أصدر وزير الداخلية والبلديات، محمد فهمي، قراراً بالإقفال التام في 110 قرية وبلدة في مختلف الأقضية والمحافظات اللبنانية، نظراً لارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا فيها. وقد جاء قراره بمثابة حكم إعدام بحق أهالي هذه القرى والقاطنين فيها، مع العلم أنّ القرار لم يشمل أي مدينة كبرى في لبنان، حيث يتفشّى الوباء بشكل هيستيري تشير إليه الجداول اليومية، التي تصدر عن وزارة الصحة العامة. فلا يمكن القول سوى أنّ قرار فهمي الصادر بالإقفال التام من الأحد 4 تشرين الحالي وحتى صباح الإثنين 12 منه، جاء نتيجة عدم القدرة على إقفال كل البلد كما سبق وحصل في مناسبتين سابقتين، ضمن إجراءات التعبئة العامة التي لا تزال سارية المفعول. حتى أنّ القرار الصادر يفتح تساؤلات جدية حول إمكانية إقفال مناطق وقرى مثل “الشياح” و”الحدث” أو “حارة حريك” دون سواها في المحيط. وحتى أنّ القرار لم يشمل بلدات عدة سجّلت فيها أكثر من 18 إصابة في الأيام العشرة الأخيرة.
وسرعان ما اتّضح أنّ هذا اللائحة التي شملها القرار ضمّت قرىً وبلدات لم تسجّل فيها أعداد إصابات كبيرة وليس الفيروس فيها في حال استفحال. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإن إقفال هذه البلدات يعني توقيف أعمال أبنائها والقاطنين فيها لثمانية أيام، من دون أي تقديمات أو مساعدات، وهو ما يعيد طرح السؤال نفسه عند فرض الإجراءات للحد من كورونا: نموت جوعاً أم من كورونا؟
اعتراض بلدي
أعلن رئيس بلدية الرميلة – الشوف، المحامي جورج الخوري، أن “ما ورد في قرار وزارة الداخلية حول وجود 71 اصابة بكورونا غير صحيح، ولم تسجل أي إصابة في البلدة”. وأشار الخوري في بيان صادر عنه إلى أنّ “هذا الأمر موضوع مراقبة من البلدية، وهو بصدد المراجعة لدى وزارة الداخلية لتصحيح الخطأ الوارد واستثنائها من الإقفال”. كما أكد رئيس بلدية الزلقا-عمارة شلهوب، ميشال المرّ، أنه أرسل كتاباً إلى محافظ جبل لبنان اعتراضاً على عدد الاصابات بكورونا الوارد في بيان الداخلية، مشيراً إلى وجود “10 إصابات في المنطقة فقط”، متمنياً على وزير الداخلية التراجع عن قرار إقفال المنطقة.
وانتشر أيضاً تسجيل صوتي لرئيس بلدية بعبدات، هشام لبكي، الذي أشار فيه إلى أنه شخصياً يتابع مستجدات الإصابات بالفيروس في النطاق البلدي، بشكل يومي، مع الجهات المعنية المختلفة، مؤكداً على أنّ “أغلب الإصابات تعود لمقيمين خارج بعبدات، وفي البلدة لدينا فقط 5 إصابات لما يقارب 10 آلاف شخص يقطنون فيها”. وشدد لبكي على أنه “لن نقبل بهذا الموضوع وسنتواصل مع الجهات المعنية لتصحيح الخطأ”.
فضيحة الأرقام
وتوالت أيضاً حالات الاعتراض البلدي على قرار فهمي، تحديداً لجهة استغراب الأرقام التي تم التداول بها حول الإصابات المحلية بالفيروس، ما يؤشر إلى وجود فضيحة جدية على المستوى الرسمي في ما يخص عدد الإصابات وانتشارها. فأعلنت أيضاً بلدية بحمدون الضيعة أنها تواصلت مع وزارة الداخلية والبلديات “بعد ورود إسم البلدة ضمن لائحة البلدات التي شملها قرار الإقفال والعزل على خلفية تفشي فيروس كورونا”. وأشارت البلدية في بيان صادر عنها إلى أنه “لا توجد في البلدة سوى إصابة واحدة وهي قيد المتابعة، كما تقوم البلدية بالمراجعة مع محافظ جبل لبنان من أجل توضيح الأمور بعد ان تم التواصل مع وزارة الداخلية والبلديات”.
وتمدّد الاعتراض البلدي جنوباً، إذ تمنّى رئيس بلدية رومين (قضاء النبطية)، يحيى جوني، على وزير الداخلية إعادة النظر في قراره، ولفت في بيان صادر عنه إلى أنّ “حالات الكورونا التي مرت بها البلدة من بداية انتشار الوباء إلى اليوم لا تتعدى التسع حالات فقط، ومعظمهم تماثلوا للشفاء. وتبقى لدينا حالتان فقط ومن دون عوارض حالياً”.
وعلى صعيد آخر أعلنت قائمقام جبيل، نتالي مرعي الخوري، أنها قامت بالاتصالات اللازمة مع محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي، “ناقلة إليه وجهة نظر رؤساء البلديات المشمولة بقرار وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي بالعزل والاقفال”. وطلب مكاوي من الخوري أن يرسل كل رئيس بلدية مشمولة بالقرار كتاباً إليه عبر القائمقام، يشرح فيه بالتفصيل واقع بلدته والاجراءات الوقائية المتخذة من قبل البلدية، والمعطيات والأسباب لعدم العزل والاقفال، على أن يتابع المحافظ الموضوع مع المراجع المختصة.