كتبت صحيفة النهار تقول: مع ان البلاد تدخل اليوم عطلة الجمعة العظيمة وعيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي حتى الثلثاء المقبل، فان ذلك لن يحجب احتدام التجاذبات التي باتت تتوزع على كل محاور الازمات التي تعصف بلبنان وسط المبارزات السياسية – الانتخابية الحادة على مشارف ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات النيابية.
لكن التطور الذي اخترق المناخ الداخلي تمثل في تحريك غير محسوب لملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت من خلال حدث خارجي مرتبط، هو إعلان الشرطة التشيلية إعتقال برتغالي مطلوب بموجب مذكرة توقيف غيابية صادرة عن المحقق العدلي طارق البيطار في ملف إنفجار المرفأ، وهي الجريمة التي وضعت على الرف في لبنان بفعل رفع يد القاضي البيطار عن الدعوى منذ اكثر من ستة أشهر، وعرقلة صدور التشكيلات الجزئية لملء الشغور في غرف محكمة التمييز لتتمكن الهيئة العامة لمحكمة التمييز. والجديد الذي طرأ في الخارج بإعتقال البرتغالي جورج موريرا المطلوب من الانتربول الدولي لصالح القضاء اللبناني إثر وصوله الى مطار سانتياغو، بتهمة إدخاله مواد نيترات الأمونيوم الى لبنان، إنما حصل إنفاذا للمحقق العدلي السابق فادي صوان. وأمام القضاء اللبناني الان خطوة أولى للقيام بها بعد إعتقال موريرا، وهي منوطة بالنيابة العامة التمييزية وفق صلاحياتها الحصرية بمطلق موقوف مطلوب إسترداده بدعوى في لبنان وإعداد طلب إسترداده بصرف النظر عن موافقة السلطات الموقوف لديها المطلوب على هذا الطلب او عدمها.
اما في الملف السياسي المالي الداخلي، فان المفارقة التي برزت غداة افشال انعقاد جلسة للجان النيابية المشتركة لاستكمال البحث في مشروع قانون الكابيتال كونترول، تمثلت في ما يشبه الرد الضمني المنسق بين رئاستي مجلس النواب ومجلس الوزراء على نواب كتلتي “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” الذين حاولوا دون المضي في جلسة اللجان تحت وطأة اشتراط ارسال الحكومة خطة التعافي المالي التي ربطت مشاركة نواب الكتلتين في اللجان ومناقشة مشروع الكابيتال كونترول بها . هذا الرد المزدوج بدا واضحا من خلال مسارعة رئيس مجلس النواب #نبيه بري الى تحديد موعد جديد سريع للجان لاستكمال البحث في المشروع بعدما أرسلت الحكومة ما وصف بانها “إيضاحات” لها . كما برز جانبه الحكومي في توجيه رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي انتقادات الى معطلي استكمال النقاش في مشروع الكابيتال كونترول كما للذين اعتبر انهم يخلطون بين المشروع وخطة التعافي واتهمهم “بالشعبوية”. ولكن دلالات هذا التصرف المزدوج عكست ما يؤكد المعطيات التي تشير الى ان التنسيق الجاري بين بري وميقاتي يستهدف انجاز إقرار وإصدار رزمة المشاريع والقوانين المتصلة بالاتفاق الاولي الذي ابرم بين الحكومة وصندوق النقد الدولي قبل الانتخابات النيابية. وهو الامر الذي يفترض استعجال انجاز البحث في رزمة المشاريع هذه ومن ابرزها مشاريع الكابيتال كونترول وخطة التعافي ومشروع الموازنة، السرية المصرفية، إعادة هيكلة المصارف لكي يتم ادراجها في جدول اعمال جلسة تشريعية أخيرة يعقدها المجلس قبل موعد الانتخابات. هذا الاتجاه يلاقي صعوبات لا يستهان بها ليس اقلها التعقيدات الكبيرة التي باتت توجه إقرار مشاريع تحمل حساسيات واخطارا كبيرة على المستوى المالي ولو كانت ثمة حاجة كبيرة الى إقرارها. اذ يبدو واضحا ان الصراع سيشتد اعتبارا من الأسبوع المقبل بين الاتجاه لاستعجال إقرار رزمة المشاريع هذه والاتجاهات المقابلة التي تتريث في إقرارها الى ما بعد الانتخابات الامر الذي يفتح الساحة السياسية والنيابية على مواجهة من نوع جديد سيكون من شأنها وضع الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي على محك حساس اذا ثبت ان الصندوق بدوره داعم لانجاز هذه المشاريع بسرعة قبل الانتخابات .
