عماد مرمل – الجمهورية
بات واضحاً انّ العلاقة بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» أصبحت مرهَفة، الى درجة انها لم تعد تتحمّل اختبارا جديدا بـ»الذخيرة الحية» أو حمولة زائدة في الهواجس.
ليس خافياً انّ مناعة «تفاهم مار مخايل» تراجعت وانّ «فيروسات» الملفات الداخلية الشائكة تهدده، وهو ما يَستشعره الجانبان اللذان يدركان ان اي ضربة إضافية للتفاهم قد تُنهيه.
من هنا، يلفت العارفون الى ان ليس سهلاً على «الحزب» ان يغطّي انعقاد جلسة جديدة لحكومة تصريف الأعمال اذا استمرت مقاطعة وزراء «التيار»، لمعرفته انه في هذه الحال سيُغامر باحتمال انهيار التحالف كلياً وسيَظهَر كأنه هو مَن بادرَ الى سحب يده من يد «التيار» الذي يعتبر انّ التئام مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي وغياب الوزراء المحسوبين عليه يشكّل انقلاباً على الشراكة والميثاقية، وبالتالي فإنه لن يتحمل مشاركة حليفه الشيعي في جلسة ثانية بينما «جرح» الأولى لم يلتئم بعد.
وضمن السياق نفسه، لن يستطيع «الحزب» بدوره ان يهضم بسهولة سيناريو لجوء «التيار» الى طرح اسم ثالث لرئاسة الجمهورية بينما لا يزال سليمان فرنجية مرشحه الوحيد، ولو غير المُعلن. ولن يستسيغ الحزب بالتأكيد ان يفرض عليه التيار أمراً واقعاً من دون التوافق المُسبق معه، واذا فعلها تكتل «لبنان القوي» في اجتماعه اليوم فإنّ من شأن ذلك أن يعقّد المشكلة اكثر مع «الحزب» ويوسّع الفجوة بين الجانبين.
وهناك من يلفت الى انّ ترشيح «التيار الحر» إسماً علنياً للرئاسة بلا تأمين الحد الأدنى من التفاهمات التمهيدية حوله، سواء مع مكونات مسيحية أخرى او مع «الحزب»، سيكون أقرب إلى طلقة في الهواء، والأرجح انّ المرشح المفترض سينضَم عندها الى لائحة الاسماء المحروقة، الا اذا كان للتيار هدف تكتيكي يرمي الى تخفيف الحرج الناجم عن استخدام الورقة البيضاء، ومغادرة موقع الدفاع الى موقع الهجوم.
وعلى رغم من ان العلاقة بين «الحزب» و»التيار» تمرّ في مرحلة من «الضمور» السياسي، الّا ان قياديا «برتقاليا» يؤكد ان هذا الخلاف «لن يدفعنا الى التراجع عن ثوابتنا، ومن ضمنها وجوب ان يمثّل الرئيس المقبل ضماناً للمقاومة بحيث لا يطعنها ولا يتآمر عليها، بل نحن سنكون اول المدافعين عنها اذا «دَقّتها شوكة». وبالتالي، فإننا نتفهّم إيلاء السيد حسن نصرالله هذا الأمر أهمية استراتيجية».
غير ان القيادي في التيار لا يلبث ان يستدرك مضيفاً: «إنما لا يجوز في الوقت نفسه اختزال مواصفات الرئيس بأولوية واحدة، وعلى الحزب ان يتفهم أيضاً ان الشعب اللبناني المنهَك والمُستنزَف يحتاج إلى وجود شخصية غير تقليدية في قصر بعبدا، تقدر على معالجة الازمة لا إدارتها، وتستطيع مواكبة مرحلة استخراج الغاز والنفط وجذب الاستثمارات، وتملك ارادة مكافحة الفساد، ويمكنها كسب ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي».
ووفق رأي القيادي إيّاه فإن رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية «رجل تقليدي، ولذلك نصرّ على عدم انتخابه، وعندما طرحَ السيد نصرالله على النائب جبران باسيل خلال اجتماعهما الاخير ان يلتقي فرنجية، كان ردّه بأنه لا يمانع في التقائه مرات عدة ولكنه ليس مستعداً الالتزام بأي شيء حياله».
بناء عليه، يبدو أن الاجتماع بين السيد نصرالله والنائب باسيل ينتظر قبلاً حصول «خرق رئاسي» يضمن خروجه بنتيجة إيجابية، كأن يُبدي احد الطرفين استعداداً للاقتراب من خيار الآخر، اما اذا ظل «التيار» مُعترضاً على خيار فرنجية والحزب مُتمسكاً به، فإنّ الانتظار قد يكون الخيار الأفضل حتى إشعار آخر.