فادي عبود – الجمهورية
وبما انّ الحاكم بأناقته المعهودة هو «فوتوجينيك»، ننتظر منه وممّن يحميه صوراً أخرى لبث الطمأنينة في قلوب اللبنانيين، نريد منه صورة الى جانب مودع ينتظر ساعات في المصرف ليشحد قروشاً من وديعته التي هي جنى عمره وشبكة أمانه، ننتظر صورة الى جانب مودع آخر يتعرض للذل امام مصرف آخر لأنه يريد معالجة والده المريض.
وصورة بالطبع امام شاب في مقتبل العمر خسر فرصة تعليمه لأنّ والده عجز عن الحصول على امواله، وصورا كثيرة لأناس تدمّرت حياتهم وتغيّر مستوى معيشتهم فيما الحاكم ومَن يحميه مستمرون في العيش برفاهية، والمودع مضطر الى ان يُسكت جوع اولاده بمبلغ زهيد هو الحد الاقصى المسموح له ان يحصل عليه من وديعته.
ونتمنى ان يعلّق الحاكم ومن يحميه هذه الصور في منازلهم الفخمة ليتذكروا دائماً المآسي التي تسببوا بها، ولينظروا الى عيونهم ويروا أثر أفعالهم على حياة كل فرد من هؤلاء، وليعرفوا انّ هذه المآسي ستلاحقهم وعائلاتهم واحفادهم الى ما لا نهاية، لأن صرخة المظلوم ودمعة الموجوع ترتدّ على الظالم مهما طال الزمن.
ويُطالعنا الحاكم بابتسامة واثقة بأن الذهب بألف خير متناسياً اموال الناس وودائعهم، فبالطبع سيبتسم لأنه لم يخسر قرشاً، ونجح في تحويل امواله الى الخارج، ونجح في مضاعفة ثرواته على مدى 30 عاما بقي فيها في منصب الحاكم، يُفبرك سياسات غريبة عجيبة أوصلت البلد الى الانهيار والناس الى التعتير.
ولزيادة الطين البلة، عمد أصحاب القرار ومعهم الحاكم الى زيادة الدولار الجمركي والضرائب على اساس دولار 15 الف ليرة لبنانية قبل الاعياد وحتى قبل ان يتمكن المواطن من سحب دولاره المصرفي على اساس 15 ألفاً، هدية قبل الاعياد ترفع اسعار السلع وتزيد الاعباء على المواطن، رفع الضرائب قبل التفكير بخطة إنتاجية وإصلاحية تحقق النمو. وهكذا سيستمرون في الابتسام خلال فترة الاعياد فيما المواطن يتفرج عليهم بحسرة.
من جهة أخرى، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون حقوق الانسان اوليفييه دو شوتر Olivier De Schutter في مداخلته أمام مجلس النواب البلجيكي الاسبوع الماضي، إن مصرف لبنان يعتبر واحداً من المؤسسات الاشكالية من ناحية الشفافية، وانّ ممارسات مصرف لبنان انحرفت عن المعايير الدولية، ولم يتم التدقيق في أي من ممارسات مصرف لبنان من قبل لجنة برلمانية.
ونستعين هذا الاسبوع بـ دو شوتر ليسمعكم عن الشفافية المفقودة في عمل المصرف المركزي، فبالتأكيد مَللتم من قصة ابريق الزيت المعتادة التي نرددها حول ضرورة الاطلاع على كل التقارير المدققة للمصرف المركزي منذ 20 عاماً وحتى اليوم. فربما اذا سمع نوابنا الاعزاء ذلك من جهة دولية قد يتحمّسون للتحرك جدياً للمطالبة بالتقارير المدققة لتبيان حقيقة ما أوصَل الامور الى ما هي عليه، كما تشخيص الوضع الراهن بدقة للتمكن من إيجاد حلول تعيد للناس ما تبقى من ودائعها.