كتبت صحيفة الديار تقول: حالة انعدام الوزن تشهدها الساحة السياسية بسبب التجاذبات الحادة التي سجلت مع مطلع العام الجديد حول العديد من الملفات والاستحقاقات وتراجع المساعي لتسوية الخلافات المستمرة في شأن معالجة الازمة الحكومية وعقدة مسار تحقيقات القاضي طارق البيطار في انفجار المرفأ.
والى جانب هذه القضية برزت خلافات مستجدة حول الموقف من الحوار الذي دعا اليه الرئيس عون ومرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب بالصيغة التي وقعها رئيس الجمهورية والتي لاقت اعتراضا صريحا من الرئيس بري الذي اكد ان المجلس سيد نفسه رافضا تقييده ببرنامج او جدول اعمال محدد.
وبعد ايام على تصريح الرئيس ميقاتي اثر اللقاء الذي سبق اللقاء الاخير مع الرئيس عون في بعبدا تبددت اجواء التفاؤل بقرب عودة جلسات مجلس الوزراء في ظل استمرار مشكلة تحقيقات القاضي بيطار وموقف ثنائي «امل» وحزب الله منها.
ووفقا للمعلومات التي توافرت امس فان رئيس الحكومة عازم كما اعلن في القصر الجمهوري على الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء مخصصة لمناقشة موازنة العام 2022 التي ينتظر ان تكون منجزة من قبل وزارة المال في غضون الايام المقبلة.
ميقاتي لن يتراجع عن جلسة للموازنة
وكشفت مصادر مقربة من رئيس الحكومة لـ «الديار» امس ان الرئيس ميقاتي يتابع عن كثب عمل وزارة المال للانتهاء من انجاز مشروع الموازنة الذي صار في مرحلته النهائية وانه سيجتمع مع وزير المال يوسف الخليل قبل ان يرفع المشروع الى رئاسة مجلس الوزراء.
وقالت المصادر ان الرئيس ميقاتي سيدعو فور ذلك الى جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة الموازنة وان قراره هذا امر لا رجعة عنه وهو قرار محسوم بغض النظر عمن سيحضر او من سيمتنع عن حضور الجلسة، مع الامل بأن يحضر الجميع للمشاركة في هذه الجلسة المهمة والضرورية.
وألمحت المصادر الى ان الامور التي يأخذها رئيس الحكومة بعين الاعتبار بالنسبة للدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء يفترض الا تنطبق على مثل هذه الجلسة الملحة والتي تعتبر في غاية الاهمية.
واضافت انه لا يجب ان يكون هناك خلاف حول حضور هذه الجلسة التي يفترض ان تكون منفصلة عن اي حلول اخرى وبالتالي لا تراجع عن الدعوة اليها بعد انجاز الموازنة.
وعزت المصادر تأخر انجاز الموازنة لأيام سببه بعض الامور الادارية وتداعيات تزايد حالات كورونا، متوقعة ان يتم الانتهاء من مشروع الموازنة في غضون الايام المقبلة او الاسبوع المقبل.
وردا على سؤال قالت مصادر الرئيس ميقاتي ان اقرار الموازنة امر اساسي وملح للغاية مشيرة الى انها اول شرط من شروط التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
واضافت انه يفترض ان يقر مجلس الوزراء الموازنة قبل مجيء وفد صندوق النقد الى لبنان في 21 الجاري، وان نكون قد قطعنا شوطا مهما في هذا الاطار قبل المحادثات المهمة التي ستجريها اللجنة الحكومية مع الوفد المذكور.
ونقلت مصادر مطلعة عن الرئيس ميقاتي تأكيده بأنه يضع في الاولوية دعوة مجلس الوزراء الى جلسة مخصصة لمناقشة الموازنة بغض النظر عن اية امور اخرى وانه يأمل كما اعرب في تصريحه في بعبدا ان يتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه هذا الامر معربا عن ثقته بالتجاوب مع هذا الموقف نظرا لأهمية اقرار الموازنة على كل الصعد بما في ذلك مسألة التفاوض مع صندوق النقد.
وفي السياق نفسه قال مصدر مطلع لـ «الديار» ان جلسة الموازنة تفرضها الاصول الدستورية والحاجة لها على الصعيد الاقتصادي والمالي وعلى صعيد تسريع مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
ورأى ان تعطيل مثل هذه الجلسة وتأخير مناقشة الجلسة مسألة خطيرة وقد تعرض كل عملية التفاوض مع صندوق النقد للتأخير والعرقلة.
