السبت, نوفمبر 23
Banner

الصحافي علي ضاحي لوكالة هاور للانباء: الثنائي الشيعي اللبناني “مجبر لا بطل” في المقاطعة الوزارية

استهلت الحكومة اللبنانية العام 2022 بشلل وزاري، أصابها منذ تشكيلها. أشهر طويلة من الجمود فاقمت أزمة اللبنانيين، وقسّمت كما العادة الشارع اللبناني، بين مؤيد لحزب الله وحركة أمل ومعارضين لهما.

أياً يكن، فالحقيقة أن الانهيار الاقتصادي يرجع إلى جذور عميقة تسبق الخصومة السياسية بين الثنائي (حزب الله وحركة أمل) والجلسات الحكومية، وهذه الأزمة القديمة لم تنتجها المقاطعة الطارئة نسبيًّا، وإنما رسختها.

وعلى أعتاب الحديث عن جلسة وزارية مرتقبة مطلع الأسبوع المقبل، يتسع المشهد لفهم قضية قرار الثنائي السياسي من منظور آخر، عبّر عنه الصحافي والكاتب السياسي، علي ضاحي، في حديث لوكالتنا، مؤكداً أن “مقاطعة الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل لمجلس الوزراء جاءت قسرية، بسبب السلوك القضائي غير السوي، وقد كانت هناك مطالبة من الثنائي خلال آخر جلسة لمجلس الوزراء في 10 أكتوبر الماضي بتصحيح الوضع، فما كان من الرئيس إلا أنه رفع الجلسة، وأكد عدم اكتراثه، وهذا أزعج الثنائي ودفعه إلى المقاطعة”.

وأكد ضاحي أن “المقاطعة في الأساس خطوة سلبية، ولا أحد يحبذها، وانعكست على الوضع الاقتصادي بلا شك، ولكنها ليست سبب البلاء في لبنان. فالحكومة أصلًا لا تملك إمكانات ضخمة لحل الأزمة الاقتصادية الكبيرة. فالأزمة متراكمة وعمرها أربعون عامًا، وأخطر ما في الأزمة عدم توفر العملة الصعبة في لبنان، وتوقف الدورة الاقتصادية في البلاد، لأن لبنان بلد غير منتج وغير صناعي، بالإضافة إلى أن العلاقة غير السوية مع الخليج انعكست على التبادل التجاري وقطاع السياحة. وحتى قبل العام الجاري والأزمة الأخيرة مع السعودية، كان ثمة حصار منذ أكثر من 4 سنوات، والأمور منذ العام 2006 حتى اليوم تتراجع تدريجيًّا”.

وأضاف ضاحي: “المحصلة أن التبادل التجاري بين البلدين ضئيل ويقتصر على بعض المواد الزراعية والغذائية. والعكس صحيح فالواردات السعودية إلى لبنان تكاد توازي ما يصدره لبنان إليها. لذلك ففي الحقيقة، كانت عودة الثنائي غير مشروطة، أو مرتبطة بأي تسوية أو صفقة، وإنما ترجع إلى أسباب اقتصادية واجتماعية، بالإضافة إلى الحملات الكثيرة على الثنائي واتّهامه بأنه عطّل البلد ورفع قيمة الدولار إلى 35 ألفًا، وتأثيره على الوضع المعيشي العام والضاغط على المعلمين والموظفين في القطاع الحكومي والقطاعات العسكرية والأمنية. كل هذه التفاصيل الاقتصادية الصعبة حُمّلت للثنائي بشكل ظالم وغير منصف”.

ورأى ضاحي أن “خطوة المقاطعة لم تكن خطوة موفقة، فقد كانت خطوة سياسية، أما اقتصاديًّا، فاستجلبت انتقادات وردود فعل كان بمتناول حزب الله وحركة أمل أن يتجنباها إذا ما سارت الأمور”.

إلى الحكومة، عودة ميمونة للثنائي بلا تنازلات

هل يعود الثنائي حقًّا إلى الجلسات الحكومية، أم أن فصول المقاطعة لم تنقضِ بعد. وهل يتنازل حزب الله وحركة أمل عن شيء في سبيل العودة. لعل هذا هو التساؤل الأبرز على الساحة اللبنانية، لا سيما بعد الإصرار الواضح سابقًا على إقالة المحقق العدلي طارق بيطار، لاستكمال المشاركة في الجلسات.

وحول ما إذا كان يوجد شبهة تنازلات، قال الصحفي علي ضاحي: “لا أعتقد أن هناك تنازلات من قبل حزب الله وحركة أمل، الثنائي مكون أساسي في البرلمان والحكومة وليس ثمة تنازلات أو صفقة. والعودة إلى مجلس الوزراء حق سياسي مشروع، كما أن المقاطعة حق سياسي مشروع يكفله الدستور، ولذلك لم تكن هناك أي صفقة”.

