السبت, نوفمبر 23
Banner

مؤشرات العام الجديد لا تُبشّر بالخير: تدهور الليرة مثال حيّ

عبد الكافي الصمد – سفير الشمال

“أوّل دخوله شمعة على طوله”. بهذه العبارة يمكن قراءة ما تحمله أيّام العام الجديد منذ يومه الأوّل، إذ بعدما أقفل سعر صرف الدولار الأميركي في السّوق السّوداء في اليوم الأخير من العام الفائت، 2021، على سعر 27400 ليرة لبنانية، أقفل يوم أمس على سعر 28500 ليرة لبنانية، أيّ بزيادة أكثر من ألف ليرة في يوم واحد، ما أعطى مؤشّراً على ما يمكن أن تحمله الأيّام المقبلة من تدهور دراماتيكي في سعر صرف العملة الوطنية أمام العملة الخضراء.

في ليلة اليوم الأخير من العام الماضي تسمّر قسم كبير من اللبنانيين أمام شاشات التلفزيون بانتظار ما سيقوله المنجمون عن العام الجديد، وما سيحمله لبلدهم، لكنّهم صدموا لما سمعوا أنّ العملة اللبنانية ستتدهور أكثر في الأيّام المقبلة، إلى حدّ أنّ بعض المنجمين توقّعوا أنّ يتراجع سعر صرف اللبنانية أمام الدولار إلى نحو 50 ألف ليرة، وأنّ البلد سوف يشهد توتراً سياسياً وأمنياً خطيراً، خصوصاً أنّه مقبل على استحقاقين مهمّين في العام 2022، الأوّل الإنتخابات النّيابية في أيّار المقبل، والثّاني الإنتخابات الرئاسية في تشرين الأوّل المقبل.

لكنّ الواقع لم يكن ينتظر توقّعات المنجّمين حتى يُدرك اللبنانيون إلى أين سيحملهم العام الجديد، ولا ما ينتظرهم فيه، فكلّ التوقعات ومعظم آراء الخبراء والعارفين كانت تصبّ في اتجاه واحد، وهو أنّه لا يوجد أيّ بصيص أمل في تعافي لبنان من أزمته الإقتصادية والمعيشية الخانقة، ولا في الخروج من أنفاق أزماته السّياسية التي لا تنتهي، ولا إبقاء البلد بمأمن عن حصول توتّرات وخضّات أمنية فيه.

فالبلد مُفلس فعلياً على كلّ الصعد. من دلائل ذلك أنّ خزينة مصرف لبنان المركزي لم يعد يوجد فيها من العملات الصعبة سوى القليل، وهو إحتياط لا يمكنه أن يوقف إنهيار الليرة أمام الدولار، ولا النّهوض باقتصاد يغلب عليه طابع الريعية وفاشل يسوده الفساد والمحاصصة، وتغيب عنه الإنتاجبة والكفاءة والتخطيط، كما أنّه أصيب خلال السنتين الأخيرتين بنكسات من العيار الثقيل، ما يجعل تعافيه وعودته إلى ما كان عليه قبل 17 تشرين الأول من عام 2019 مسألة مستحيلة وفي غاية الصعوبة والتعقيد، وتحتاج جهوداً جبارة وإمكانات إستثنائية ليست متوافرة.

ففي بلد تتراكم فيه الأزمات كالجبال، من أزمة الليرة، إلى أزمات الكهرباء والإتصالات والمياه والمحروقات والأدوية والقطاع الصحّي، وارتفاع أسعار السّلع الغذائية، وأزمات القطاعات الإنتاجية الأساسية، الزّراعة والصّناعة والسّياحة والخدمات، وارتفاع نسب البطالة والهجرة بشكل غير مسبوق ينذر بالكثير من المخاطر في المدى المنظور سواء القريب منه أو البعيد، كلّ ذلك يُنذر في غياب المعالجات الفعلية والجدّية أنّ العام الجديد لن يكون أفضل من سابقه.

كلّ ذلك في كفّة واستحقاقي الإنتخابات النّيابية والرئاسية في كفّة أخرى. فوسط كلّ تلك الأزمات يجد اللبنانيون أنفسهم أسرى أمام طبقة سياسية مستعدة لأن تحرق البلد بما فيه ومن فيه من أجل إبقاء قبضتها ممسكة بمفاصله، وتأمين مصالحها على حساب مصالح الشّعب مهما كان الثمن.

Leave A Reply