رنى سعرتي- الجمهورية
مع أو من دون «كابيتال كونترول»، لم ولن تكون حقوق المودعين «محفوظة» كما يحاول بعض النواب الترويج. مع أو من دون «كابيتال كونترول»، لم ولن يستطيع أي مودع، باستثناء الذي هرّب أمواله عقب اندلاع الثورة في 2019، سحب دولاراته نقداً من المصارف، إلا وفقاً لما نصّت، وتنصّ عليه تعاميم مصرف لبنان، أو وفقاً لما ستنصّ عليه خطة الحكومة الإصلاحية لاحقاً، في حال ابصرت النور.
مع أو من دون «كابيتال كونترول»، ستبقى اموال المودعين محتجزة ومجمّدة، لأنّها في الحقيقة لم تعد موجودة! مع أو من دون «كابيتال كونترول»، فإنّ مصير اموال المودعين تقرّر من قِبل السلطة الحاكمة من دون إغفال مسؤولية مصرف لبنان والقطاع المصرفي. وبالتالي، فإنّ تشكيل أي «لجنة» وفقاً لما يقترحه مشروع القانون، لن يكون هو العائق الوحيد او السبب الجديد لفتح باب الاستنسابية في التعامل مع المودعين، لأنّ النظام بأكمله من رأس الدولة مروراً بالقطاع المصرفي وصولاً الى القضاء، شرّع باب الاستنسابية على مصراعيه منذ اندلاع الأزمة.
مع أو من دون «كابيتال كونترول»، فإنّ سرقة الودائع قد تمّت، وقد انتفت الحاجة وزالت المخاوف من ان يشرّعها هذا القانون كما يحذّر البعض.
مع أو من دون «كابيتال كونترول»، فإنّ الإستيلاء على أموال المودعين، كما يتخوّف بعض النواب، قد حصل، لا بل حُدّدت أيضاً طريقة الاستيلاء من خلال خطة توزيع الخسائر التي تعدّها الحكومة، والتي وزعت الخسائر على المودعين، بين شطب فوائد واقتطاعات من الودائع وتحويلها الى الليرة او إلى اسهم في المصارف او حصص في صندوق سيادي.
مع أو من دون «كابيتال كونترول»، فإنّ اموال الناس ستكون مجمّدة لـ5 سنوات كما يقترح القانون، بل لمدة 15 عاماً كما تقترح خطة التعافي التي تصيغها الحكومة.
في المقابل، مع إقرار الـ»كابيتال كونترول» وغيره من التشريعات المطلوبة من قِبل صندوق النقد الدولي، يتمّ استيفاء أحد الشروط المطلوبة للحصول على برنامج إنقاذ من قِبل الصندوق. مع الإشارة الى أنّ اقتراح القانون قد تشوبه مخالفات قانونية ودستورية وتدابير استنسابية ومجحفة خصوصاً في الشق المتعلّق بالصناعيين، حيث ينصّ على عدم اعتبار تدفقات العملة الأجنبية الناتجة من إعادة أموال عائدات الصادرات، كأموال جديدة، وبالتالي لا يمكن التصرّف بها وإعادة تحويلها او سحبها.
وبما انّ خطة الحكومة الاصلاحية التي تتفاوض وفقها مع صندوق النقد الدولي، لم تبصر النور بعد، لا يمكن القول انّ اقتراح قانون الـ»كابيتال كونترول» يتماهى معها كما يُفترض، او يخدم اهدافها، طالما انّ تلك الخطة لم تُقرّ بعد ولم يتمّ التوافق عليها.
بالإضافة الى ذلك، لا يمكن ان يكون قانون الـ»كابيتال كونترول»، الخطة الاقتصادية او المالية التي سيتمّ على أساسها اعادة الودائع، او تحديد كيفية استعادة الودائع من خلال حصر تسديدها بالليرة كما ينص عليه الاقتراح:
– «يقتصر استعمال الأموال في الحسابات المصرفية بالعملة الاجنبية باستثناء الأموال الجديدة، على تحويل الأموال الى اللبنانية وإيداع الأموال في حساب مصرفي بالليرة اللبنانية.
– «تخضع السحوبات النقدية من الحسابات المصرفية كافة، باستثناء حسابات الأموال الجديدة، لقيود تحدّدها «اللجنة». ويجب أن تسمح هذه القيود بسحب ما لا يزيد عن 1000 دولار أميركي للفرد الواحد شهرياً، بالعملة الوطنية أو بالعملة الأجنبية، وفق ما تحدّده»اللجنة».
وبالنسبة لاستحداث لجنة تكون هي المسؤولة الوحيدة عن تحديد آلية تطبيق هذا القانون وتُمنح صلاحيات تحديد الاستثناءات والقيود والإعفاءات على تلك القيود، على ان تكون قراراتها نهائية وملزمة، فإنّ الاعتراضات عليها في محلّها، كون القانون يجعل من اللجنة هي القانون في حدّ ذاتها، ويفتح من خلالها باب الاستنسابية. لكنه في المقابل، وفي ظلّ عدم امكانية توحيد القيود والإجراءات او الاستثناءات على كافة القطاعات او كافة المودعين، نتيجة عدم إتمام عملية اعادة هيكلة القطاع المصرفي، وعدم إقرار خطة توزيع الخسائر في النظام المصرفي، تبقى «اللجنة»، بغض النظر عن اعضائها، حاجة لمواكبة وتطبيق أي اصلاحات وقرارات مرتبطة بالقطاع المصرفي والودائع، قد يتمّ اتخاذها في المستقبل في اطار استراتيجية التصحيح المالي التي ستعتمدها الحكومة.