السبت, نوفمبر 23
Banner

سيناريوان إيجابي وسلبي بعد الانتخابات

روزانا بومنصف – النهار

الاجتماع الذي عقد في السرايا الحكومي ترجح كفته في اتجاه توجيه الحكومة رسالة إلى الدول والمنظمات المانحة والمجتمع الدولي بجديتها ازاء التوجه إلى إجراء اصلاحات تقودها إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ويدرك المجتمعون في السرايا من غير الفريق اللبناني ان هناك من هذا الجانب الاخير من يملك الخبرة الكافية لمعرفة دقة الوضع في لبنان وخريطة الطريق للانقاذ ولكن الشكوك تبقى كبيرة وفق ما عبر بعض كلمات المشاركين ازاء وجود نية فعلية للتنفيذ والتزام اتخاذ الخطوات الآيلة إلى ذلك. اجاب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على هذه الشكوك بان صندوق النقد الدولي طلب توقيع كل من الرؤساء الثلاثة تعهدا خطيا بتنفيذ الاجراءات المطلوبة . وهذا في حد ذاته مثير للاهتمام علما ان الزمن زمن انتخابات نيابية حيث وان كان مرجحا عودة الرئيس نبيه بري رئيسا للمجلس فان التعهد يستبق ذلك وكذلك الامر بالنسبة إلى تحول حكومة الرئيس ميقاتي حكومة تصريف للاعمال من دون ارجحية تأليف حكومة جديدة قبيل موعد الانتخابات الرئاسية التي يجب ان تأتي برئيس جديد للجمهورية بدلا من الرئيس ميشال عون.

ولكن وبغض النظر عن مدى “صدقية” او جدية هذه التعهدات في ظل التطورات المرتقبة، فان الانتخابات النيابية بات مسلما حصولها في موعدها مع احتمالين يؤخذان في الاعتبار في تقدير الديبلوماسية الغربية . الاحتمال الاول ان يتبع هذه الانتخابات سيناريو ايجابي والاحتمال الثاني هو لسيناريو سلبي لا يمكن ان يتم تصور ما يمكن ان ينتهي اليه الوضع في لبنان مع المزيد من الانهيار والتدهور . فهناك مجاراة ديبلوماسية قوية للاقتناعات السياسية السائدة لدى مختلف الافرقاء ان مجلس النواب المقبل لن يختلف كثيرا عن المجلس الحالي وان بنسب مختلفة بعض الشيء ولن يكون بابا للتغيير المرجو الذي يتطلع اليه اللبنانيون . ولكن الرهان في السيناريو الايجابي ما بعد الانتخابات باعتبار ان المسؤولين السياسيين لن يقدموا على اتخاذ اي خطوات قبل الانتخابات تهدد حظوظهم الشعبية للفوز، ان يعمد هؤلاء ما بعد الانتخابات إلى تقديم المصلحة الوطنية على مصالحهم السياسية المباشرة والتي سادت ولا تزال بقوة ما بعد انتفاضة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩. فهناك خطوات واجراءات موجعة يتعين على هؤلاء اتخاذها تحت طائل احتمالات مفتوحة على جملة امور سلبية في مقدمها أولا: انه ليس مضمونا ان تزايد انهيار الوضع لن يؤدي إلى ثورة اجتماعية ما لن تعفي احدا وتصيب الجميع لان هذا التراجع اليومي المتصاعد والذي سيزداد في المرحلة المقبلة إذا لم يعمد المسؤولون إلى اجراء اصلاحات إنقاذيه يكسبون من خلالها ايضا الثقة الخارجية والداخلية، لن يبقى من دون مفاعيل. اذ ان انطلاق انتفاضة ٢٠١٩ لم تكن من اجل بضعة سنتات اضافية على الواتساب بل لانها كانت القشة التي فاضت بها الكأس. وهذا ما سيصل اليه اللبنانيون ايا تكن الاسباب التي يقدمها كثر لعدم مواصلة اللبنانيين انتفاضتهم فيما فاق التدهور كل تصور . ثانيا : ان هناك حدودا للدعم الخارجي المستمر راهنا لا سيما للجيش اللبناني من اجل دعم الاستقرار في لبنان . وإذا لم تقم الدولة اللبنانية بما يتعين عليها القيام به من اجل انقاذ الوضع فانها تنزع الذرائع من يد الدول الداعمة التي عليها ان تبرر امام الرأي العام لدى كل منها اسباب دعم مادي لا يقابله جهد لبناني على مستوى الدولة لا سيما ان هناك دولا اخرى في حاجة إلى الدعم بقوة. فالاشكالية ان الانهيار الاقتصادي في لبنان حصل من دون وجود مواجهات عسكرية ، الامر الذي يصعب تبريره بسهولة ، من دون ان يعني ذلك ضرورة حصول مواجهات او حرب . ولكن الانهيار الاقتصادي والاستمرار في الدفع اليه اي عدم معالجته من دون وجود اسباب وجيهة فعلية لذلك، يصعب قبوله إذا كانت ذريعته الفساد والهدر واسلوب الحكم وسوى ذلك اضافة إلى عدم رغبة السياسيين الرسميين او عدم وجود مصلحة لديهم في اجراء الاصلاحات ووضع البلد على سكة التعافي. وتاليا فان الرهان على استمرار الدعم الخارجي ايا تكن طبيعة المرحلة المقبلة لن يكون في محله . ثالثا : ان الخطوات الاصلاحية المطلوبة هي ابعد ما تكون على شعارات الحوربة السياسية التي يرفعها الاطراف السياسيين وكل تلك المطلوبة من صندوق النقد الدولي لا علاقة للسياسة بها بل هي خطوات تتناول اصلاحا ماليا واقتصاديا واصلاحا للمؤسسات . فاذا كان المجلس النيابي سيكرر نفسه وبالاكثرية نفسها التي اتت في انتخابات ٢٠١٨ اي امتلاك ” حزب الله” لهذه الاكثرية، فان الامر يطرح من زاوية اذا كان هذا المجلس سيقاوم الخطوات الاصلاحية المطلوبة ولن يتخذ ما يتعين اتخاذه كما فعل حتى الان في موضوع الكابيتال كونترول على سبيل المثال. وهذا ينطبق على السياسة التي سينتهجها لبنان وضرورة التزامه سياسة النأي بالنفس التي من شأنها ان تعيد لبنان إلى موقعه المفترض بعيدا من التأثيرات الاقليمية في محيطه.

السيناريو الايجابي يفترض انه وكما تم الاصرار على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية كجزء اساسي من الممارسة الديموقراطية بحيث يجرى الاستحقاق الانتخابي في موعده بغض النظر عن الرهانات في الفوز او الخسارة، فانه في اليوم التالي للانتخابات النيابية سيضغط الخارج من اجل اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ايضا على خلفية المعيار الديموقراطي نفسه.

هذا لا يعني ان هذا هو السيناريو الذي سيحصل باعتبار ان الاطراف السياسية تعمم اقتناعها بانه من المرجح الا تحصل الانتخابات الرئاسية في موعدها والا يتم التزام الخطوات الاصلاحية المطلوبة، وهذا يؤخذ من الديبلوماسيين الاجانب في الاعتبار، لا سيما إذا كان السياسيون أنفسهم الذين دفعوا بالبلد إلى الانهيار سيعودون إلى السلطة في المرحلة المقبلة. ولكن الرهان يبقى على تغيير الظروف من حولهم داخليا واقليميا لدفعهم نحو ايلاء المصلحة اللبنانية الاولوية وليس مصالحهم الشخصية.

Leave A Reply