يسعى حزب «القوات اللبنانية» لرسم معالم المرحلة المقبلة بعد الانتخابات، معلناً أنه لن يشارك في حكومة لا تحظى بأكثرية سيادية، وهو ما يُعدّ تغييراً في مشهد الحكومات التي سادت المشهد اللبناني في السنوات العشر الأخيرة، وهي حكومات «الوحدة الوطنية» التي يشارك فيها معظم الأطراف الممثَّلة في البرلمان حسب أحجامها، كما دخل في منطقة اشتباك مع طرفي «الثنائي الشيعي» عندما قال إن «القوات» لن تنتخب رئيس مجلس النواب نبيه بري لرئاسة المجلس في الدورة المقبلة.
وجاء موقف «القوات» وسط صدام سياسي مع «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» على خلفية التنافس في الانتخابات النيابية.
ويكرر مسؤولو «حزب الله» أن البلاد لا تُحكَم إلا بالتوافق، وأن النمط القائم هي حكومات الوحدة الوطنية، فيما قال رئيس «التيار» النائب جبران باسيل الأسبوع الماضي إن أي طرف لا يستطيع أن يحكم في لبنان من دون الآخر، ولا أحد يمكن أن يُلغي الآخر، متوجهاً، في مقابلة تلفزيونية مساء الأحد، بالسؤال إلى حزب «القوات» عمّا سيقوم به بعد الانتخابات لجهة المشاركة في حكومة سيكون بالتأكيد ممثلو الثنائي الشيعي موجودين فيها، بناءً على تمثيلهما في مجلس النواب.
لكنّ حزب «القوات» رفض تلك التقديرات، وقال نائب رئيسه النائب جورج عدوان إن «حكومات ما بعد الانتخابات ستكون أكثرية وأقلية»، مضيفاً أن «القوات لن تشارك في أي حكومة لا تحظى بأكثرية سيادية»، مشدداً على أن «المعركة اليوم هي لاستعادة السيادة». وقال عدوان إنه «لا يمكن لأي مكوّن لبناني أن يتزّعم أي مكوّن لبناني آخر»، مضيفاً: «لا لتضييع البوصلة. لنشبّك أيدينا ببعض في مواجهة المشاريع غير الوطنية». كما قال إنه «يجب استعادة قرار الدولة»، داعياً إلى «انتخاب مَن يريد رفع الهيمنة عن لبنان»، وأضاف: «نحن فريق قادر وقوي ولدينا القدرة على المواجهة ولم نغيّر البوصلة في أي ظرف». ووسّع عدوان هجومه على «حزب الله» إلى الطرف الشيعي الآخر وهو رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ قال عدوان إنه «بعد الانتخابات لن ننتخب الرئيس نبيه بري لولاية جديدة لرئاسة مجلس النواب».
وفي مقابل دفع «القوات» لانتخاب «القوى السيادية» المعارضة لوجود السلاح بيد «حزب الله»، قال الحزب على لسان رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد، أمس، إن «المقاومة هي ضرورة وطنية وحاجة ماسّة، ومن يطالب بنزع سلاحها لا يمتّ إلى الوطنية بِصلة». وأضاف متحدثاً عن خصومه: «يصبّون حُمّى هجماتهم علينا تحت شعار لا لسلاح المقاومة، ونحن لسنا هواة حروب لكننا لا نقبل أن يأخذنا العدو على غفلة، لذا كان السلاح ولذا يجب أن تبقى جهوزيتنا قادرة على التصدي لعدوانية العدو الإسرائيلي».
يأتي ذلك في ظل تنافس انتخابي انعكس صراعاً بشكل خاص بين حزب «القوات» وحلفائه من جهة، و«حزب الله» و«التيار الوطني الحر» من جهة أخرى.
واتهم رئيس «التيار» جبران باسيل حزب «القوات» بتجاوز القانون لجهة الإنفاق الانتخابي، مشيراً إلى «إنفاق ملايين الدولارات واستغلال حاجة اللبنانيين بمعركتها ضدنا عبر شراء الأصوات والذمم، وهذا ما ننبه اللبنانيين إليه». وتحدث عن «أموال انتخابية هائلة تسعى (القوات) لضخها في الشارع لتحجيم كتلته النيابية».
لكن «القوات» في المقابل، يرى أن أركان السلطة تخاف «القوات» القادرة على مقارعتهم انتخابياً. وقال أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم، إن «المنظومة الحاكمة تؤكد ذهنيتها القمعية من خلال المشاريع المالية التي تطرحها وتسعى إلى تمريرها لتكريس تسلطها على الناس وإذلالهم». ودعا الشعب «لمنعها من ذلك بانتخاب مشروع (القوات) القادر على تشكيل رأس الحربة لصدها». وقال: «يخشون (القوات) لأنها الخطر الحقيقي على استمراريتهم».
من جهته، رأى وزير العدل الأسبق أشرف ريفي خلال إفطار أقامته «القوات اللبنانية» في طرابلس في شمال لبنان أن «هدف معركتنا تحرير لبنان من الاحتلال والوصاية وإقامة الدولة القوية بمؤسساتها، الدولة التي لا سلاحَ فيها ولا فساد، الدولة التي تقضي على تحالف السلاح والفساد»، داعياً إلى «إسقاط تحالف جهنم» في صناديق الاقتراع.