الأحد, نوفمبر 24
Banner

النهار: سباق التعقيدات والعقوبات.. وقنبلة مدوية للعليّة

على رغم الطابع الحزين الذي سيواكب ذكرى الاستقلال الاحد المقبل في الثاني والعشرين من تشرين الثاني الحالي بحيث ألغي العرض العسكري التقليدي وكل النشاطات الاحتفالية الخاصة بالمناسبة، فان ما ستفيد منه السلطة والمسؤولون من هذه الالغاءات يتمثل في ستر عورة الدولة التي لن تظهر في أسوأ مظاهرها وعجزها وقصورها اطلاقا امام الرأي العام الداخلي المحتقن الى اقصى درجات الاحتقان. اذ ان يوم ذكرى الاستقلال سيصادف أيضا مرور شهر كامل على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة وكان لإقامة العرض العسكري او الاستقبال التقليدي في قصر بعبدا ان ينقل بالصوت والصورة الحية صورة الدولة الهائمة بين تعطيل الحكومة الانقاذية التي يضغط كل شيء بقوة هائلة لاستعجال تأليفها والشد الى الوراء مع بقاء حكومة تصريف اعمال بما يعني استعادة صورة الرؤساء الأربعة لا الثلاثة في الاحتفالات الرسمية! لذلك بدا طبيعيا ان تحصر حجة الغاء الاحتفالات بالواقع الصحي جراء الانتشار الوبائي وإجراءات الاقفال العام الحالي ولكن ذلك لم يحجب أيضا الموجبات السياسية التي لا تقل تأثيرا وضغطا على السلطة لتجنب الصورة البائسة للدولة في عيد الاستقلال.

انطلاقا من هذا المناخ لم تطرأ عوامل جديدة على مشهد الانسداد السياسي المطبق على مسار تأليف الحكومة فيما بدأت المعطيات التي تتوقع او تتخوف من ترجيح تأخر تأليف الحكومة الى ما بعد نهاية السنة الحالية تتخذ ابعادا جدية لكون معظم هذه المعطيات تتسرب من الدوائر القريبة او المحسوبة على الجهات الأكثر تأثيرا على تعطيل مسار تشكيل الحكومة. ولفت في هذا السياق ان التسريبات المنسوبة الى أوساط قريبة من بعبدا لم تعد تواجه بنفي بعبدا فيما تتهم هذه التسريبات الحريري بتبعة عدم ثباته على معايير موحدة وبانه يسعى الى تسمية الوزراء المسيحيين بغير ما تعهد به للشيعة الى اتهامات بالتراجع عن أمور سابقة. وهو الامر الذي ترى فيه أوساط سياسية مطلعة ان مأزق تأليف الحكومة قد يكون خرج واقعيا عن اطار المساعي المعروفة لفرض الشروط والمكاسب السياسية فقط، واتجه نحو ربط المسار الحكومي اللبناني برمته بالمرحلة الانتقالية الأميركية والإقليمية وذلك على رغم نفي القوى المعنية بهذا الربط لهذه الابعاد. ولم يكن ادل على مشروعية المخاوف من ربط الاستحقاق الحكومي بترقب التطورات الخارجية من عودة “السباق” بين التعقيدات التي تعترض تأليف الحكومة الجديدة والعقوبات الأميركية على شخصيات سياسية لبنانية ترتبط بملفي الدعم لـ”حزب الله ” والفساد. ذلك ان الساعات الأخيرة شهدت تسريبات كثيفة حول احتمال صدور دفعة جديدة قريبا من العقوبات عن وزارة الخزانة الأميركية بحق مجموعة سياسيين او مسؤولين لبنانيين استنادا الى قانون ماغنيتسكي إياه الذي استندت اليه واشنطن قبل أسبوعين لاصدار عقوبات في حق رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. ووفق هذه المعطيات فان العقوبات المقبلة قد تشمل شخصيات حليفة وغير حليفة لـ”حزب الله ” من مذاهب مختلفة ومن بينها شخصيات سنية بتهمة التورط في الفساد وتقديم أوجه الدعم الى “حزب الله “. وتحدثت تقارير إعلامية مساء امس عن اتجاه لدى الإدارة الأميركية الى ارجاء اصدار عقوبات جديدة على لبنانيين بعض الوقت من دون معرفة الأسباب.

