كتبت باتريسيا جلاد – نداء الوطن : حصل ما كان في الحسبان. ها هو مصرف لبنان يجد نفسه أمام حائط مسدود، حلاّن أحلاهما مرّ: وقف الدعم أو استخدام الإحتياطي الإلزامي. ويبدو أن “المركزي” يبحث في الحلّ الثاني أي المسّ بالخط الأحمر لودائع الناس المقدّسة. فهو لطالما ناشد بعدم المسّ بالاحتياطي في مواجهة حكومة حسان دياب التي كانت تُحيك “هيركات” على شكل Bail in.
أمس، عقد المجلس المركزي لمصرف لبنان إجتماعه الأسبوعي، وكما علمت “نداء الوطن” من مصادر مطلعة أنّ الاجتماع تناول خيار استخدام الإحتياطي الإلزامي، وتقرّر في ختام الجلسة البتّ به في اجتماع الأسبوع المقبل. هذه المعلومة تؤكّد صحّة ما قيل إن البنك المركزي قد يخفّض الإحتياطي الإلزامي بالعملات الأجنبية التي لديه والتي تعود للمودعين من نسبة 15% الى 12 وحتى الى 10%. ما يعني أن معزوفة “ودائعكم بالحفظ والصون” التي كان يتغنى بها السياسيون باتت في خبر كان والاتجاه هو نحو ضياع آخر دولارات المودعين على طريق استمرار الدعم لكبار التجار ولمافيات التهريب الى سوريا.
عدم جواز المسّ بذلك الإحتياطي يجمع عليه الخبراء الماليون والإقتصاديون ويؤكّد عليه وزير الاقتصاد والتجارة الأسبق والنائب الأول الأسبق لحاكم مصرف لبنان ناصر السعيدي لـ”نداء الوطن”، إذ اعتبر أن “استخدام الإحتياطي الإلزامي يزيد المخاطر على العملة الوطنية، فكلّما تدنى، كلما تراجعت الثقة بالليرة اللبنانية وفي القطاع المصرفي ككلّ”. وأضاف: “إن تخفيض الإحتياطي الإلزامي بالعملات الأجنبية يعني استخداماً إضافياً لودائع الناس الموجودة في المصارف والتي أودعت في مصرف لبنان”. معتبراً أن “المشكلة الكبيرة تكمن في سياسة الدعم الخاطئة المتّبعة، فالقسم الأكبر من الدعم لا تستفيد منه الفئات الفقيرة والمحتاجة، ومن هنا فإنّ الخطر سيتفاقم اذا ما كنا سنستمر في تمويل السياسة الخاطئة نفسها”.
واستناداً الى دراسات عدة يتبيّن أن نسبة 20% من أموال الدعم تذهب الى الفئات الفقيرة أو المحتاجة، والقسم الأكبر يذهب الى الخارج، مع “حصة الأسد” لسوريا. أما القسم المتبقي فيذهب الى التجار والوسطاء والمهربين.
وحول الحلّ المتاح في ظل الوضع القائم، يرى السعيدي أنه يكمن في “إصلاح سياسة الدعم، ووقف أي دعم من مصرف لبنان، وتحديداً على المحروقات التي تستهلك نسبة 47% من هذا الدعم، مع الإشارة الى ان لبنان يستورد 3 مرّات حجم حاجاته بينما ثلثا الواردات تساق نحو سوريا”.
أما عن توفير البطاقة التموينية كخيار بديل للدعم، فأكّد أنها وسيلة “غير مجدية بدورها أيضاً، كونها عرضة للتزوير وستستفيد منها الأحزاب وأصحاب النفوذ وغيرهم”، وكبديل عنها يقترح السعيدي “إعطاء اللبنانيين بطاقة الكترونية ذكية، أو دعمهم عبر تطبيق على الخلوي باعتبارها الطريقة الفضلى لدى البنك الدولي لكونها تحول دون تعرضها للسرقة”.