ايفا ابي حيدر – الجمهورية
ربحت لجنة حماية حقوق المودعين جولة في معركة إسقاط مشروع قانون الكابيتال كونترول مجدداً في اللجان المشتركة. صحيح انّ بعض الاطراف السياسية اعترضت بدورها على النسخة الاخيرة من صيغة القانون إنما ممّا لا شك فيه انّ الاسباب الموجبة لكلا الطرفين تختلف باختلاف المصالح.
«إنتصار صغير» هكذا يصف رئيس لجنة حماية حقوق المودعين ورئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين المحامي كريم ضاهر ما تحقّق امس في اللجان المشتركة والنجاح في اسقاط مشروع قانون الكابيتال كونترول في صيغته المستحدثة، فما حصل امس الاول لا يمكن اعتباره انتصارا كاملا إنما أن لا يمر مشروع قانون الكابيتال كونترول بالصيغة المطروحة أفضل بكثير من ان يمر وان يتجرّع المودع الكأس المرة، فلو تم إقرار القانون لكان انتهى كل شيء، وانتصارنا هذا هو لتجنّب الاسوأ، مع العلم اننا راهنّا بالسيئ.
وقال لـ«الجمهورية»: نريد اقرار القانون انما بالتوازن مع بقية التدابير الضرورية كسلة متكاملة ضرورية للخروج من النفق، بما يسمح بإعادة اطلاق عجلة الاقتصاد وتأمين حماية ودائع المودعين.
وعن السبب وراء كل هذه الاعتراضات على هذا القانون وتحميله أكثر مما يجب وربطه بخطة التعافي واعادة هيكلة المصارف فيما الهدف الوحيد منه وضع قيود على حركة الاموال الخارجة من لبنان؟ يجيب ضاهر: لماذا لم يقر الكابيتال كونترول فور نشوء الأزمة المالية في المصارف اي منذ تشرين الاول 2019؟ فلو صدر يومها لكان وضع حداً لكل الارتكابات التي حصلت خلال السنوات الثلاث الماضية. أمّا إقراره اليوم وطَي صفحة كل المخالفات، وترك الصلاحية الكاملة من دون اي قيود وشروط وتدابير فهذا غير مقبول، حتى ان مشروع القانون يقول بعدم تطبيق تعاميم مصرف لبنان على الاموال الجديدة التي تدخل الى لبنان ما يعني انّ هناك تفرقة بين الاموال الجديدة وتلك القديمة.
وتابع: في كل الدول يتم فرض «الكابيتال كونترول» الى حين تأمين توازن لميزان المدفوعات وحماية عدم خروج العملة الصعبة من البلد وتكوين احتياطات بما يكفي وللحؤول دون اي استنسابية. أما الصيغة المطروحة في لبنان فهي تفصل بين الاموال الجديدة الفريش والاموال القديمة اي اموال ما قبل 17 تشرين، فالاموال الجديدة مُعفاة من القيود ويسمح لها بالخروج من البلد وطالما عنصر الثقة غير موجود فهذا سيحتّم خروجها. في المقابل، يظهر القانون ان الاموال القديمة انتهت لأنّ التعاطي معها يختلف، لا بل ان القانون كما هو مطروح يشرّع ما حصل خلال السنوات الثلاث الماضية ويضع القيود والشروط عليها.
وهنا نسأل: خلال السنوات الثلاث الماضية خرج الكثير من الاموال من لبنان فلم لا يلحظ القانون المطروح عودتها؟ لم سيطبّق الكابيتال كونترول فقط على تلك التي لا تزال محجوزة في المصارف والتي عجز اصحابها عن اخراجها؟ لم لا يلحظ القانون رجعية لكل الاموال التي خرجت من لبنان خلال هذه الفترة؟ وأسف ضاهر لأنّ قانون الكابيتال كونترول بالصيغة المطروحة اليوم يستعمل لإعفاء المسؤولين من المساءلة والمحاسبة عما حصل في السنوات الثلاث الماضية، ولعدم مطالبتهم بإرجاع الاموال التي حوّلوها الى الخارج. وتساءل لماذا لم يهتمّ احد من المسؤولين بإعادة هيكلة المصارف؟ ببساطة لأن هناك خشية من أنه متى حصلت المُساءلة ان يجبروا على اعادة اموالهم الى لبنان او ان يضطرّوا لدفع ثمن ما فعلوه من مالهم الخاص، لذا يناسبهم الابقاء على الوضع كما هو عليه اليوم، اي ان تبقى المصارف قائمة بإدارتها الحالية.
