ملاك أبو حمدان-
يتجهز لبنان لانجاز الاستحقاق النيابي الأهمّ والاخطر، حسب رأي الرئيس نبيه بري، منذ العام ١٩٩٢.
ورغم الأزمات المتتالية والحروب التي مرّ بها البلد، تبقى هذه الأزمة هي الأصعب، فيوم ١٥ أيار سيكون مفصلياً للجهات السياسية كافة من أحزاب السلطة إلى القوى المعارضة.
وفي هذه الفترة يعمد المرشحون إلى حشد الناخبين بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للحصول على أصواتهم في صناديق الاقتراع.
ولكن يبقى التنافس الانتخابي المسيحي المسيحي أكثر حدّة وقوّة!
تحالف “أوعى خيك” كان تحالفاً سياسياً بين الحزبين المسيحيين الأكبر، وأدى إلى وصول “ميشال عون” إلى سدّة رئاسة الجمهوية، مقابل دعم “سمير جعجع” رئيس حزب القوات اللبنانية في الانتخابات الرئاسية القادمة، وتوزيع مغانم الادارة والسلطة مناصفة بين الفريقين، ولكن سرعان ما “انفخت الدّف وتفرق العشاق” بعدما تبيّن بأنّ بين الفريقين أزمة متجذّرة في النّفوس يصعب معالجتها في النّصوص.
لا يغفل على أحد بأن زعيم القوات “سمير جعجع” لا يترك مناسبة دون أنو يصوّب أصابع الاتهام إلى رئيس التيار الوطني الحرّ “جبران باسيل” ويتّهمه بالفساد وتسليم البلاد إلى حزب الله وإيران، وخاصة بعد تحركات ١٧ تشرين ومع اقتراب الانتخابات النيابية، و “باسيل” يردّ الصّاع صاعين عندما يذكّر بتاريخ “جعجع” الاجرامي وحاضره المؤامراتي!
في السياق برزت اشكالية توزيع الناخبين المغتربين وطرح الثقة بوزير الخارجية..
فمع اقتراب موعد انتخاب المغتربين في السادس والثامن من أيار، لجأ “جعجع” إلى طرح الثقة بوزير الخارجية اللبنانية بعد المغالطات المتعلقة بتسجيل الناخبين في الخارج. ولا سيما في استراليا، وفي سيدني تحديداً التي تضمّ الاعدد الأكبر من الناخبين في دول الاغتراب، حيث تمّ تشتيت بحدود الـ ٧٠% من أفراد العائلة، فالزوج مثلاً يقترع في مركز انتخابي معين وزوجته في مركز آخر. وقد تمّ مراجعة الجهات المختصة من دون الوصول إلى نتيجة.
وفي هذا الإطار، رأى حزب القوات اللبنانية أن الهدف الأساسي من وراء هذا السلوك ضرب الصوت القواتي والحدّ من تأثيره على النتائج الانتخابية في لبنان، فمن وجهة نظره التيار في ورطة نتيجة تحالفاته الداخلية وأنه أصبح بعيداً عن الحاضنة المسيحية، بالإضافة إلى استلامه لوزارة الطاقة لأكثر من ١٥ سنة ما زاد العتمة حتى وصلت إلى حدود ساعتين تغذية يوميا فقط.
لذا سيحاول التيار التخفيف، قدر المستطاع، من وقع المشكلة كي يعيد دفة القيادة المسيحية لصالحه.
جاء موضوع طرح الثقة نوعاً من “الزكزكة” للتيار ولشد عصب المقترعين في الاغتراب. إلا أن الملفت أن تكتل الجمهورية القوية لم يحضر بجميع أعضاءه ما يضع علامة استفهام حول جدّيّة الخطوة.
في المقابل، يرى التيار الوطني الحر أن القوات تسعى إلى استغلال تحالفه مع حزب الله، متهماً إياه مباشرة بما وصل إليه لبنان من انهيار. وذلك للحصول على أصوات الناخبين المسيحيين ليطرح نفسه زعيماً أوّلاً على صعيد لبنان، تمهيداً لفرض نفسه كرئيس قوي للجمهورية مع تزكية خليجية.
وفي كنف هذا الصراع والخوف من نتائج الاقتراع يدرك الثنائي المسيحي أنه بحاجة إلى دعم من جهات أخرى ليستطيع إكمال سباقه إلى الزعامة. فيلجأ جبران باسيل إلى الاستفادة من تحالفاته مع الثنائي الشيعي في رفع حاصله. أما سمير جعجع فهو يعتمد على الأصوات السنية بإشراف بعض سفراء الدول العربية، بعد مقاطعة تيار المستقبل للانتخابات ورفضه القاطع لفتح صفحة جديدة مع القوات اللبنانية ودعمه في الاستحقاق القادم.
حدة الخطاب السياسي بين الطرفين بلغت ذروتها وتستمر بالتصعيد مع كل يوم نقترب فيه من الانتخابات في محاولة لشد العصب المسيحي. ولكن كيف سيترجم ذلك في صناديق الاقتراع؟
أيام معدودة تفصلنا عن الاستحقاق النيابي، وصباح السادس عشر من أيار سيرسم اطار صورة رئيس الجمهورية القادم!