السبت, نوفمبر 23
Banner

الديار: توتر في «العدلية» يطيح جلسة «القضاء الاعلى» والحرب مفتوحة بين عويدات والبيطار

كتبت صحيفة “الديار” تقول: «النار» تحت «الرماد»، تعبير استخدمه احد كبار القادة الامنيين لوصف ما وصلت اليه الامور من سوء دون ان يستبعد ان ينفجر البلد في اي لحظة، مستغربا غياب السلطة السياسية عن التحرك للجم الانفلات المخيف على كافة الاصعدة!؟ هذه الاجواء المثيرة للقلق، تعززها مخاوف جدية من بدء محاولات تخريب خارجية وداخلية لملامح سيناريو اخراج تسوية رئاسية باكثرية ال65 نائبا، وهو سيناريو لم تعد تعارضه بكركي. وثمة علامات استفهام لدى تلك الاوساط حول ما اذا كان ما يجري مجرد ضغوط «ولعبة عض اصابع» داخلية وخارجية او محاولة جدية لاخذ البلاد الى الفوضى في ظل عودة البعض الى قطع الطرقات؟ وبانتظار الاجوبة، انهيار «الليرة» مستمر فتجاوز الدولار عتبة الستين الفا، وانهارت «العدلية» بالامس على رؤوس من فيها، وتعزز انقسام القضاء، ورسمت خطوط تماس داخل الاروقة وبين الطوابق في المبنى الذي شهد محيطه وداخله اشكالات مفتعلة لتطيير جلسة مجلس القضاء الاعلى. وتبدو الحرب مفتوحة بين مدعي عام التمييز غسان عويدات والمحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار الذي لا يزال يحظى بحماية رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود الذي اتهمته مصادر قضائية بالتواطؤ لمنع التئام المجلس لمحاولة وقف «المهزلة». وانتهى المشهد بفوضى عارمة تخللها عراك وتضارب بين مرافقي خوري وعدد من النواب في مكتبه. اما الفضيحة المدوية على هامش هذا السقوط فتبقى مغادرة مسؤول امن المرفأ محمد زياد العوف الذي يحمل الجنسية الاميركية الى الولايات المتحدة على الرغم من صدور قرار واضح باطلاق سراحه مشروطا بمنع السفر عن الموقفين ال17! ووفقا للمعلومات، لم تخف السفيرة الأميركية دوروثي شيا وجود قرار متخذ مسبقا باخراجه من البلاد، وهي سبق وابلغت مدعي عام التمييز غسان عويدات ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بالامر عندما زارتهما للمطالبة بالإفراج عن العوف قبل ايام، وهددت باعتباره رهينة وبفرض عقوبات على الجهات القضائية والأمنية التي تحتجزه. فهل بالامكان الحديث بعد اليوم عن سيادة وعدالة؟ كل هذه الاحداث تجري على وقع عودة التوتر الى الساحة العراقية وسط تصاعُد غضب الشارع نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي واستعداد «التيار الصدري» للعودة الى الشارع ! فيما تتواصل المفاوضات بين الرياض «وانصار الله» على الهدنة في اليمن، في ظل ضغط سعودي لتضمين الاتفاق تفاهمات بخصوص الوضع الحدودي ووقْف إطلاق النار الشامل. فهل تستخدم الساحتان العراقية واللبنانية للضغط على «طاولة» التفاوض اليمنية؟ سؤال مشروع برأي مصادر دبلوماسية في بيروت باتت اكثر قلقا من خروج الامور عن «السيطرة» على الساحة اللبنانية!

هل من «طبخة» رئاسية؟

امام كل هذه التطورات، لا تبدو حالة الغليان مجرد صدفة بالنسبة لمصادر سياسية بارزة، تعتقد ان ثمة من يحرك الاحداث من وراء «الستار»، مع بروز حركة رئاسية ناشطة في الآونة الاخيرة تشير الى وجود محاولات حثيثة يقودها «الثنائي الشيعي» ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لايجاد ثغرة في جدار الازمة الحالية يكون مدخلها اخراج الاستحقاق الرئاسي من «عنق الزجاجة» وتهيئة المناخات السياسة في البلد لامكان اجراء انتخابات على قاعدة النصف زائد واحد، اي الاصوات ال65 التي اوصلت الرئيس نبيه بري الى رئاسة المجلس النيابي. والتحرك لا يسوق لاسم بعينه، وانما يسعى لتامين مناخات عامة حول المبدأ كقاعدة انطلاق، ثم يجري البحث عن هوية الرئيس العتيد الذي يسعى جنبلاط الى حصرها باسمين يمكن تسويقهما كمرشحي تسوية. لكن يبدو ان ثمة متضررين من هذا الحراك داخليا وخارجيا، ويعملون على تخريب المساعي الحالية!