أضف الى ذلك ان الصيغة المطروحة للكابيتال كونترول عوضَ ان تحرّر الاقتصاد وتساعده ها هي تفرض قيودا على الاقتصاد، فعلى سبيل المثال يفرض مشروع القانون شروطاً تعجيزية لفتح حسابات جديدة، كما لم يتطرق الى موضوع الشيكات والبطاقات الائتمانية والشمولية المالية إنما ترك إمكانية التداول بالنقدي قائمة، ما يعني انّ القانون يتجه بخلاف المنطق والمبادئ الأساسية، عدا عن انه يضرّ بمبدأ المساواة عندما يميّز بين مودع وآخر وبين وديعة قديمة واخرى جديدة… وتتجلى الوقاحة برغبة المعنيين في إعادة اطلاق العمل المصرفي من دون ايجاد حل للديون المترتبة، انطلاقاً من ذلك نؤكد اننا لن نسمح بتمرير الكابيتال كونترول بالصيغة المطروحة.
التصعيد آت
ورداً على سؤال، كشف ضاهر أن اتحاد نقابات المهن الحرة ولجنة حماية حقوق المودعين باشرا السير بإجراءات تصعيدية مُستعينين بالقانون رقم 2 / 68 (تطبيق القوانين المصرفية المرعية الاجراء في حالتي توقّف المصارف عن الدفع) وذلك لوضع اليد على المصارف والتوقف عن الدفع، مؤكداً ان هذا ما تخشاه المصارف وهي للغاية تجتمع مع المسؤولين للحؤول دون السير بالاجراءات اللازمة لذلك. وقال: من جهتنا حاولنا حَث السلطة الناظمة للقيام بدورها إنما من دون جدوى، كذلك طلبنا من مجلس الوزراء تغيير حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف التي لا تقوم بدورها، كما طلبنا طرح الثقة بها الا اننا لم نلقَ تجاوباً من النواب، كذلك باشرنا مفاوضات مع المصارف ومع المصرف المركزي لم تُثمر بعد… لذا نجد انفسنا ملزمين لاستعمال هذه الوسيلة القانونية بحيث في حال لم تردّ لنا المصارف ودائعنا نعتبرها متوقفة عن الدفع، تتغير الادارة، يتم الحجز على اصول اعضاء مجلس الادارة المدراء التنفيذيين، ترفع السرية المصرفية عن حساباتهم عندها تجوز محاسبتهم 18 شهراً الى الوراء مع إمكانية تعليق المهل وبدء المحاسبة من العام 2017. وفي حال لم يَستجب القضاء مع هذه الدعاوى، يقول ضاهر: يبقى امامنا التحرك الميداني، فنحن سنقوم بالتبليغات اللازمة وفق ما ينص عليه القانون، لكن في حال لم يتحرك القضاء فسيكون لنا تحركات تصعيدية تباعاً.
اما عن مصلحة المودعين في كل ذلك، فيقول ضاهر: من مصلحة المودعين اولاً السير بالاصلاحات ولو كانت صعبة، وان يتم السير بخارطة طريق واضحة تمكّنهم في النهاية من استرجاع اموالهم. لذا، نحن اقترحنا إسقاط تصنيف الاموال ما بين قديمة وجديدة او مودع كبير ومودع صغير واستبدالها بالتمييز بين اموال مشروعة واموال غير مشروعة (مخدرات، تبييض اموال تجارة سلاح…) تحت طائلة رفع السرية المصرفية عن اصحاب هذه الودائع والكشف عن اسمائهم، فبهذه الحالة تحذف من الفجوة المالية كل الاموال غير المشروعة فيتقلّص حجم الأموال المطلوب استرجاعها، وعليه يحصل عدد أكبر من المودعين على اموالهم.