يدخل الاقتصاد العالمي الربع الأخير من أسوأ عام يمر به في الذاكرة الحية للبشر، وهو يواجه مخاطر جمة، في ظل استمرار جائحة فيروس كورونا المستجد، بإلحاق مزيد من الدمار بأسواق العمل.
وتقول وكالة “بلومبيرج” للأنباء، “إن النظرة المستقبلية القاتمة لسوق الوظائف الأمريكية ووقف برنامج دعم الأجور في بريطانيا وانتهاء الوقف الاختياري لإشهار إفلاس الشركات المتعثرة في ألمانيا، تقدم صورة أشد قتامة لمستقبل سوق العمل في العالم”، ووفق تقديرات منظمة العمل الدولية، فإن العالم سيفقد ساعات عمل تعادل نحو 245 مليون وظيفة دائمة خلال الربع الأخير من العام الجاري.
وبدأ الربع الأخير من العام بنذير شؤم، حيث أعلن عديد من الشركات الكبرى من والت ديزني للإعلام والترفيه إلى رويال داتش شل للطاقة وكونتيننتال الألمانية لمكونات السيارات، الخميس الماضي، شطب آلاف الوظائف خلال 24 ساعة فقط. وفي اليوم التالي كشفت وزارة العمل الأمريكية تباطؤ نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، في الوقت الذي تخلى فيه مزيد من الأمريكيين عن البحث عن عمل.
وإضافة إلى هذه الأنباء المثيرة للتساؤل، فإن البرنامج الرئيس لدعم الأجور لدى الشركات البريطانية سينتهي في وقت لاحق من الشهر الجاري، في حين قالت إحدى منظمات الأعمال الرئيسة هناك “إنها تتوقع شطب أكثر من 60 ألف وظيفة خلال الأسابيع المقبلة مع انتهاء هذا البرنامج”، بحسب ما نقلته “الألمانية”.
في الوقت نفسه، فإن تجدد ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد في الاقتصادات الكبرى، يشير إلى ضعف حالة هذه الاقتصادات التي لم تتعاف بعد من خسائر الموجة الأولى للجائحة، فالتفشي الأخير للفيروس في العاصمة الفرنسية باريس – على سبيل المثال – أدى أمس، إلى إعلان إعادة إغلاق الكافيهات لمدة أسبوعين ابتداء من اليوم ومن الممكن أن يؤدي إلى إعادة غلق المطاعم، والحالة نفسها تتكرر في لندن، بحسب مسؤولي الصحة المحليين.
يقول تيم أورليك، كبير المحللين الاقتصاديين في وكالة “بلومبيرج” للأنباء، “إن حدوث موجة جديدة من جائحة كورونا، وعمليات شطب الوظائف الواسعة في الشركات الأمريكية الكبرى، وانتهاء برنامج دعم الأجور في بريطانيا، تؤكد خطر ارتفاع معدلات البطالة في العالم بنهاية العام الجاري”. والأنباء السيئة بالنسبة إلى النظرة المستقبلية العاجلة تمثل أيضا أنباء سيئة على المدى المتوسط، مع اشتداد المخاوف من تعثر التعافي الاقتصادي نتيجة تدهور أوضاع سوق العالم، حتى بعد اكتشاف لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد.
وكان مجلس الاحتياط الاتحادي “البنك المركزي” الأمريكي قد نشر الأربعاء الماضي محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية يومي 15 و16 أيلول (سبتمبر) الماضي، حيث أشار إلى تفاصيل المناقشات حول توجيهات اللجنة الجديدة بشأن الأحوال التي ستجعل من الضروري بدء زيادة سعر الفائدة الأمريكية القريب من صفر في المائة حاليا.
كما أشار المحضر إلى بحث صناع السياسة النقدية الأمريكية فكرة زيادة مشتريات السندات لضخ مزيد من السيولة النقدية في الاقتصاد الأمريكي، وكذلك استمرار القيود الصارمة على التوزيعات النقدية للبنوك.
وتتجه الأنظار إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي لرصد مؤشرات التطورات الاقتصادية المستقبلية، حيث يعلن بنك أستراليا المركزي، الثلاثاء المقبل، قراره بشأن أسعار الفائدة، فيما من المنتظر أن يعلن سكوت موريسون رئيس الوزراء، حزمة تحفيز اقتصادي جديدة تتضمن إنفاقا على مشاريع البنية التحتية وتخفيضات ضريبية بهدف إخراج الاقتصاد الأسترالي من أول حالة ركود يتعرض لها منذ نحو 30 عاما.
كما يعتزم هاروهيكو كورودا محافظ بنك اليابان المركزي، إلقاء خطاب أمام أحد المؤتمرات في الأسبوع المقبل، حيث سيتناول مؤشرات التعافي الاقتصادي وتوقعات الأسعار.
كما تترقب الأسواق تصريحات مسؤولي البنك المركزي الأوروبي، ومنهم كريستين لاجارد رئيسة البنك، وفيليب لين كبير الخبراء الاقتصاديين، خلال الأسبوع الجاري، حيث ستكون فرصة لرصد أي مؤشرات عما إذا كانت بيانات التضخم الأخيرة لمنطقة اليورو، التي جاءت مخيبة للآمال، ستكون كافية لتعزيز الدعوات لإطلاق حزمة جديدة من إجراءات التحفيز الاقتصادي.
ويترقب المستثمرون تصريحات مسؤولي بنك إنجلترا المركزي لمعرفة إذا ما كانت هناك نية لخفض الفائدة إلى أقل من صفر في المائة. الأمر نفسه يتكرر بالنسبة إلى دول شمال أوروبا، خاصة بعد أن فاجأ أويستن أولسن محافظ البنك المركزي النرويجي، الأسواق بتصريحات أكثر تشاؤما من التوقعات في الشهر الماضي.