كتبت صحيفة الأخبار تقول: فيما انتهى خلاف ثنائي أمل ــــ حزب الله مع الرئيس نجيب ميقاتي على «عتاب» لن يحول دون إحالة مشروع الموازنة الى مجلس النواب، كانت بيروت مشغولةً أمس في تتبّع مواقف الرئيس سعد الحريري الذي وصل ليل السبت في زيارة تستمر حتى ظهر اليوم، ليشارك صباحاً في وقفة أمام ضريح والده في الذكرى الـ 17 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، برفقة أركان العائلة والتيار، على أن يقتصر الأمر على قراءة الفاتحة، قبل أن يغادر إلى مقر إقامته في الإمارات
استقبل الرئيس نجيب ميقاتي، ليل أمس، المعاونين السياسيين للأمين العام لحزب الله ورئيس مجلس النواب الحاج حسين الخليل والنائب علي حسن خليل، على خلفية الطريقة التي «هرّب» بها رئيس الحكومة مشروع الموازنة في جلسة الحكومة الخميس الماضي. بحسب مصادر مطّلعة، فإن «رئيس الحكومة سمع عتاباً من الخليلين على مجريات الجلسة وطريقة تمرير مشروع الموازنة ومحاولة إدراج بنود إضافية على جدول الأعمال خلافاً للاتفاق الذي قضى بعودة الثنائي الى الحكومة بعد عودتهما عن المقاطعة».
ورغم أن المصادر نفت التفاهم على كل نقاط الخلاف، إلا أن مشروع الموازنة سيُحال الى المجلس النيابي كما أعلن رئيس الحكومة، ما يعني عدم تمسّك المعترضين بإعادة التصويت على مشروع الموازنة في الحكومة، علماً بأن حزب الله، على وجه الخصوص، كان مهتماً بإبراز معارضته لطريقة تمرير الموازنة، واعتراضه على محاولة إدخال بنود على جدول الأعمال تتعلق بتعيينات في المجلس العسكري ومواقع إدارية أخرى.
عملياً، نجح ميقاتي بذلك في رمي كرة النار الخاصة بالموازنة في حضن المجلس النيابي، ونقل المشكلة الى الكتل النيابية التي ستواجه صعوبة في إقرار بنود تقود الى تحميل الناس مزيداً من الأعباء دون أن تقدّم الحكومة أيّ تصحيح جدي في السياسات المالية أو في التقديمات الاجتماعية، بما في ذلك رفض إدخال تعديل جوهري على رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص، مقابل التضخم المستمر نتيجة انهيار العملة الوطنية وتراجع النشاط الاقتصادي في البلاد.
وقالت مصادر مطلعة إن احتمال عدم إقرار المجلس النيابي للموازنة «كبير جداً» لأن عمل اللجان سيأخذ وقتاً طويلاً، وستكون هناك اقتراحات كثيرة لتعديل بنود الموازنة، وخصوصاً في ما يتعلق بفرض رسوم وضرائب جديدة، وسط توقعات بأن لا يتحمّس النواب لإقرار مواد تضعف مواقعهم الشعبية المتضررة أصلاً.
الحريري: انتظروا الأيام الصعبة
من جهة أخرى، وخلال زيارته الثانية للبنان خلال أسابيع، حرص الرئيس الحريري على تأكيد موقفه «تعليق» المشاركة في الحياة السياسية. وقد استقبل رئيس الحكومة، أمس، زواراً قبل أن يستدعي نواب كتلته للقاء في «بيت الوسط» عصراً، لم يطل أكثر من نصف ساعة. واستهلّ كلامه معهم بأن قراره مقاطعة الانتخابات لم يتغيّر ولم يطرأ ما يستدعي التراجع عنه. وتوجّه إليهم، «من باب الأخوّة والصداقة، بأن الوضع صعب جداً، ولا أنصح أحداً منكم بخوض الانتخابات. وإذا ما قرر أحدكم القيام بذلك، فليفعل ذلك باسمه الشخصي وعلى مسؤوليته الشخصية، ولا يتوقع أحد منكم أن يصدر مني أي موقف داعم، لا سياسياً ولا تنظيمياً ولا مالياً». وأكّد أنه متمسك بكل كلمة قالها في بيان «الاعتزال»، وشدّد على أن لا عودة عن قراره بتعليق العمل السياسي والعزوف عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة، مكرراً على مسامعهم الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ قراره. وشدّد على أن «البلد لا يُمكن أن يُحكَم في ظل الظروف التي يمُرّ بها حالياً (…) وهناك أيام صعبة تنتظره».
مصادر الحاضرين نقلت عن رئيس تيار المستقبل قوله: «بعدَ مغادرتي لبنان في المرة الأخيرة، سمعت كلاماً كثيراً عن أنّني أمانع ترشّح أحد. أنا لم أقل كذلك، بل طلبت منكم عدم الترشّح باسم التيار أو إقامة نشاطات باسمه. واليوم، أجدّد طلبي هذا، لكنني لست أنا من يقرّر خياراتكم الشخصية». وأضاف: «من يريد مواصلة العمل السياسي والنيابي القرار له، وهو يقدّر ظروفه في منطقته وبين أهله والناس الذين يصوّتون له، وليفعل ما يراه مناسباً، لكن بشكل مستقل». وأضاف «لم أستدعكم لأمنع أحداً من فعل ما يريد. هذا الاجتماع هو للتأكيد على أنني لا أجبِر أحداً على شيء، لكن أرفض أن تخوضوا أيّ استحقاق باسم تيار المستقبل أو باسم سعد الحريري».
الحريري لزواره: ما ليس متاحاً لي ليس متاحاً للسنيورة وغيره والاعتزال هو الحلّ ولن أدعم أحداً
وبحسب المصادر، فقد كان الاجتماع «سريعاً ومختصراً»، و«لم تتخلّله مداخلات أو ملاحظات أو تعليقات من أيٍ من النواب الحاضرين». كما لم يتم التطرق إلى ما تردّد عن دور لدار الفتوى في المرحلة المقبلة أو دعمها لمرشحين معيّنين، ولا عما يتردّد عن حراك سياسي أو نيابي للرئيس فؤاد السنيورة لمل فراغ الحريري.
وبحسب زوار بيت الوسط، كان الحريري حريصاً على نفي وجود ضغوط عليه. وقال: «ليس هناك تواصل بيني وبين المسؤولين في السعودية، أما المسؤولون في دولة الإمارات فقد أتاحوا لي استئناف أعمالي التجارية ولم يطلبوا مني شيئاً في السياسة». وأضاف: «قراري يستند أساساً الى عدم قدرة أحد على تعديل الوقائع المحلية في الفترة المقبلة. وكل من يدعوني الى تعديل موقفي يعرف أنه لا يملك أدنى فكرة عن الوقائع».
ورداً على سؤال حول إمكان تفويض السنيورة قيادة التيار في المرحلة المقبلة وخوض الانتخابات، أجاب: «قلت للرئيس السنيورة إن من الأفضل له الابتعاد عن خوض الانتخابات، ولا أرى أيّ جديد يتيح له أو لغيره القيام بما عجزت أنا عن القيام به، ولذلك، عدت وأكدت على الجميع، من أفراد العائلة ومن القيادات الرئيسية في التيار بأن قرار العزوف حاسم، ولن يحصل أي تعديل فيه. وأنا أنصح الجميع بعدم التحمس لخوض انتخابات لن تغيّر شيئاً في الوقائع، والنتيجة ستكون وبالاً على كل من يتطوّع لدور لا يجرّ له سوى الشتائم من الشعب المتعَب».