خيارات بكركي

ووفقا للمعلومات، لم تعد بكركي تمانع هكذا سيناريو بما ان شرعية الرئيس ستكون مؤمنة بحضور النواب 86 في الدورة الاولى، وهو امر لمسه بالامس رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعد لقاء عقده مع البطريرك بشارة الراعي امس. ووفقا لمصادر كنسية، يعمل البطريرك على استمزاج الاراء المسيحية الاخرى، قبل ان يبدا حراكا لم تكتمل كامل تفاصيله بعد. وهو كان يميل الى جمع الافرقاء على طاولة واحدة، لكن التباينات بين هذه القوى والتي تظهرت خلال ساعات قليلة في اللقاءين اللذين عقدهما في بكركي مع كل من فرنجية وباسيل، لا تشجع على هكذا خطوة، وبات مقتنعا ان اي لقاء جامع سيكون عنوانه الفشل في ظل غياب اي قواسم مشتركة يمكن التعويل عليها لجمع القوى المسيحية حول مرشح تسوية يمكن طرحه على باقي القوى السياسية. لكن الراعي لا يزال يبلور بضع افكار وقد يطرحها بصيغ جديدة خلال الايام المقبلة. وفي خطوة لافتة من القوات اللبنانية، حضّر تكتل «الجمهوريّة القويّة» عريضة نيابيّة لمطالبة رئيس ‏مجلس النواب نبيه بري بعقد جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهوريّة. وباشر التكتل ‏اتصالاته مع باقي الكتل والنواب المستقلين بغية جمع أكبر عدد من التواقيع عليها.‏

فرنجية مرشح توافقي

وبعد ساعات على زيارة باسيل الى بكركي، زار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الراعي بالامس ترافقه زوجته، وقال بعد اللقاء أنّه يسعى ويريد أن يكون مرشحاً توافقياً. وقال «من حقي الدستوري أن أترشّح لرئاسة الجمهورية… وأنا لم أعلن ترشحي، ولكنّني قلت إنني مطروح للرئاسة ولم أقف يوماً حجر عثرة، علماً أنّ ما حصل في المرة الماضية لم يكن وحدة مسيحية بل وحدة ضدّنا». وقال: أنا آتٍ من خلفية سياسية، وكل المطروحين هم وسطيون بالشكل ولكن لديهم خلفياتهم السياسية، ولا أعتبر أنّ تاريخي السياسي يقف عائقاً بوجهي لأني لست رمادياً ولديّ موقف. ورأى أنّ النائب جبران باسيل لديه أسبابه ليرفضني، فالأمور أكبر من قدرته الاستيعابية، مشيراً إلى أنّه ليس ضدّ قائد الجيش «ولكن ما هو مشروعه السياسي؟»، واضاف «أنا لست مرشح حزب الله و»كتّر خير» أي فريق يرشحني. وسأل:هل معوّض رئيس توافقي؟ وخلص فرنجية الى القول «نحن من الأساس مع الطائف بل وأساسيون فيه ومع تطبيقه بالكامل. ولفت إلى أنّه «مع اعتماد أفضل العلاقات مع الدول العربية وبخاصة مع المملكة السعودية». وقال: «سأعمل على استراتيجية دفاعية واقعية ضمن الحوار مع الجميع، وأنا قادر أن آخذ من المقاومة ما لا يستطيعه أيّ مرشح آخر وكذلك من سوريا، والدول الخارجية تخرب بلدانا من أجل مشاريعها، والخوف من أنّه إذا خربت هذه المرة لا يمكن تعميرها، والخسارة الكبرى ستكون على الصعيد المسيحي.

