غسان ريفي – سفير الشمال
تضاف جلسة مجلس النواب اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية والتي تحمل الرقم 6 الى الجلسات التي سبق وأظهرت فشلا نيابيا تاما في إتمام هذا الاستحقاق بفعل الانقسامات والخلافات التي تؤكد أن فريقا بمفرده مهما بلغت قوته لا يستطيع أن يأتي برئيس.
في الوقت الذي يتطلع فيه اللبنانيون الى إنتظام الحياة السياسية بإنتخاب رئيس وتشكيل حكومة، أو على الأقل السماح لحكومة تصريف الأعمال التي تقود مرحلة الشغور بالعمل لتسيير شؤون الناس، تختلف الكتل النيابية على شيء حتى على جنس الملائكة.
في الاستحقاق الرئاسي، “دق الميّ ميّ” حيث من المفترض أن تتأرجح الورقة البيضاء على حافة الـ50 صوتا، وميشال معوض على حافة الـ43، فيما ستتوزع الأصوات الأخرى من التغييريين المنقسمين على أنفسهم، والمستقلين بين الشعارات وعصام خليفة وآخرون يجد بعض النواب في تسميتهم هروبا من أي إلتزام.
وفي مسألة النصاب الذي يُفترض أن يُنتخب فيه الرئيس العتيد، ثمة إختلاف يؤكد وصول المجلس الى طريق مسدود، حيث تشير المحطات التاريخية أن هذا البند الخلافي لا يطفو على السطح إلا عندما يكون هناك أزمة توافق عميقة، تماما كما حصل خلال فترة الشغور التي سبقت إنتخاب الرئيس ميشال سليمان، في حين أن كل رؤساء الجمهوريات إنتخبوا بنصاب الثلثين، كما أكد الرئيس حسين الحسيني بأن لا إنتخاب لرئيس الجمهورية إلا بنصاب الثلثين.
ويقول متابعون إن تمسك الرئيس نبيه بري بنصاب الثلثين وفقا للدستور، يصب في مصلحة كل مكونات مجلس النواب ويؤمن الميثاقية التي تعتبر أساسا في أي إستحقاق، خصوصا أن نصاب النصف زائدا واحدا، من شأنه أن يأتي برئيس فئوي، وأن يؤدي الى عزل طوائف بكاملها عن المشاركة في هذا الاستحقاق، علما أن مجلس النواب البالغ 128 نائبا ينقسم الى 64 نائبا مسلما و64 نائبا مسيحيا، ما يجعل المسلمون قادرون على الاجتماع مع نائب مسيحي واحد وإنتخاب من يريدون لرئاسة الجمهورية، والعكس صحيح، ما من شأنه أن يضرب الصيغة الوطنية القائمة، إنما بنصاب الثلثين لا بد من مشاركة الجميع ولو بشكل متفاوت ما يؤمن الشرعية الكاملة لرئيس البلاد.
وفي مسألة التشريع ثمة خلاف كبير، بين من يدعمون توجه الرئيس نبيه بري بعقد جلسة تشريعية لتمرير بعض المشاريع الملحة التي تصب في مصلحة المواطنين وتساهم في تسيير أمورهم، وبين من يرفض المشاركة في تلك الجلسة بإعتبار أن مجلس النواب في مرحلة الشغور يُعتبر هيئة ناخبة مهمتها فقط إنتخاب رئيس للجمهورية.
هذا الأمر يفتح جدالا واسعا حول الصراع السياسي الدائر وتسجيل النقاط بين الكتل النيابية حول ما إذا إستمر الشغور لمدة طويلة، هل تبقى البلاد من دون تشريع؟ وهل يبقى اللبنانيون من دون خدمات أساسية خصوصا أن ثمة حاجة ماسة لتشريع قوانين تتعلق بالكهرباء، أو ربما بصندوق النقد الدولي في حال إستُكملت المفاوضات، وغير ذلك مما يتعلق بالشؤون الحياتية للناس والتي تحتاج الى إقرار قوانين؟.
وتكتمل دائرة الفراغ بالمحاولات السياسية الرامية الى تعطيل حكومة تصريف الأعمال ووضع العراقيل أمام مسيرتها بهدف تصفية الحسابات الشخصية.
هذا الواقع المزري يجعل لبنان من دون رئيس جمهورية، ومن دون سلطة تنفيذية، ومن دون سلطة تشريعية، ومن دون قدرة على إتمام الاستحقاق الرئاسي، وذلك في ظل أوضاع مأساوية ترخي بظلالها القاتمة على أرجاء الوطن المنكوب..