بري وميقاتي
وفي هذا السياق جاءت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لجنتي المال والموازنة والإدارة والعدل النيابيتين الى جلسة مشتركة تعقد قبل ظهر الثلثاء المقبل لمتابعة درس مشروع القانون الوارد في المرسوم الرقم 9014 الرامي الى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية ، واستكمال النقاش فيه، “في ضوء الإيضاحات التي طلبها المجلس النيابي من الحكومة والتي أرسلتها له”.
وفي السياق نفسه تحدث رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء امس في السرايا عما دار في مجلس النواب اول من امس واعتبر “إن الدمج بين “الكابيتال كونترول” وضمان الودائع أمر خاطئ. فالكابيتال كونترول لا يتحدث عن حجم الودائع ولا عن ضمانها، وكان يفترض أن يقر هذا القانون في اليوم التالي لبدء الأزمة المالية في لبنان، ولكن التأخير في البت به مستمر، واذا كنا سنقدّم خطة للتعافي الاقتصادي ونقول للناس إننا سنعيد اليها أموالها، فمن المفترض اتخاذ اجراء لفترة معينة لكي تبقى هذه الأموال في لبنان ومراقبة التحاويل الى الخارج أمر أساسي في هذا الموضوع. أما المعارضة التي نسمعها في هذا الملف فاهدافها شعبوية قبل الانتخابات، ولكنها ستتسبب بالمزيد من المشكلات.” واضاف: الضجة التي أثيرت بمعظمها لها اهداف انتخابية، ونحن متمسكون بعملية الانقاذ ومنفتحون على كل الملاحظات بشأن خطة التعافي وقد ارسلتها بالأمس الى مجلس النواب للاطلاع فقط، كونها لم تقر بعد في مجلس الوزراء بانتظار استكمال تلقي الملاحظات ” .
وفي سياق الاعتراضات التي اثارها مشروع الكابيتال كونترول اعلن مساء امس ان نقباء المهن الحرة في لبنان سيجتمعون في مركز نقابة المحامين في بيروت بصورة طارئة الإثنين المقبل الساعة الحادية عشرة قبل الظهر في مكتب نقيب المحامين ناضر كسبار “إعتراضا على قانون الكابيتال كونترول بصيغته المقترحة والمزمع اقراره بمعزل عن رزمة القوانين الاخرى الملازمة لما تتضمّنه من شوائب ومخالفات قانونية ودستورية جسيمة وتدابير استثنائية ومجحفة وغير عادلة. ومن المتوقّع ان يدعو نقباء المهن الحرة الى وقفة احتجاجية يشارك فيها جميع المهنيين من المحامين والأطباء والمهندسين وأطباء الأسنان وخبراء المحاسبة المجازين والمعالجين الفيزيائيين والممرضات والممرضين والطوغرافيين المجازين في بيروت وطرابلس يوم الثلثاء عند الساعة التاسعة والنصف صباحاً أمام مجلس النواب، بالتزامن مع انعقاد جلسة اللجان النيابية المشتركة”.
الثقة بوزير الخارجية
اما في تطورات المشهد الانتخابي فسجل امس تصعيد واسع في التراشق الاعلامي بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” على خلفية ملف اقتراع المغتربين. وفي السياق، تقدم اعضاء في تكتل “الجمهورية القوية” من الامانة العامة لمجلس النواب بطلب عقد جلسة للهيئة العامة للمجلس النيابي بهدف طرح الثقة بوزير الخارجية عبدالله بو حبيب بسبب ما اعتبره النواب “الارتكابات والمخالفات الجسيمة التي ترتكبها وزارة الخارجية والمغتربين في موضوع تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية القادمة”.
في المقابل سارع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى الرد فدافع عن “الجهد الذي بذلته وزارة الخارجية لتسهيل اقتراع المنتشرين واتهم “القوات بانها تريد فرض شروطها على الوزارة ، خصوصا في سيدني-أوستراليا، وبشكل مختلف عن كل العالم. وتريد جعل كل مركز اقتراع مخصّص لدائرة انتخابية واحدة، والاّ التهديد”. وقال “هذا منطق الميليشيا بالفرض والكذب الذي لا ينتهي. القوات تطرح الثقة بالوزير، ونحن نطعن بأي تغيير للمعايير الواحدة لصالح الميليشيا”.
وردت “القوات اللبنانية” فاعتبرت أن “من المضحك المبكي أن يتهم النائب جبران باسيل “القوات اللبنانية” باعتماد منطق الميليشيا، فيما المنطق الميليشيوي هو الذي أدى بسبب ممارسته إلى تدمير الدولة ومؤسساتها، والقاصي يشهد كما الداني على الخراب الذي حل بالدولة بعد تسلم فريق النائب باسيل لمفاصل أساسية في هذه الدولة”.