في أي حال ربما يرتبط توقيت اصدار العقوبات او ارجاء إصدارها في حال صح ذلك بالمداولات الأميركية الفرنسية حول لبنان التي جرت في محادثات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في باريس في مطلع الأسبوع. وقد تضمنت البرقية التي تسلمها رئيس الجمهورية ميشال عون من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمناسبة تهنئته بعيد الاستقلال تركيزاً لافتا على دعم واشنطن “للشعب اللبناني”. وشدد ترامب في البرقية على الصداقة التي تجمع الشعبين اللبناني والأميركي وأبدى “تطلعه الى مزيد من سنوات الصداقة والتعاون ” مضيفا انه “فخور بالجهود الأميركية للوقوف الى جانب الشعب اللبناني خلال التحديات غير المسبوقة التي واجهها خلال السنة الجارية “.

التدقيق الجنائي

غير ان السباق المحموم بين تعقيدات تأليف الحكومة والتحسب لصدور دفعة جديدة من العقوبات الأميركية وما يمكن ان تتركه من مزيد من الانعكاسات على المشهد الداخلي لا يقلل أهمية التطورات المتصلة بملف التدقيق الجنائي من جهة وفتح ملفات فضائحية متصلة بالفساد السياسي والإداري من جهة أخرى. في هذا السياق سجل ملف التدقيق الجنائي تحركا لـ”القوات اللبنانية ” اذ تقدمت كتلتها النيابية امس باقتراح قانون من مادة وحيدة تطرح فيه تعليق العمل ببعض بنود السرية المصرفية لاهداف التدقيق الجنائي حصرا لمدة سنة واحدة. وأوضح نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان حيثيات الاقتراح استنادا الى انه “من دون التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وفي كل مؤسسات الدولة لا يمكننا الانتقال الى المرحلة الإصلاحية او الى مرحلة البناء “. وحذر عدوان من ان عدم اجراء التدقيق الجنائي يعني “القول للبنانيين أنسوا ودائعكم وأنسوا أي خطة مالية واقتصادية حقيقية وأنسوا المساعدات من الدول الصديقة”.

قنبلة صفقة الكهرباء

ولكن الحدث المدوي الذي برز امس تمثل في تفجير رئيس إدارة المناقصات جان العلية فضائح من العيار الثقيل في ملف مناقصة بواخر الكهرباء، مدعمة بالوثائق والمستندات، وذلك في سياق مؤتمر صحافي عقده للرد على اتهامات وجهها اليه وزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل وابرز خلاله العلية مستندات محاضر وتقارير وكتبا اكتسبت أهمية كبيرة في كشف نموذج أساسي من نماذج الصفقات في الكهرباء التي قادت الى الواقع المالي المخيف الحالي.

وأوضح العلية أنّ “مناقصة البواخر لم تجرِ في إدارة المناقصات كما ينص قانون المحاسبة العمومية، بل أجراها استشاري عيّنه الوزير. وقد وضع الاستشاري دفتر الشروط على قياس شركة واحدة وفتح العروض، من دون الرجوع إلى إدارة المناقصات كما ينص القانون. وبعد فتح العروض تأهّلت شركة واحدة ما يؤدي إلى إلغاء المناقصة بسبب وجود عارض وحيد وغياب المنافسة. ولكن الوزارة حاولت الالتفاف على النتيجة عبر قبول عروض تخالف دفتر الشروط لتأهيل أكثر من شركة قبل الإعلان عن فوز الشركة المطابقة. وعندما فشلت هذه المحاولة، طلب الوزير من إدارة المناقصات مخالفة القانون وقبول العارض الوحيد، فرفضت الطلب” . كما أشار إلى “وجود عملية تزوير في قرارات مجلس الوزراء”، وشدد على أن “الوزير سيزار أبي خليل قد وافق على قرار مجلس الوزراء 60/2017 الذي ألغى استدراج العروض بسبب وجود عارض وحيد “. وإعلن انه سيتقدم بدعوى قضائية ضد ابي خليل لانه تعرض له بالشخصي واعتدى على كرامة احد الموظفين .

Leave A Reply