان يفترض تضييق ‏الاستثناءات الى اقصى الحدود الضرورية والملحة لا اكثر . وقد دعا رئيس الجمهورية في ‏مستهل الاجتماع الى “اقفال على مستوى وطني مع مراعاة لبعض القطاعات ” وحذر من ‏وضع خطير جدا نشأ عن تفشي الوباء . كما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ‏حذر من ان “كل البلد اصبح في وضع حرج وبلغنا اليوم الخط الأحمر في عدد الإصابات في ‏ظل عدم قدرة المستشفيات على استقبال المصابين “. واعلن ان هناك قرارا حازما في ‏مواجهة تفشي الوباء لمنع انهيار الواقع الصحي في مواجهة كورونا مناشدا اللبنانيين التزام ‏الإجراءات الصحية والتدابير التي اتخذت . يشار في هذا السياق الى ان عداد الإصابات ‏سجل امس 1552 إصابة و17 حالة وفاة وبات مجمل العدد التراكمي للإصابات منذ 21 ‏شباط الماضي يقترب من المئة الف إصابة اذ وصل امس الى 96907 إصابات‎ .‎

Leave A Reply