السبت, نوفمبر 23
Banner

رغم الشتاء القارس ..ملايين الفقراء محرومون من الكهرباء في بريطانيا

في أحد أحياء شمال لندن، يغمر برد قارس المنازل المتلاصقة والسيارات المكسوة بالثلوج.. وداخل غرفة معيشة سامانتا بيار-جوزف، تضفي مروحة صغيرة قليلاً من الدفء فيما السخّان مُطفأ في سائر أنحاء المنزل.

وبسبب مبلغ 1800 جنيه (2170 دولاراً) المتراكم عليها، حوّل مورد الطاقة الذي تتعامل معه خطّها إلى عدّاد مسبق الدّفع، فباتت غير قادرة على استهلاك الكهرباء أو الغاز إلا بعد سداد فواتيرها التي تشهد ارتفاعاً عمّا كانت سابقاً.

وتقول: “قبل بضعة أسابيع، عدت إلى المنزل بعد الخروج للتبضع، ونظرت إلى عداد الكهرباء الخاص بمنزلي ثم لاحظت وجود جهاز جديد متّصل به عليه عبارة – ينبغي إعادة الشحن فوراً”، إذ كان يترتب عليها دفع ثلاثة جنيهات متبقية قبل قطع الكهرباء.

وبات أكثر من أربعة ملايين منزل مُجهّز بعدادات مسبقة الدفع.ولم تعد العدادات التي كان المشتركون فيها يدفعون لقاء ما يستهلكون ُعتمدة، بل بات يستعان بعدادات قابلة لإعادة الشحن عبر الإنترنت أو بنماذج قديمة تفعل ببطاقات يمكن شراؤها من مكاتب البريد أو من متاجر صغيرة.

وفي ظل الارتفاع الذي تشهده أسعار المحروقات هذا الشتاء، كان هؤلاء الزبائن الأكثر تضررا لأنهم تأثروا بالأسعار المرتفعة منذ البداية، على ما يأسف المسؤول في جمعية “NEA” التي تكافح الفقر المرتبط بالطاقة بيتر سميث.

وقد يتوجّه مئات الآلاف من المستهلكين الإضافيين الذين يعانون صعوبات في دفع فواتيرهم، إلى هذا النوع من العدادات خلال الشتاء، على ما تشير جمعيات عدة تدافع عن المستهلين.

– قطع شخصي للكهرباء

ومع أنّ موردي الطاقة نادرا ما يقطعون التيار الكهربائي عن المنازل التي لم تدفع فواتيرها، إلا أن الخطر الفعلي يتمثل في التحول نحو عدادات الدفع المسبق وبالتالي قطع الأشخاص الكهرباء عن بيوتهم بأنفسهم .. فلم تعد الأسر تملك الوسائل لإعادة شحن عداداتها وتتوقف تالياً عن استهلاك الكهرباء، بحسب سميث.

وفي منزلها الذي تعيش فيه مع ابنتها البالغة عشرين عاما، أصبحت بيار-جوزف متأنية بكل جنيه تستهلكه على الكهرباء أو الغاز.

وبعيدا عن الثلاجة، باتت أجهزتها المنزلية مطفأة معظم الوقت. أما شجرة عيد الميلاد في إحدى زوايا المنزل فمزينة بأضواء تبقى مطفأة. ولم تعد بيار-جوزف تشغل نظام التدفئة سوى في غرفة واحدة، فيما تحضر الطعام ضمن كميات تكفي ليومين حتى توفر استخدام الغاز للطهو.

ورغم الجهود التي تبذلها تضطر لإعادة شحن العداد “كل أسبوع بمبلغ لا يقل عن 60 جنيها”، بحسب قولها.

تعتبر هيئة “أوفجيم” البريطانية المعنية بشؤون الطاقة، أن الوضع غير مقبول بتاتا مع فصل شتاء حاد جدا كهذا. وذكّرت الهيئة أخيرا موردي الطاقة بضرورة مراعاتهم وضع الزبائن قبل تحويلهم إلى العدادات مسبقة الدفع.

وذكرت الهيئة في بيان أرسلته إلى وكالة فرانس برس أن بعض الزبائن الفقراء حرموا في بعض الحالات القصوى من الكهرباء لأيام وحتى لأسابيع. ودعا بعض النواب المعارضين الحكومة إلى تعليق العمل بهذه العدادات.

– الأموال تستهلك

وتندّد بيار- جوزف بوضع تصفه بـغير العادل مطلقا. وفي النهاية استسلمت للواقع ودفعت مستحقاتها لكنها تأمل في الحصول على تعويض. وتقول إن الأشخاص ذوي المداخيل الأدنى هم الذين يدفعون أكثر في النهاية.

وتضيف المعالجة النفسية: “نشعر بالقلق بعد إعادة شحن العداد، لأننا نرى أنّ الأموال تُستهلك شيئاً فشيئاً”.

وترتفع أسعار المحروقات بفعل الحرب في أوكرانيا، ما يرفع نسب التضخم في المملكة المتحدة لتلامس الـ11%، وهو ما يتسبب بأزمة معيشية كبيرة.

وليست بيار-جوزف الوحيدة التي تُحرم من الطاقة، إذ تفتقد أكثر من ثلاثة ملايين أسرة لوسائل التدفئة وتعجز نحو 710 آلاف أسرة بينها عن تحمل تكاليف الملابس التي تعطي شعورا بالدفء أو حتى تكاليف الأطعمة، على ما تظهر دراسة أجرتها مؤسسة جوزف رونتري.

ووفرت الحكومة مساعدات للبريطانيين في مجال الطاقة، إلا أن المليونين الذين يعتمدون عدادات مسبقة الدفع، عليهم التقدم للحصول على ما تمنحه الحكومة من مساعدات.

ويقول سميث: “إن نحو 40% منهم لم يقدموا على الخطوة ليحصلوا على مساعدات من شأنها أن توفر الدفء لهم”.

Leave A Reply