في ما يتعلق بالأزمة الحكومية، علمت «الأخبار» من مصادر سياسية أن الاتصالات التي تولاها حزب الله في الأيام الأخيرة لتسهيل عملية تشكيل الحكومة أثمرت، في مرحلة أولى، بإقناع الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي بالاتفاق على تشكيلة لا تتسبب بمشكلة لأحد. وبعد التشاور مع عون، طُرح على ميقاتي أن يبقي على تشكيلة الحكومة الحالية كما هي، وأن يعرضها على رئيس الجمهورية لتعويمها وإصدار المراسيم الكفيلة بتحويلها الى المجلس النيابي لنيل ثقة غالبية مقبولة. وجاء هذا الطرح بالتوافق مع الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط وقيادات أخرى لديها تمثيلها النيابي.
وبناءً عليه، أبدى ميقاتي ليونة، وخصوصاً أنه تلقى نصائح خارجية بتشكيل الحكومة خشية أن يقترب لبنان من لحظة فوضى دستورية خطيرة. فوافق على الإبقاء على التشكيلة الحالية كما هي باستثناء وزير المهجرين عصام شرف الدين، إذ أصرّ على تغييره مشيراً إلى «مشكلة شخصية كبيرة» معه بما يصعب عليه أن يبقيه في حكومة برئاسته. وبعد مشاورات شملت كل المعنيين بالملف، أُبلغ ميقاتي بالموافقة على استبدال شرف الدين بوزير آخر، وأثمرت الاتصالات التي شملت جنبلاط والنائب السابق طلال أرسلان ورئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على الوزير السابق صالح الغريب لتولي المنصب.
لكن المفاجأة كانت في أن ميقاتي عندما زار الرئيس عون لبتّ الأمر، عاد إلى المطالبة باستبدال الوزير أمين سلام. فوافق رئيس الجمهورية شرط أن يسمّي هو البديل، فأصرّ ميقاتي على التشاور المسبق معه في الأمر. عندها أبلغه عون أنه جاهز لطرح الاسم عندما تصبح تشكيلة ميقاتي جاهزة للإعلان عنها رسمياً، مؤكداً أنه لن يختار وزيراً مستفزاً لأحد. وتم الاتفاق على اجتماع لحسم هذه النقطة. إلا أن ميقاتي عاد وطلب إرجاء البحث الى نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل، بعد عودته من جولته الخارجية التي تشمل بريطانيا حيث سيشارك في جنازة الملكة إليزابيث الثانية، ونيويورك لتمثيل لبنان للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقد أغضب تسويف ميقاتي الرئيس عون واستفزّ الوسطاء، وسط تقديرات بأن موقفه مرتبط بتطورات متوقعة في لبنان خلال المدة المتبقية من هذا الشهر.