وبانتظار ما ستحمله الايام المقبلة على هذا الصعيد جددت مصادر مطلعة التأكيد بأن الثنائي الشيعي ما زال على موقفه من موضوع جلسات مجلس الوزراء وانه يربط المشاركة في هذه الجلسات بحل ازمة القاضي بيطار ومسار تحقيقاته في انفجار المرفأ.
ويبدو ان فرصة معالجة هذا الامر عن طريق المسار القضائي تكاد تكون معدومة خصوصا ان احد اعضاء مجلس القضاء الاعلى سيحال الى التقاعد في 12 الجاري كما ان فكرة حل هذه القضية عبر محكمة التمييز لم تنجح ايضا.
ووفقا للمعلومات فان اية صيغة لكيفية انعقاد جلسة الموازنة لم تتبلور او تحسم بعد مع الاشارة الى امكانية انعقاد الجلسة بحضور وزير شيعي واحد هو وزير المال يوسف خليل باعتباره الوزير المختص والمعني في مناقشة الموازنة بالدرجة الاولى.
رئيس الحكومة الى القاهرة
من جهة ثانية علمت «الديار» من مصادر موثوقة ان الرئيس ميقاتي تمنى على رئيس الجمهورية تقريب موعد لقائه معه حول موضوع الحوار الذي جرى اول امس لافتا الى ارتباطه بزيارة للقاهرة في نهاية الاسبوع. ولم تكشف المصادر عن طبيعة الزيارة وبرنامجها.
عون يشاور الكتل حول الحوار
وعلى صعيد الاتصالات والمشاورات التي بدأها الرئيس عون من اجل استمزاج آراء الكتل البرلمانية حول الحوار الذي يعتزم ترؤسه في بعبدا، علمت «الديار» ان رئيس الجمهورية خصص يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين للقاء عدد من رؤساء الكتل، وان جدول مواعيد هذه الكتل قد بدأ اعداده في ضوء الاتصالات التي تجريها رئاسة الجمهورية لهذه الغاية.
وقالت مصادر بعبدا لـ «الديار» ان الرئيس عون اعتمد هذه المرة آلية اخرى تقضي بان يجري مشاورات مع رئيس المجلس النيابي والحكومة ورؤساء الكتل النيابية حول الحوار والمواضيع الثلاثة التي طرحها وهي: الاستراتيجية الدفاعية، اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، وخطة التعافي المالي والاقتصادي.
واشارت الى ان رئيس الجمهورية يحرص من خلال هذه الاتصالات واللقاءات استمزاج اراء رؤساء الكتل النيابية قبل تحديد موعد الحوار الذي يفترض ان يحصل قبل نهاية هذا الشهر.
وكشفت المصادر ان الرئيس عون اتصل لهذه الغاية مع الرئيس بري واجتمع ايضا كما هو معلوم مع الرئيس ميقاتي.
واضافت ان جدول لقاءات رئيس الجمهورية الثلاثاء والاربعاء المقبلين يتوقع ان يشمل قادة ورؤساء كتل نيابية: الوفاء للمقاومة، اللقاء الديموقراطي، المردة، الامير طلال ارسلان، اللقاء التشاوري، كتلة النواب الارمن، وتكتل لبنان القوي.
وردا على سؤال حول موقف «القوات اللبنانية» اوضحت المصادر ان القوات لم تعط جوابا رسميا بعد، لافتة الى ان موقف الرئيس الحريري صار معروفا وقد اعلنه في بيانه الاخير.
ووفقا للمعلومات المتوافرة فان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجيه او نجله طوني سيزوران بعبدا في اطار هذه المشاورات الى جانب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، والامير طلال ارسلان، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، رئيس كتلة الارمن اغوب بقرادونيان، وممثل عن اللقاء التشاوري.
وتضيف المعلومات ان الثنائي الشيعي وافق على المشاركة في الحوار، حيث اعلنت كتلة الوفاء للمقاومة موقفها هذا في بيانها الاخير. كما كان الرئيس بري اعلن انه لا يقاطع الدعوة للحوار مشددا في الوقت نفسه على ان العبرة بالنتائج.
اما جنبلاط الذي كان ابدى موقفا مبدئيا بتأييد الحوار، فانه سيحسم موقفه خلال المشاورات، ويتجه الارمن، وتكتل لبنان القوي، واللقاء التشاوري، والاميرطلال ارسلان والمردة الى التجاوب مع الدعوة للحوار.
اما القوات اللبنانية، وان لم تعلن موقفا رسميا بعد، فانها ستقاطع الحوار كما عبر اكثر من مصدر فيها في الساعات الماضية.
