خضر حسان- المدن
رَفَضَ وزير الطاقة وليد فيّاض مطلب أرباب القطاع النفطي القائم على التسعير بالدولار في محطات المحروقات، أسوة بخطوة وزارة الاقتصاد تجاه السوبرماركت. ومراراً، اعتبر فيّاض أن الخطوة الإضافية تجاه الدولرة في هذا القطاع، لم تحن بعد، أو ربما لا يريدها خطوة فردية تصدر عنه بمعزل عن قرار شامل يحلّ أزمة التسعير بالدولار في كل القطاعات، وأزمة انهيار قيمة الرواتب التي يدفع المواطنون منها ثمن المحروقات. على أن اختلاف النوايا في هذا المجال، لم يمنع الوزير من السماح باختيار سعر صرف للدولار يُعتَمَد للزبائن الراغبين بالدفع بالدولار في المحطّات.
الدولرة لم تحن بعد
انغمس القطاع النفطي في دوّامة الدولرة مذ رفع الدعم عن استيراد المحروقات بشكل كامل، واستبعاد محطات المحروقات من الاستفادة من دولار منصة صيرفة. وأمام تقلّب أسعار الدولار في السوق، اقترحت الشركات المستوردة للنفط إنشاء منصة للتسعير، تتحرّك بشكل متواصل، تتغيّر عبرها أسعار المحروقات كل 3 أو 4 ساعات يومياً، بقرار من وزارة الطاقة، ويُعتَمَد دولار السوق في تحديد الأسعار. وإلى حين اتّخاذ هذا القرار، يرى رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شمّاس، أن على وزير الطاقة السماح بالتسعير بالدولار، أو إصدار جداول أسعار سريعة تواكب سعر الصرف “حتى لو كلّ ساعة”.
لكن فيّاض ما زال على موقفه، رافضاً الدولرة ورافضاً أي تصعيد من قِبَل الشركات المستوردة ومحطات المحروقات، وخصوصاً وقف تسليم المحروقات أو بيعه للمواطنين، ما يخلق أزمة وطوابير. وعن إصدار جدول تركيب الأسعار، حَسَمَ فيّاض قراره بأن “الجدول يصدر عندما يتوجّب ذلك”.
الدفع بالدولار ممكن
الموقف الممانع لوزير الطاقة، رافقه حلّ مبدئي انطلق بتاريخ 17 آذار، إثر الارتفاع الهائل للدولار وصولاً إلى نحو 140 ألف ليرة، ثم انخفاضه إلى نحو 105 آلاف ليرة. ففي ذلك التاريخ، بات جدول تركيب الأسعار يحمل عبارة “إن سعر صرف الدولار المعتمد في هذه التسعيرة ولغاية صدور تسعيرة أخرى وفق الأصول، للمواطنين الراغبين بالدفع بالدولار الأميركي، هو…”، وتضع الوزارة رقماً يوازي سعر دولار السوق.
يهدف تحديد سعر الدولار في الجدول، إلى ضبط الأسعار ومنع استيفاء المحطات مبالغ بسعر يفوق سعر السوق، ذلك أن بعض الزبائن يدفعون بالدولار تفادياً لتداعيات تقلّب الأسعار، وهو ما يؤكّده عدد من أصحاب المحطات لـ”المدن”. فأصحاب المداخيل بالدولار، سواء المقيمين والمغتربين “يبادرون لدفع ثمن البنزين بالدولار النقدي، ويعبّرون عن استيائهم لدوامة ترقُّب سعر الصرف والمسارعة إلى بيع أو شراء الدولار. ويجدون أن الدفع المباشر بالدولار أفضل وكأن الأمور عادت إلى ما كانت عليه قبل الأزمة”. ويرحّب هؤلاء بتحديد وزارة الطاقة سعر الدولار بشكل رسمي.
الدفع بالدولار “كان قائماً قبل بدء الوزارة بتحديد سعر للدولار في جدول تركيب أسعار المحروقات”، وفق ما يؤكّده لـ”المدن”، عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس. وبرأيه أن “هذه الخطوة مرحّب بها، لأنها تترك انطباعاً إيجابياً لدى الزبائن، فيعرفون وفق أي سعر سيدفعون”. ولا ينفي البراكس لجوء بعض المحطات إلى تحديد أسعار للدولار تقلّ بكثير عن دولار السوق، وهو ما يظلم الزبائن. وبتحديد الوزارة سعر الدولار “يأخذ الزبائن والمحطات حقّهم”.
التوليفة الوسطية التي اعتمدتها الوزارة “هي خطوة جيّدة، لكنها لا تحل الأزمة”. لذلك، يبقى المطلب النهائي لأهل القطاع النفطي، هو الدولرة الشاملة. لكن تجربة إعلان الأسعار بالدولار في السوبرماركت غير مشجّعة، فالأسعار ارتفعت بالدولار. ومع ذلك، ينفي أصحاب المحطات امكانية التلاعب بالأسعار لأن الوزارة تصدر أسعاراً واضحة ومحددة، على عكس أسعار السلع في السوبرماركت التي تخضع لرغبة التاجر الذي بدوره يرتاح لغياب الرقابة، فيما زبائن محطات المحروقات يعرفون الأسعار. فالهدف الأوحد من مطلب الدولرة هو عدم اضطرار المحطات لقبض الليرة وشراء الدولار من السوق وتحمّل الخسارة في حال ارتفاعه. وفي المقلب الآخر، إن الدفع بالليرة يخدم الشريحة الأكبر من الزبائن الذين يقبضون رواتبهم بالليرة، ولا يريدون شراء الدولار من السوق بأسعار تفوق ما يُعلَن عنه على المنصات الإلكترونية. ولذلك، قد يكون تحديد الوزارة لسعر الدولار في جداولها، حلاًّ مناسباً وضابطاً للأسعار إلى حين الدولرة الكاملة أو اجتراح معجزة ما.