ورجّح ضاحي أن يكون “موضوع المحقق العدلي القاضي طارق بيطار قد تجمّد بسبب أن محكمة التمييز التي كانت تصدر دائمًا الأحكام السريعة بمنع كف يد البيطار، قد أصابتها علة وفقدت نصابها بعد خروج قاضٍ منها إلى التقاعد، وبالتالي لا يمكنها أن تبتّ في أي ملف آخر”.

وتابع ضاحي: “عمليًّا، الدعوة الأخيرة للقاضي البيطار ما تزال قائمة، وبموجب ذلك، عدم البت في القضية يعني أن التحقيق سيتجمد طويلًا إلى ما بعد الانتخابات النيابية، وخاصة أن لا تعيينات اليوم في مجلس الوزراء، ولن تكون التعيينات حاضرة لأسباب كثيرة”.

بمشاركة الثنائي، جلسة مرتقبة واختبار جماعي

وفي مقابل التطمينات التي تبث حيال انعقاد جلسة للحكومة بمشاركة الثنائي حزب الله وحركة أمل، على قاعدة النظر في الملفات الاجتماعية والاقتصادية الملحة، ثمة من ينظر إلى هذه الدعاية على أنها مجرد فقاعة لا أكثر.

ولكن الصحفي والكاتب السياسي علي ضاحي، أكد أن “جلسة للحكومة ستنعقد الإثنين، وستكون تحت عناوين ثلاث. أولاً، قرار الموازنة، ومعروف أن جلسات إقرار الموازنة لن تنتهي في جلسة واحدة، وهذا يعني عودة دائمة للثنائي الشيعي لحضور هذه الجلسات. ثانيًا، الملف الاقتصادي والاجتماعي وربط العودة به يعني أنه ملف شائك لا ينقضي بجلسة أو جلستين، لذلك العودة دائمة، وغير مشروطة ضمنيًّا. وما حكي عن اشتراط الثنائي لبنود محددة ليس صحيحًا، لأن الملف الاقتصادي والاجتماعي ملف أساسي ومهم جدًّا، ولا يمكن للبنان أن يتعافى أو يوقع مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بدون إقرار الموازنة. لذلك فالجهد ينصب يوم الإثنين على بداية دراسة الموازنة والهم الاقتصادي أساسي في هذه الجلسة، ولعل أبرز النقاط هي توقيع مراسيم المساعدات الاجتماعية وزيادة بدل النقل لموظفي القطاع العام من 24 ألف ليرة إلى 64 ألفًا شهريًّا جراء غلاء المحروقات والبنزين”.

واستكمل ضاحي حديثه: “أما العنوان الثالث، فهو المساعدات الاجتماعية، وتحديدًا موضوع النصف راتب شهريًّا، فالحد الأدنى للأجور في لبنان ما يزال 750 ألف ليرة شهريًّا، من ضمنه بدل النقل، لذلك هناك توجه لزيادة الرواتب بدون تكريسها، أي وضعها في خانة المساعدات الاجتماعية المقطوعة والمحددة بمهلة زمنية”.

وخلص ضاحي إلى أن “الجلسة الوزارية ستكون منتجة بطبيعة الحال، وستكون ميزان اختبار لجدية كل القوى السياسية، بما فيها حزب الله وحركة أمل. فجميع القوى أمام اختبار جدي لإنقاذ البلد قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة”.

وفيما يخص التعيينات، استبعد ضاحي الأمر، معللًا ذلك بوجود “فريق من ضمنه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وخصوم العهد العوني يعتبرون أن أي تعيينات على مستوى الفئة الأولى والقيادات الإدارية الأمنية المصرفية هي “انتصار” لرئيس التيار، لذلك لن يكون هناك تعيينات. وإذا حصلت فستكون بالتوافق، وبالمفرق لبعض الشواغر الأساسية، ولا أعتقد أن هناك تغييرات على مستوى قيادي عالٍ”.

هكذا إذًا، سيكون الإثنين الموعد الفصل الأقرب زمنيًّا لإخضاع كل السياسيين في لبنان إلى امتحان الجدية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في أقل تقدير، بعد أن خسر لبنان جميع البطاقات الرابحة التي كان يعول عليها سابقًا للخروج من أي أزمة. وربما تكون الجلسة المقبلة، استعادة لإحدى هذه البطاقات، وإلا فالسيناريوات مفتوحة مجددًا على المجهول.

(ملاحظة المقابلة اجريت منذ ايام ونشرت اليوم مع انعقاد جلسة الحكومة صباحاً)

Leave A Reply