والجدير بالذكر ان الرئيس ميقاتي حرص بعد لقائه رئيس الجمهورية على عدم اعلان موقفه من الحوار.
وقال مصدر مطلع لـ «الديار» ان رئيس الحكومة فضل عدم الاعلان عن موقفه نظرا لموقعه ولقطع الطريق على اية تفسيرات وتحليلات. لكنه لفت في الوقت نفسه الى ان تجنب ميقاتي الافصاح عن موقفه يؤشر الى انه لا يرى ان الظرف مناسب لمثل هذا الحوار.
تحفظ اشتراكي
ولفت امس كلام امين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن وقوله «اذا كان الهدف من الحوار تعويم العهد فمش شغلتنا نلمع صور حدا».
واعتبرت مصادر مطلعة ان هذا التصريح يبعث على الاعتقاد بان جنبلاط سيتحفظ على انعقاد الحوار في هذا الظرف. غير ان مصادر الحزب التقدمي فضلت عدم التعليق قبل زيارة رئيس الحزب لبعبدا.
عراجي: لا نتيجة من الحوار
وبعد ان اعلن الرئيس الحريري معارضته للحوار قبل الانتخابات، قال عضو كتلة المستقبل عاصم عراجي امس ان الحوار الذي دعا اليه الرئيس عون «بلا نتيجة وجاء متأخرا، وكان يجب ان يكون منذ فترة طويل، وانني اتبنى ما قاله الرئيس الحريري».
وفي مجال آخر، دعا عراجي الدكتور جعجع الى تقديم توضيح بشأن موقفه من تحالفه مع تيار المستقبل، مشيرا الى ان الرئيس الحريري سيكون قريبا في لبنان.
ورأى «ان الاكثرية السنيّة يمثلها شخص واحد هو الرئيس الحريري، والجميع يطالب بعودته، وهو لاعب اساسي في السياسة اللبنانية».
خلاف مرسوم الدورة الاستثنائية
من جهة اخرى احدث مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب بالصيغة التي وقعها الرئيس عون مزيدا من اجواء التوتر مع الرئيس بري، خصوصا ان رئيس المجلس كان ابلغ رئيس الجمهورية انه سيقابل كل خطوة ايجابية بخطوة مماثلة لكنه فوجئ بصيغة المرسوم المذكور، ما استدعى ردا فوريا يؤكد على ان المجلس سيد نفسه.
وقالت مصادر نيابية مطلعة لـ «الديار» ان المادة 33 لا تقيد المجلس بعد فتح الدور بان يحدد وفق الاصول ومن خلال هيئة مكتب المجلس جدول اعمال الجلسات التي يدعو اليها رئيس المجلس.
واضافت انه اذا كان رئيس الجمهورية يحدد برنامجا معينا في الدورة الاستثنائية فان هذه الصلاحية الواردة في المادة المذكورة لا يمكن ان تتجاوز صلاحيات المجلس بعد بدء الدورة، ذلك انه سيد نفسه وهو الذي يحدد جداول اعمل الجلسات.
وتوقعت مصادر مطلعة ان يهدأ السجال حول هذا الموضوع مشيرة الى ان مجلس النواب ورئاسة المجلس ستتصرف في الدورة الاستثنائية وفق ما اكد عليه الرئيس بري.
حزب الله: تدخل سفارات يهدد الامن القومي
وفي رد على الحملة التي يتعرض لها حزب الله قال عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق «ان المنهزمين في المنطقة يشنون هجمة سياسية واعلامية على حزب الله في مغامرة خاسرة لتعويض خسائرهم».
وشدد على «ان لبنان الرسمي مطالب بالدفاع عن السيادة بوجه تدخلات واساءات عدد من السفراء الذين يمعنون في مخالفة الاصول الديبلوماسية، ويبثون سموم التفرقة بين اللبنانيين».
ورأى ان تدخل بعض السفارات في الشؤون الداخلية يشكل تهديدا حقيقيا للامن القومي».
جعجع يدق النفير الانتخابي
على صعيد آخر اعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع «التعبئة الحزبية الشاملة من اجل خوض المعركة الاتنخابية»، ودعا الى «تحويل كل الهيئات الحزبية الى ماكينة انتخابية مجيشة لصالح العملية الانتخابية كونها الوسيلة الوحيدة التي تحمل في طياتها العبور الى الخلاص الوطني».
ورأى خلال لقائه كوادر «القوات» في معراب «ان هذه المعركة هي معركة انقاذ لبنان من محاولة تغيير هويته وتاريخه، كما انها معركة اللبنانيين للتخلص من الواقع المذري الذي اوصلهم اليه تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر ومن معهما».