هيام عيد – الديار
إنطلقت رسمياً المهلة الدستوري لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية، وسط مناخ من التجاذبات والإنقسامات الحادة على خلفية القراءات المتباينة للنوص الدستورية، في حين تتوقع مصادر نيابية أن تحتدم المعركة الرئاسية في الأسابيع المقبلة، في ضوء حسم القوى السياسية لمواقفها وتوجهاتها بالنسبة للإستحقاق الرئاسي المرتقب. وترى هذه المصادر أن التجاذبات الدستورية ستصل إلى مستويات غير مسبوقة، ولكنها لن تصل في أي مرحلة إلى حدود النقاش الجدي، حيث أنها ستبقى تدور في إطار النقاش والطروحات الهادفة إلى فرض شروط ومعطيات جديدة في المعركة الرئاسية ، بهدف تصفية بعض الحسابات السياسية بين بعض الأطراف، ولو اقتضى هذا الأمر تسجيل انقسامات داخل الصف الواحد.
ومن المفترض أن تكون المعركة الرئاسية التي انطلقت في الأسبوع الماضي من خلال الترشيحات الرسمية المعلنة، العنوان الأساسي في الوقت الحالي، وبالتالي فإن الإهتمام بالملف الحكومي سيتراجع وفق المصادر االنيابية، التي تشير إلى أن الإجتماع الأخير بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لم يكن مطابقاً للتوقعات، في ضوء الحراك السياسي الأخير على خطّ «هندسة» العلاقات بين بعبدا والسراي الحكومي، بحيث أن ما تسرّب عن هذا الإجتماع، لا يسمح بالبناء كثيراً عليه، من أجل الحديث عن خرقٍ ما في العنوان الحكومي.
وبالتالي، فإن أكثر من علامة استفهام باتت تُطرح اليوم، وتتناول الخشية من استمرار هذا الإنسداد الحكومي مقابل تصعيد على جبهة الإضرابات التي تتسع حلقتها في الأشهر الماضية، والتي باتت تشمل القطاع العام والقضاة و»أوجيرو» ولاحقاً السلك الديبلوماسي، وهو ما قد يؤدي إلى واقع من الإرباك والتخبط الشديدين وإلى غموض في المشهد الداخلي، خصوصاً وأن هذه الإضرابات تتزامن مع ارتفاع سريع ودراماتيكي لسعر صرف الدولار في الأسواق، حيث أن الإنعكاسات المالية والإقتصادية للتجاذبات السياسية عشية كل استحقاق دستوري، قد وضعتها المصادر النيابية نفسها، هذه المرة في سياق تهديد كل المسار الذي انطلق على صعيد الإلتزام بشروط صندوق النقد الدولي من أجل توقيع اتفاق مع لبنان ومساعدته على تخطي أزمة الإنهيار المالي.
وانطلاقاً من هذه المؤشرات الخطرة، تشير المصادر النيابية إلى أن نصائح ديبلوماسية نقلتها بعض الشخصيات عن عواصم خارجية معنية بالملف اللبناني، تنصّ على ضرورة وقف كل حملات التصعيد والتجاذبات وتصفية الحسابات السياسية تحت ستار المقاربات الدستورية على وجه الخصوص والتي نشطت في الآونة الأخيرة، علماً أن إنهاء أي سجال في هذا السياق، لا يتطلّب أكثر من تفاهمٍ واضح على خارطة طريق سياسية للمرحلة المقبلة وتحديداً للإستحقاق الرئاسي، تحت عنوان تطبيق الدستور والإلتزام بنصوصه، لأن هذا السبيل هو الوحيد الذي يؤمن العبور إلى الإنتخابات الرئاسية وإلى استقرار الوضع العام، من أجل مواجهة الأخطار والتحديات الإقتصادية والإجتماعية التي تتزايد يومياً.