السبت, نوفمبر 23
Banner

العالم يقترب من ركود اقتصادي جامح… وهذه أبرز مؤشراته

قبل عام واحد فقط كان الاقتصاديون حول العالم يحتفلون بالانتعاش السريع من الركود الناتج عن الوباء، لكن في تحول أكثر درامية، هم الآن قلقون من أن الانكماش القادم بدأ يلوح في الأفق بالفعل.

في أمريكا، يستعد الاحتياطي الفيدرالي لخوض معركة مع ارتفاع معدلات التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة بحدة وتقليص ميزانيته العمومية، فيما تعمل أسعار الطاقة الباهظة في أوروبا على تقليص قدرة المستهلكين على الإنفاق وتجعل تشغيل المصانع أكثر تكلفة.

وفي الصين، أدى تفشي متحور فيروس كورونا الأكثر عدوى “أوميكرون”، إلى فرض السلطات أقسى عمليات الإغلاق منذ بداية الوباء تزامنا مع تسجيل البلاد مستويات قياسية من الإصابات.

إنه مزيج قاتم للنمو العالمي، والآفاق تبدو قاتمة أكثر، ويمكن أن تعاني العديد من الاقتصادات من الركود، وإن كان ذلك في أوقات مختلفة اعتمادا على العقبات التي تواجهها، بحسب تقرير لمجلة “الإيكونوميست”.

الاقتصاد الأكبر يغلي

الاقتصاد في الولايات المتحدة في مرحلة الفوران بالفعل، حيث بلغ المعدل السنوي لتضخم أسعار المستهلك 7.9% ونمو الأجور بالساعة 5.6%، أعلى مما كانا عليه قبل عام. يوجد في أمريكا ما يقرب من ضعفي عدد فرص العمل المتاحة للعمال العاطلين، وهي أعلى نسبة منذ 70 عاما.

بالنسبة لمعظم عام 2021، كان محافظو البنوك المركزية يأملون في عودة الأمريكيين الذين تركوا القوة العاملة بعد تفشي الوباء، مما يساعد على تهدئة سوق العمل.

في الأشهر الستة الماضية، جاءت الاستجابة الأولى لآمالهم؛ لقد عاد أكثر من نصف العمال الذين غادروا سوق العمل، ومع ذلك، فقد ارتفع نمو الأجور على أي حال، ربما لأن العمال يتفاوضون بجد بينما يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تآكل مستويات المعيشة.

يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن يهدأ معدلا نمو الأجور والأسعار حتى يصل إلى هدف التضخم البالغ 2%، ومن المتوقع أن يرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل، التي بدأت العام الجاري دون 0.25%، إلى أكثر من 2.5% بحلول ديسمبر/ كانون الأول، وأن تستمر في الارتفاع فوق 3% في عام 2023.

في الأسبوع الماضي، كشف البنك المركزي بعض ملامح خطته لتقليص حيازاته من السندات البالغة 8.5 تريليون دولار، بدءا من مايو/ آيار، بوتيرة أسرع بكثير مما كانت عليه خلال الفترة الأخيرة من “التشديد الكمي”.

إن الضغط على مكابح السياسة النقدية، رغم ضرورته، يعرض النمو للخطر، ويشير التاريخ إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يجد صعوبة في تهدئة سوق العمل دون دفع الاقتصاد في النهاية إلى الركود.

لقد نجح في ذلك ثلاث مرات فقط منذ عام 1945، ولم ينجح أبدا في الوقت الذي يكافح فيه مع معدلات تضخم عالية. يراهن مستثمرو السندات على أنه في غضون عامين سيضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة مرة أخرى مع ضعف الاقتصاد. وبالتالي من المرجح حدوث ركود في العامين المقبلين.

أوروبا أيضا تعاني

تعاني أوروبا أيضا من مشكلة تضخم، ولكن سببها حتى الآن هو ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية المستوردة أكثر من “فوران الاقتصاد” كما هو الحال في الولايات المتحدة.

تهدد العقوبات الغربية على روسيا إمدادات الطاقة في القارة، حيث أن أسعار الغاز في الشتاء القادم ستكون أعلى بخمس مرات مما هي عليه في أمريكا، والإنفاق على الطاقة المنزلية أصبح أكثر بكثير، وتراجعت ثقة المستهلك، في الوقت الذي تكافح فيه الشركات، حيث انخفض الإنتاج الصناعي الفرنسي في فبراير/ شباط.

من المحتمل أن يستمر اقتصاد منطقة اليورو في النمو في عام 2022 ككل، لكنه يبدو هشا، وإذا توقفت أوروبا عن استيراد الغاز الروسي، فإن خطر حدوث ركود سوف يرتفع.

التهديد الأكثر خطورة

إن التهديد الذي يهدد النمو العالمي من جراء تفشي “أوميكرون” في الصين هو الأشد خطورة ويبدو أثره فوري. أبلغت الصين عن أكثر من 20 ألف حالة إصابة جديدة بالفيروس في 6 أبريل/ نيسان.

نظرا لأن الحكومة ملتزمة بالقضاء على “كوفيد 19″، فإن سكان شنغهاي البالغ عددهم 26 مليونا، وسكان المدن الكبرى الأخرى التي تفشى فيها المرض، يخضعون لإغلاق مشدد.

إذا صمدت العلاقة السابقة بين عمليات الإغلاق والناتج المحلي الإجمالي، فسيكون إنتاج الصين في الوقت الفعلي أقل بنسبة 7.1% مما كانت عليه في عالم بلا قيود، وفقا لمصرف “غولدمان ساكس”.

ستؤدي عمليات الإغلاق أيضا إلى تعطيل التجارة العالمية، التي لا تزال تكافح من مخلفات ما كانت عليه في وقت سابق من الوباء. شنغهاي هي أحدث ميناء عالمي يشهد تكدس مئات السفن في الخارج، في انتظار التحميل أو التفريغ.

حث شي جين بينغ، رئيس الصين، المسؤولين على خفض تداعيات القيود، لكن إذا تم فتحه في وقت مبكر جدا، فسوف يشهد البر الرئيسي للصين موجة من العدوى والوفيات مثل تلك التي ابتليت بها هونغ كونغ أخيرا.

هذا من شأنه أن يخيف المستهلكين ويصبح مصدر اضطراب اقتصادي في حد ذاته، وإلى أن تقوم الصين بتطعيم كبار السن بأعداد كافية باستخدام طرق العلاج الأكثر فاعلية، فإن عمليات الإغلاق ستكون سمة دائمة لاقتصادها ومصدرا للتقلبات العالمية.

يقع اللوم في العديد من مشاكل الاقتصاد العالمي على عاتق صانعي السياسة، ومن المفترض أن تكون مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي ضبط الإيقاع، لكنه أشرف على الانفجار. وتضطر الحكومات الأوروبية للاعتماد على الغاز الطبيعي الروسي، فيما كانت صعوبة قمع الصين لـ”أوميكرون” متوقعة على نطاق واسع.

غالبا ما تضرب المشاكل الاقتصادية على شكل صاعقة نزلت من سماء صافية، ومع ذلك كان من الممكن تجنب الخوف من الركود الاقتصادي اليوم، بحسب التقرير.

Follow Us: 

Leave A Reply