الادعاء على البيطار

في هذا الوقت، واصل المدّعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات التصعيد، واحال البيطار على التفتيش القضائي، واودع رئيس هيئة التفتيش، نسخة عن الملف المتعلق بالادّعاء الصادر عنه بالامس ضده. كما أصدر عويدات قرارا طلب فيه من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة سر النائب العام لدى محكمة التمييز عدم استلام أي قرار او تكليف او تبليغ او استنابة او كتاب او إحالة أو مذكرة مراسلة او أي مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لكونه مكفوف اليد وغير ذي صفة. وقال عويدات «ان قرار القاضي البيطار كأنه يتطلّع بنفسه أمام المرآة ولو كان أي مرجع ‏قضائي يوافق على قراره أو يجد فيه ذرة قانون، أنا مستعدّ أن أتراجع عن ‏قراري. واضاف: تحقيقات المرفأ ستستأنف بعد تصحيح الخطأ الكبير. من جهة ثانية، طلب عويدات من الرئيس الأول سهيل عبود تعيين موعد آخر لاجتماع مجلس القضاء الأعلى للتجاوب مع كتاب وزير العدل بعدما طارت الجلسة التي كانت مقررة بالامس.

لماذا طارت الجلسة؟

وقد طارت الجلسة بالامس بعد رفض 6 من اعضاء مجلس القضاء الاعلى عقد الاجتماع ‏تحت ضغط الشارع، وفي ظل الحركة النيابية في العدلية ايضا، فغادروا مكتب عبود في ‏قصر العدل، ولم يعقد الاجتماع. ووفقا للمعلومات، اعرب بعض القضاة عن تخوفهم من رد فعل سلبي على اي قرار، وتساءلوا ماذا لو تم اتخاذ قرار يجيش الشارع؟ وهل دورنا ان نهدىء الشارع او عكس ذلك؟ وقد علم ان اتفاقا مبدئيا قد حصل على عقد اجتماع للمجلس في وقت قريب لن يعلن عنه بشكل مسبق! وفي هذا السياق، لم يستبعد النائب العام التمييزي أن يعمد البيطار إلى ارتكاب الكثير من المخالفات القانونية في الأيام المقبلة، بما فيها إصدار مذكرة توقيف غيابية ضده وضد زملائه القضاة الآخرين.

من يحمي المحقق العدلي؟

وما انتهى عليه المشهد بالامس يشير بوضوح الى ان القضاء يمر بأسوأ مرحلة في تاريخه، فالصراع العلني بين مرجعياته يخفي في «الكواليس» حربا ضروسا بين جهات سياسية لم تعد تخفي وجهها ، فالمحقق العدلي القاضي طارق البيطار بات شبه وحيد في هذه المعركة داخل «العدلية» بينما يحظى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بدعم مطلق من القضاة المدعين العامين في جميع النيابات العامة، لم تجر اقالته من موقعه. ووفقا للمعلومات، فان وزير العدل هنري خوري رفض المبادرة الى طرح اسم محقق عدلي جديد، كما ينص عليه القانون، وهو قال صراحة انه لن يتخذ قرارا بهذا الشأن، وان هذا الامر منوط بالمجلس الاعلى للقضاء، فيما ثمة «همس» من بعض القضاة داخل المجلس يتهمون فيه القاضي سهيل عبود بالتواطؤ مع التحرك النيابي داخل وخارج العدلية لمنع انعقاد جلسة المجلس الاعلى للقضاء بالامس لمنع اتخاذ اجراء ضد البيطار.

فوضى وتوتر

وقد سادت الفوضى والتوتر أمام قصر العدل بين المحتجين من أهالي ضحايا وشهداء انفجار مرفأ بيروت ومواطنين متضامنين معهم كانوا ينفّذون اعتصاماً في المكان دعماً للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وعملوا على خلع البوابة الحديدية التابعة لوزارة العدل، ما أدّى إلى حصول تدافع واشتباك مع العناصر الأمنية الذين حاولوا منعهم من الدخول، وعمد عدد من المحتجّين إلى رمي الحجارة باتجاه القوى الأمنية، فيما استقدم الجيش تعزيزات إلى محيط الوزارة. وعلى خلفية عملية الاقتحام، أوقفت القوى الأمنية المحامي واصف الحركة وناشطة، ثم اطلق سراحهما لاحقا. وبالتزامن مع ذلك، عقد وفد من النواب اجتماعاً مع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود. وضمّ الوفد النيابي ملحم خلف، حليمة قعقور، فراس حمدان، بولا يعقوبيان، ياسين ياسين، وضاح الصادق وأشرف ريفي، جورج عقيص، غسان حاصباني، نزيه متى، سعيد الأسمر، غياث يزبك، رازي الحاج، الياس حنكش، نديم الجميل، ابراهيم منيمنة، مارك ضو، ميشال الدويهي، ميشال معوّض وأديب عبد المسيح، إضافة إلى عدد من المحامين. وكان لافتا كلام بعض النواب عن تطمينات من القاضي عبود بعدم سماحه باستفراد القاضي البيطار، واعدا بتقديم الحماية له.

