السبت, نوفمبر 23
Banner

عون يُراهن على ملفين قبل انتهاء ولايته في تشرين الأول المقبل

كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : على الرغم من غياب لبنان الرسمي عن إجتماعات القمّة العربية الخليجية – الأميركية، والتي إنعقدت في مدينة جدّة السعودية ، حضر الملف اللبناني بقوة في اللقاءات التي حصلت في القمة وفي البيان الختامي للمجتمعين. البيان الذي تلاه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بالإضافة إلى مواقف الرؤساء، حمل العديد من المؤشرات الهامة التي يتوجّب الوقوف عندها لمعرفة التموضع الأميركي الجديد في المنطقة والتداعيات على لبنان:

1- إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عودة الولايات المُتحدة الأميركية إلى منطقة الشرق الأوسط، بعد أن كانت قد تركت المنطقة (سياسيا) على عهد الرئيس أوباما، حيث كان بايدن آنذاك نائباً للرئيس. وما قوله «لن نتخلى عن الشرق الأوسط، ولن نترك فراغا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران»، إلا دلالة على التعديل في الإستراتيجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط ودول الخليج بالتحديد، والتي نتجت عن الصراع الروسي – الأوكراني الذي عدّل من المعطيات خصوصًا على صعيد الملف النفطي.

2- إعادة إحياء مُعادلة الأمن مقابل النفط، والتي أرساها الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت مع مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز آل سعود على متن المدمرة الأميركية كوينسى في شباط من العام 1945. هذه المُعاهدة صمدت أمام التغيرات الدولية والصراع العربي – «الإسرائيلي»، إلا أنها تلقّت ضربة قوية على أيام الرئيس باراك أوباما وإستمرّت على عهد الرئيس دونالد ترامب، حيث شعر السعوديون أن الولايات المُتحدة الأميركية خذلت دول الخليج وبالتحديد المملكة العربية السعودية في ثلاثة ملفات أساسية هي: الإتفاق النووي، والملف اليمني، ومقتل الصحافي السعودي الخاشقجي.

3- العلاقات السعودية – «الإسرائيلية» تبقى في مراحلها الأولى بحسب تصريح الوزير السعودي، الذي قال أنه «لم يُطرح ولم يُناقش أي نوع من التعاون العسكري أو التقني مع «إسرائيل»، ولا يوجد أي شيء اسمه ناتو عربي»، مُكررًا أنه «لا يوجد أي نقاش بخصوص تحالف دفاعي مع إسرائيل»، وأن «فتح الأجواء السعودية للطيران المدني الإسرائيلي، لا يعني أي تمهيد لقرار لاحق». ويذكر هنا، انه قبل زيارة بايدن الى المملكة، ضجت الاخبار عن ان تطبيع السعودية مع «اسرائيل» مسألة وقت .

4- رسالة تهدئة تجاه الجارة إيران من خلال دعوتها إلى الوصول إلى علاقات طبيعية مع الدول العربية، مع الإشارة إلى أن الحوار والديبلوماسية هما الحل الوحيد لبرنامج إيران النووي. كما طالت أوجه التهدئة مع إيران الملف اليمني ، حيث قال وزير الخارجية السعودي أن المملكة تسعى إلى وقف إطلاق شامل للنار في اليمن.

5- رسالة واضحة إلى الدولة اللبنانية حول ضرورة أن «تكون الدولة اللبنانية صاحبة السيادة وأن تحفظ حدود البلد واستقراره، وبالتالي أن تصرّ على تثبيت سيطرتها على كل الأراضي اللبنانية». وهو ما يعني أغلب الظن ردا على الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، والذي رسم مشهداً جديدا لمسار مفاوضات ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي، ملوّحا باحتمال نشوب حرب في حال لم يتمّ حلّ مسألة ترسيم الحدود البحرية وتأمين الحقوق اللبنانية. وبحسب بعض المراقبين، فإن الصور التي أظهرها حزب الله عن المنشآت الغازية في البحر التابعة للعدو الإسرائيلي، أظهرت مدى هشاشة القبّة الحديدية والرقابة «الإسرائيلية» في ردع أي هجوم للمقاومة على هذه المُنشآت.

موقع لبنان في هذه المشهدية

غياب مُمثل رسمي عن لبنان، سواء كان رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، عن القمّة العربية الخليجية – الأميركية يعني بكل بسلطة رفض للأداء الرسمي للدولة اللبنانية من وجهة النظر الأميركية – السعودية. هذا أقلّه ما يُمكن إستنتاجه من القراءة الأولية للحضور السياسي في هذه القمة. وتُشير المعلومات الى أن أحد المسؤولين اللبنانيين (يُعتقد أنه النائب الياس بو صعب) إتصل بالسفيرة الأميركية طالبا دعوة لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، وهو ما تم رفضه من قبل واشنطن التي قالت أن الظروف لا تسمح بهذا الأمر.

ويقول مصدر سياسي لـ «الديار» أن الإنفراج لا يُمكن أن يأتي إلا من باب الإنفراج في العلاقات السعودية – الإيرانية، والتي مهّدت لها الرياض من خلال تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن مدّ اليد لإيران لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية.

