أفادت صحيفة الجمهورية بأنه إذا كان الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين قد اعتبر انّ الموقف الذي تبلّغه من المسؤولين اللبنانيين هو موقف متقدّم، من شأنه أن يدفع بمفاوضات الترسيم الى الأمام، الّا انّه أثار قراءات مختلفة حوله. فثمة من قرأ في كلام الوسيط الاميركي إشارة ايجابية مشجّعة يمكن ان يُبنى عليها تفاؤل في إمكان سلوك هذا الملف سبيل الوصول الى اتفاق نهائي وقريب حول الحدود. حيث افترض أصحاب هذه القراءة، انّ كلام الوسيط الاميركي العالِم بحقيقة الموقف الاسرائيلي سلفاً، يعكس في طياته صورة تقريبيّة للموقف الاسرائيلي الذي يتماهى معه الموقف الاميركي بالكامل في ملف الترسيم ونقاط الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.
الّا انّ مصادر مسؤولة معنية بهذا الملف، أبلغت إلى «الجمهورية» قولها، إنّها لا تأخذ بإيجابية الكلام العلني، «حيث قد لا يعدو أكثر من مجاملة للموقف اللبناني، وربما تكون لهذا الكلام حسنة بَدا فيها وكأنّه ينفس جوّ التصعيد والتهديدات التي أحاطت بالملف البحري في الايام الاخيرة، الّا انّ ذلك لا يعني النوم على حرير. انّه موقف شكلي».
وتؤكّد المصادر، أنّ المهمّ هو هل ستتجاوب اسرائيل مع ما يؤكّد حق لبنان بحدوده كاملة وحقوقه في ثرواته التي تنازعه عليها اسرائيل؟ وقبل الحديث عن النقطة 29 وما إذا كانت نقطة حدود نهائية او نقطة تفاوضية، وما إذا كانت المساحة الفاصلة بين النقطتين 23 و29 منطقة متنازع عليها، هل ستجمّد اسرائيل أي نشاط استثماري لها في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان؟ وهل ستقبل بالنقطة 23 كنقطة حدود حقيقية وفعلية للبنان؟ وأكثر من ذلك، وإن صحّ ما قيل عن عرض قدّمه لبنان لترسيم الحدود يستثني حقل «كاريش»، هل ستقبل اسرائيل بتعديل الخط 23 بما يزيد المساحة البحرية للبنان من 860 كيلومتراً الى 1200 كيلومتر يقع ضمنها ما يسمّى «حقل قانا»؟
وإذ تؤكّد المصادر المسؤولة عينها «انّ موافقة اسرائيل على الطرح اللبناني، ستعجّل باستئناف المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين»، إلّا انّها لا تبدي تفاؤلاً في هذا المجال، ذلك انّ التجربة مع العدو الاسرائيلي في هذا الملف منذ سنوات طويلة غير مشجعة على الاطلاق، ويجب ان نتوقع منذ الآن مرحلة جديدة من الابتزاز الاسرائيلي للبنان الذي عليه ان يكون على اتمّ استعداد لمواجهتها. الّا إذا كان في جعبة الوسيط الاميركي ما يحمل اسرائيل على انتهاج سلوك آخر، وهذا ما لا نستطيع ان نؤكّده».