اشكال وتضارب

من جهته، حاول وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال، هنري الخوري، تبرير الإشكال الذي وقع أثناء استقباله مجموعة من النواب داخل قصر العدل ، محملا النواب مسؤولية ما حصل، فيما اتهم النائب وضاح الصادق مرافقي وزير العدل بالاعتداء عليه بعد ان اعترض على اداء خوري المسيس. واشار الاخير في بيان ان ما تسبب بالاشكال، الأجواء القضائية المشحونة ونيات بعض النواب الذين لم يلتزموا أصول التخاطب واللياقة مع الوزير. وقال انّه «وافق على استقبال النواب الذين استرسلوا في الإدلاء بمواقفهم وكان مصغياً بهدوء لجميع المداخلات، إلا أنّ حماسة بعض النواب وصراخهم وتهجمهم على الوزير، وتحديداً النائب وضاح الصادق الذي كال لوزير العدل بألفاظ نابية طالباً منه الاستقالة إذا لم يتصرّف، دفعت بالقاضي إيلي حلو إلى التقدّم من النائب طالباً منه الهدوء والجلوس، إلا أنّ النائب وضاح الصادق استشاط غاضباً وقال للقاضي «شيل إيدك عني وليه»، فأجابه القاضي «لا أسمح لك بإهانتي». وهنا ثار بعض النواب وتدافعوا صوب القاضي حلو الذي دفعه وضاح الصادق خارجاً عندما حاول الدفاع عن نفسه، وهنا تدخّل أمن الوزير ومرافقوه للحؤول دون التضارب الذي حصل بين مجموعة من النواب والأمن. من جهة اخرى، اوضحت مصادر وزير العدل أنه شرح للنواب الذين اصروا على مطالبته باقالة مدعي عام التمييز بأن الإقالة تتم عبر مجلس الوزراء الذي عينه وتقييم القرارات القضائية يعود للتفتيش القضائي، لكن عددا من النواب اصر على موقفه على الرغم من تضلعه في القانون. كما اكد للنواب الذين سألوه عن نيته بتغيير القاضي طارق البيطار أنه لن يبادر الى اتخاذ اي قرار أو توصية أو اقتراح على الاطلاق الا بناء على توصية مجلس القضاء الاعلى التي يرفعها الى الوزير.

فضيحة سيادية!

وبينما جال المدير العام للجمارك بدري ضاهر الموضوع في ‏التصرف امس في مبنى الجمارك في المطار لالقاء التحية على الموظفين، غادر مسؤول امن المرفأ محمد زياد العوف الذي يحمل الجنسية الاميركية الى الولايات المتحدة الاميركية عبر مطار بيروت على الرغم من ان الافراج عنه مرتبط بمنعه من السفر. وبحسب رئيس منظمة دعم الرهائن نزار زكا، فان العوف لم يكن يريد السفر، لكن نصحته السفارة الاميركية بالسفر لاجراء فحوصات روتينة في الولايات المتحدة. واشار الى ان العوف خرج بمرافقة موظفين في السفارة الاميركية، ولم يحصل اي مشكلة في المطار على المستوى الاجرائي من قبل الامن العام ولم يواجهه احد باي مذكرة تفيد بانه ممنوع من السفر!

تسوية بين القائد والوزير

على صعيد آخر، ولحماية آخر المؤسسات الحامية للاستقرار الامني، تحدثت مصادر مطلعة عن التوصل الى حل للازمة القائمة بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون، على خلفية تضارب الصلاحيات في التعيينات العسكرية، وتم التوصل الى آلية تقضي بأن يقترح قائد الجيش الاسماء لملء الشواغر ويصدر الوزير القرارات في شأنها.

Leave A Reply