ملفا حاكم مصرف لبنان والترسيم

عدم دعوة رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة إلى القمّة يعني بكل بساطة عزل لبنان وبالتحديد الرئاستين الأولى والثانية. وإذا كان ميقاتي موعودا بإستمرارية وجوده في السلطة عبر تكليفه تشكيل حكومة جديدة في لبنان، إلا أن الوضع مُختلف بالنسبة للرئيس عون الذي تبقّى له مئة وخمسة أيام في القصر الجمهوري. فالرئيس عون لم ينجح بتنفيذ وعوده (بغض النظر عن الأسباب)، خصوصا الوعد بتسليم لبنان أفضل مما إستلمه. من هذا المُنطلق يرى وزير سابق أنه لم يعد أمام الرئيس عون إلا ملفين يُمكنه العمل عليهما: الأول ملف إقالة حاكم مصرف لبنان، والثاني توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع «إسرائيل».

فعلى صعيد حاكم مصرف لبنان، يقول الوزير السابق أن رئيس الجمهورية يسعى من خلال النائب جبران باسيل إلى إيجاد قاضٍ يدّعي على حاكم مصرف لبنان ، بهدف منعه من إكمال مهامه في المصرف المركزي. وحتى الساعة يرفض مُعظم القضاة الذين تمّ الطلب إليهم الإدعاء على سلامة، لعدم وجود أدلّة كافية بحسب المُعطيات التي تمّ تسريبها. من جهته يتّهم فريق رئيس الجمهورية بعض السياسيين وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالضغط على القضاء لعدم قبول الدعوى، إلا أن العديد من السياسيين يرون في الحراك العوني تدخّلا فاضحا في العمل القضائي، ومحاولة لتحميل سلامة مسؤولية كل ما حصل ، وبالتالي تبرئة فريق رئيس الجمهورية من إنفاق وزارة الطاقة على مرّ السنين، وتعيين حاكم محسوب على العهد لمدة ست سنوات. ويُضيف الوزير السابق أن فريق رئيس الجمهورية يستميت في هذا الملف بهدف وضعه كإنجاز في خانة محاربة الفساد.

مصدر مُقرّب من مصرف لبنان قال لـ»الديار» أن ما كشفه حاكم مصرف لبنان في ظهوره الإعلامي الأخير عن حجم إنفاق الدولة، خصوصا وزارة الطاقة يضع فريق رئيس الجمهورية في خانة الإتهام، وليس حاكم المركزي الذي سعى بكل جهده لعدم إفلاس الدولة. إلا أن القرار السياسي يبقى الأقوى، حيث إتخذت حكومة الرئيس حسان دياب قرارها في 7 آذار 2020 بوقف دفع سندات اليوروبوندز وهو ما جعل الأوضاع تتدهور بهذه السرعة الكبيرة. وأضاف المصدر أن السلطة السياسية ومنذ إندلاع الأزمة لم تقم بأي إجراء تصحيحي، لا بل على العكس فرضت على مصرف لبنان دعم السلع والبضائع المستوردة والذي ذهب إلى جيوب التجار والمافيات.

أمّا على صعيد ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، فقد قال سياسي مُعارض لعون والتيار الوطني الحر، أن رئيس الجمهورية وعلى الرغم من ترؤسه ملف التفاوض عملًا بالدستور، إلا أنه ليس المفاوض الفعلي. فالأمر منوط بمعادلة أكبر وهي حزب الله الذي رسم مسارا جديدا في المفاوضات خلال إطلالة السيد حسن نصرالله الإعلامية الأخيرة. وبالتالي أي إنجاز في هذا الملف سيعود حكما لحزب الله وليس للرئيس عون. الجدير ذكره أن فريق رئيس الجمهورية يُعوّل على توقيع إتفاقية تطال الحدود البحرية، نظرًا إلى ما لهذا الملف من ثقل على الصعيد الإقتصادي، وبالتالي سيكون له إستخدام سياسي من خلال تدعيم حضور النائب جبران باسيل السياسي في المرحلة المقبلة، والذي يتوقّع العديد من المراقبين أنه سيتراجع سياسا مع إضمحلال وصوله إلى رئاسة الجمهورية ووضعه على لائحة العقوبات الأميركية، مما يُشكّل عائقا أساسيا أمام إستلامه منصبًا وزاريًا.

الملف الحكومي

إلى هذا تتوقّع مصادر مُطلعة أن يزيد المشهد الحكومي تعقيدا خصوصا على صعيد التكليف، حيث من المتوقّع أن يزور ميقاتي رئيس الجمهورية ميشال عون هذا الأسبوع بهدف البحث في ملف تشكيل الحكومة. وتُشير المصادر إلى أن أيا من المواقف لم يتغيّر، وبالتالي من المتوقّع أن تتأزّم الأمور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف في ظل حديث البعض عن ضغوطات فرنسية هائلة على الرئيس ميقاتي لعدم إعطاء وزارة الطاقة إلى فريق رئيس الجمهورية وبمباركة محلّية من العديد من القوى السياسية

Leave A Reply