بعد أن حذرت شرطة العاصمة البريطانية لندن خلال الأشهر الماضية، من تصاعد جرائم قتل المراهقين، سجلت المدينة أسوء سنواتها دموية منذ عام 2008، في إشارة مثيرة للفزع وتستحث جميع الجهات للتصدي لهذه الآفة المستفحلة.
استدعت العاصمة البريطانية لندن الانتباه، خلال السنوات الأخيرة، لارتفاع منسوب جرائم العنف والقتل، والتي تفاقمت حدتها بشكل مفزع، خلال فترات الحجر المنزلي الذي أملاه انتشار جائحة كورونا.
ورغم التحذيرات الأمنية المتواصلة، منذ بداية السنة المنقضية 2021، ورغم دوريات المراقبة والاستطلاع المكثفة في شوارع لندن، فإن المدينة شهدت أكثر سنواتها دموية، خاصة في قتل المراهقين طعناً بالسكاكين، وسجلت بذلك أعلى معدل لجرائم قتل المراهقين منذ عام 2008.
وبينما حملت جهات الأجهزة الأمنية والسلطات المختصة، المسؤولية، تساءل آخرون عن أسباب تفشي هذه الآفة، وعن أسباب استهدافها للمراهقين على وجه خاص، وبشكل مروع.
طعن المراهقين بالسكاكين
حذرت الشرطة البريطانية، خلال الأشهر الماضية، من أن عام 2021 سيكون الأكثر دموية بالنسبة لمدينة لندن، منذ عام 2008، من حيث قتل المراهقين بالسكاكين.
وأعلنت حينها أنها ستزيد عدد الضباط في الشوارع، والدوريات في الأماكن المفتوحة والحدائق والملاهي والحانات والنوادي. ولكن يبدو أن جهود الأجهزة الأمنية لم تتمكن من مجابهة هذا التحدي بالقدر الكافي. فسجلت لندن، مقتل 30 شاباً مراهقا عام 2021، أغلبهم لقوا حتفهم طعناً بالسكاكين، وفق ما أشارت إليه التقارير الأمنية لاحقاً، والتي أكدت في السياق ذاته أن جرائم الطعن هي المسؤول الأول عن أكبر عدد من القتلى خلال العام ذاته.
وكان آخر الضحايا، طفلاً يبلغ من العمر 15 عاماً قتل طعناً يوم 30 ديسمبر/كانون الأول المنقضي، في حديقة آشبورتون بارك العامة في كرويدن جنوبي لندن.
وبينما حمل كثيرون شرطة لندن الفشل في احتواء العنف المتصاعد، معتبرين أن ذلك يعود إلى عدم وجود تدابير رادعة كافية لمنع المراهقين والعصابات المنتشرة في الأحياء من حمل السكاكين، أكدت في المقابل أجهزة الأمن أن هذا العدد كان سيكون أكبر من ذلك بكثير لولا جهودها المكثفة.
وتحدثت في السياق ذاته، عن مجموعة المداهمات والمواجهات التي أطلقتها، خلال الفترة الأخيرة للتصدي لعنف العصابات المنتشرة في أحياء وشوارع لندن، وخاصة المتمركزة بشكل كبير في مناطق تابعة لمجلس نيو أدينغتون المحلي، والتي كانت سبباً في عدد من هذه الجرائم.
ويرى خبراء ومحللون، أن تقليص أعمال الشرطة في المناطق التي تتمركز فيها العصابات الإجرامية، بسبب الهجوم الذي تتعرض له دورياتها باستمرار، إضافة إلى تنامي سوق المخدرات، كان سبباً في استفحال هذه الظاهرة التي أودت بحياة عشرات المراهقين، الذين كان يرتاد بعضهم مناطق ترفيهية، كالملاعب والحدائق فغدت مسارع للجريمة والعنف.
من يتحمل المسؤولية؟
في مواجهة هذه المأساة المجتمعية، اعتبرت الأجهزة الأمنية أن المسؤولية تقع مناصفة على عاتق الجميع، للحد دون مزيد تفشيها في المجتمع. وفي السياق ذاته، تحدث قائد الشرطة، أليكس موراي، متوجهاً في مناشدة مباشرة إلى الآباء : “إذا كانت لديك مخاوف ، فتحدث إلى أطفالك.. تأكد أنهم لا يحملون السكاكين، وتأكد أنهم لا يتسكعون مع الأطفال الذين يحملون السكاكين”.
ومن جانبه، كتب عمدة لندن صادق خان في تغريدة له على حسابه في تويتر : “إنني أرفض قبول أن خسارة أرواح الشباب أمر لا مفر منه ، وسوف أستمر بلا هوادة في اتخاذ الإجراءات الجريئة اللازمة لوضع حد للعنف في مدينتنا”.
I am devastated by the deaths of a 15-year-old boy in Croydon and a 16-year-old boy in Hillingdon. My thoughts & prayers are with their families, friends & communities. I’m in close contact with @MetPoliceUK who are doing everything possible to bring those responsible to justice.
— Mayor of London, Sadiq Khan (@MayorofLondon) December 31, 2021
وفي المقابل، اعتبر ناشطون وعدد من مؤسسات المجتمع المدني، أن هذه المشكلة المجتمعية ستستمر في النمو ما لم يجرى التعامل معها بشكل صحيح. ويتهم كثيرون بناء على ذلك، الجهات الرسمية في مدينة لندن بالإخفاق والتقصير في التعامل مع هذه الظاهرة.
وقد صرح، أنتوني كينغ ، رئيس برنامج MyEnds الذي يهدف إلى معالجة جرائم السكاكين في لندن: “من المحزن أننا نواجه الكثير من المشاكل في المدارس، وفي التعليم ، ويجرى استبعاد الشباب وفصلهم عن المعاهد بسرعة كبيرة جداً، حتى لأسباب غالباً ما تكون بسيطة، دون أخذ الاعتبار بالمشاكل والانهيارات التي يعايشها بعضهم في منزله”.
ويعتبر أخصائيون، أن السلطات تسهم بذلك في دفع الشباب والمراهقين إلى مسارح العنف والجريمة والالتحاق بالعصابات، التي تجدهم في تلك الظروف فريسة سهلة.
Follow Us: