كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: قافلة الشهداء تسير والسلطة لا تزال “تتهاوش” على أطلال انفجار المرفأ، تقاذفاً للمسؤوليات وتجهيلاً للمرتكبين من الأزلام والمحاسيب… وبالأمس انضمّ إلى القافلة المهندس الشاب رامي فواز بعد طول معاناة منذ 4 آب 2020 جراء إصابته بالرأس نتيجة الانفجار، تاركاً خلفه طفلين في الثالثة والخامسة من العمر وعائلة جديدة مفجوعة تنشد الحقيقة والعدالة في غياهب “شريعة الغاب” اللبنانية، حيث بلغ مكر أهل الحكم مراتب متقدمة من البطش والوقاحة والسلبطة على القضاء، فكانت النتيجة تكبيل المحقق العدلي في الجريمة وترشيح المتهمين المدعى عليهم لولاية برلمانية جديدة تقيهم شرّ الملاحقات القضائية وتمدّد حصانتهم النيابية لأربع سنوات إضافية.
أما ما طغى على سطح المشهد الرئاسي من اشتباك مستجد بين قصر بعبدا وعين التينة حول قضية عرقلة التشكيلات القضائية الجزئية فلا يعدو كونه “زكزكات” انتخابية، على حد توصيف مصادر مواكبة لخلفيات هذا الاشتباك، مؤكدةً أن ما أثير في هذا السياق “هو بعيد كل البعد عن أي كباش مبدئي متصل بقضية انفجار المرفأ بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، ميشال عون ونبيه بري، سيّما وأنّ الطرفين يتموضعان على ضفة واحدة “ودافنينو سوا” في عملية تطويع القضاء وعرقلة التشكيلات القضائية والتحقيق العدلي، وينضويان ضمن لوائح انتخابية مشتركة تضم مرشحين لكل منهما ومن بينهم مطلوبون للعدالة في جريمة 4 آب”.
وتحت هذا السقف، انتظم “التراشق القضائي” بين عون صبيحة عيد الفصح، والمعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل أمس، فكانت مناسبة لتذكير كل من الجانبين الآخر بنصيبه من عرقلة التشكيلات القضائية، بدءاً من أسرها منذ عامين في أدراج قصر بعبدا وصولاً إلى حجب توقيع وزير المالية عن تشكيلات رؤساء الغرف التمييزية العشرة خلال الأسبوعين الأخيرين. في حين لم تستبعد أوساط واسعة الاطلاع أن يكون “تصعيد رئيس الجمهورية المباغت من بكركي ضد رئيس مجلس النواب يختزن في بعض جوانبه امتعاضاً عونياً من أداء “حزب الله” في عملية توزيع الأصوات الانتخابية في بعض المناطق بين “حركة أمل” و”التيار الوطني الحر”، لتتوقف في هذا الإطار عند تعمّد دوائر الرئاسة الأولى تظهير استقبال رئيس الجمهورية للخبير المالي والاقتصادي حسن خليل وإفساح المجال أمامه لاستخدام منبر بعبدا بغية توجيه اتهامات انتخابية في مواجهة الثنائي الشيعي.
ونقلت الأوساط معطيات تفيد بأنّ “تصعيد عون لم يكن منفصلاً عن امتعاضه مما رافق صياغة “حزب الله” للوائح والتحالفات الانتخابية، بحيث اعتبر أنّ “الحزب” وقف عند رأي بري على حساب ما يريده رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل، خصوصاً وأنّه في دائرة الجنوب الأولى على سبيل المثال ستصب اصوات “حزب الله” في صيدا وجزين لصالح لائحة بري”، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ “عون لم يكن راضيا عن النتائج التي أسفر عنها اللقاء الذي جمع من خلاله الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، باسيل ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، باعتبار أنّه صبّ عملياً في صالح الثاني أكثر من الأول، خصوصاً وأنّ فرنجية سارع الى “الاستثمار الرئاسي” في هذا اللقاء خلال زيارته موسكو من خلال محاولته نيل الدعم الروسي لترشيحه مقابل التحريض على باسيل باعتباره يقف وراء مواقف وزير الخارجية عبدالله بوحبيب التي أدانت الغزو الروسي لأوكرانيا”.
قضائياً، برز إصدار القاضية غادة عون بلاغ “بحث وتحرّ” بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتعميمه أمس على المنافذ البحريّة والجويّة والبريّة، بواسطة مكتب التحريّات في قوى الأمن الداخلي، وذلك غداة توجيهها تهمة “الإثراء غير المشروع” لسلامة على خلفية قضية شراء العقارات في باريس، ليضاف هذا الإجراء الجديد إلى مذكرة منع السفر التي كانت قد أصدرتها بحق حاكم المصرف المركزي بموجب الشكوى المقدمة من الدائرة القانونية للمجموعة التي تطلق على نفسها إسم “الشعب يريد إصلاح النظام”.
توازياً، وبالتزامن مع استئناف مناقشة مشروع قانون “الكابيتال كونترول” في اللجان النيابية المشتركة، اندلعت أمس شرارة “انتفاضة نقابية” ضد المشروع، على وقع ارتفاع منسوب المعارضة الوطنية لمضامينه التي ترمي إلى تأمين الحصانة القانونية للمصارف في مواجهة ملاحقات المودعين في الداخل والخارج. فتداعت نقابات محرري الصحافة والمحامين وخبراء المحاسبين المجازين لتنفيذ وقفات تحذيرية بالأمس، استجابةً لقرار اتحاد نقابات المهن الحرة، فكان تلويح متقاطع بين مختلف النقابات باتخاذ خطوات تصعيدية في الفترة المقبلة لمنع تمرير مشروع الكابيتال كونترول بصيغته المطروحة راهناً، باعتبارها تهدف إلى الإجهاز على حقوق المودعين وصناديق الإيداعات النقابية لدى المصارف.