تناول الصحفي البريطاني جوناثان كوك فيم قاله بموقع “ميدل إيست آي” في لندن، تغطية هيئة الإذاعة البريطانية لاقتحام القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين متهماً BBC بأنها توفر غطاء للعنف الإسرائيلي وتساعد عليه.
نشر موقع “ميدل إيست آي” في لندن مقالاً للصحافي البريطاني جوناثان كوك حول تغطية هيئة الإذاعة البريطانية لاقتحام القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين فيه متهما BBC بأنها تعطي غطاء للعنف الإسرائيلي وتساعد عليه.
قال الصحفي البريطاني جوناثان كوك في مقال نشره بموقع “ميدل إيست آي، إن هيئة الإذاعة الرسمية تستخدم مرة أخرى “الحيادية” المشكوك فيها وتقف مع قمع دولة إسرائيل.
وأشار كوك في بداية مقالته إلى ما قاله الأسقف ديزموند توتو الذي قاتل الأبارتهايد في بلاده جنوب إفريقيا: “لو وقفت محايداً في مواقف الظلم، فإنك اخترت جانب الظالم/المضطهِد”.
و اعتبر كولك أن BBC اختارت الوقوف في السياسة التحريرية والتغطية الإخبارية لإسرائيل وفلسطين وعلى مدى عقود مع المضطهِد، ولم تلتزم النزاهة التي تزعم أنها الصخرة التي تقوم عليها الصحافة.
وبدل ذلك اختارت المؤسسة وبانتظام لغة ومصطلحات أثرت على المستمعين والمشاهدين وخدعتهم. وضاعفت الممارسة الصحفية السيئة بحذف أجزاء من السياق خوف تقديم إسرائيل بصورة سيئة.
هذا في الوقت الذي كانت فيه منصات التواصل الاجتماعي حافلة بالصور ولقطات الفيديو عن الشرطة الإسرائيلية المسلحة التي داهمت مجمع المسجد الأقصى المقدس للمسلمين الصائمين. وشوهدت الشرطة وهي تدفع المصلين السلميين بمن فيهم رجال مسنون كانوا يصلون ودفعتهم عن سجاداتهم وأجبرتهم على مغادرة المكان. وفي حالات أخرى، أظهرت لقطات للشرطة وهي تضرب مصلين في داخل الأقصى الذي أطفئت الأنوار في داخله، وكانت صرخات النساء واضحة.
ويتساءل كوك: “ما مشكلة الإذاعة البريطانية وبقية الإعلام الغربي والتي جرى تقطيرها في عنوان قصير لـBBC (اشتباكات تندلع في موقع مقدس متنازع عليه)؟”.
ففي جملة من ست كلمات تقدم BBC نفسها من خلال “الحيادية” المشكوك فيها والتي لا تعمل على الكشف بل خداع المشاهدين كما حذر توتو، والوقوف مع المضطهِد.
ورغم إضافة لقطات الفيديو والصور فيما بعد على موقع BBC لردة الفعل الحادة على وسائل التواصل الاجتماعي فإنها لم تمرر حس الهجوم غير المبرر أو سببه الخبيث، وبرز ذلك في تغطية BBC.
يقول الصحفي عندما تطلق الهيئة على ما حدث “اشتباكات” في الأقصى، فإنها تتحدث عن مواجهة عنيفة بين طرفين “الفلسطينيين الذين تصفهم إسرائيل -ورددت BBC كلامها- بالمحرضين، والقوات الإسرائيلية التي تفرض القانون والنظام من جهة أخرى”.
وهذا هو السياق الذي يجب أن يضرب فيه المصلون الفلسطينيون حسب BBC.
وقال إن استخدام الهيئة كلمة “اندلاع” تقترح أن “المواجهات” هي قوة طبيعية مثل الهزات الأرضية والبراكين، لا تستطيع إسرائيل التحكم بها. وتبدو كأنها تتعامل مع حدث لوقفه.
كما أن الإشارة للأقصى بأنه منطقة “متنازع” عليها يقدم سياقاً زائفاً لشرعنة عنف دولة إسرائيل، فالشرطة الإسرائيلية مضطرة إلى أن تنتشر في المسجد الأقصى، لأن مهمتها تهدئة الطرفين من “التنازع” على المكان وتسبُّب بعضهما بالضرر لبعض أو تدمير المكان نفسه.
وتدعم BBC كل هذا بالاستشهاد وبدون نقد بيانات الشرطة الإسرائيلية التي تقول إن وجود الفلسطينيين في الأقصى هدفه “العبث بالنظام العام وتدنيس المسجد”.
ويرى الكاتب أن الطريقة التي أطرت فيها BBC ما جرى غير معقولة حتى لأي صحافي مبتدئ في القدس. وتفترض أن الشرطة الإسرائيلية هي مجرد محكم أو وسيط في الأقصى، وتعمل بإخلاص على تنفيذ القانون، مع أنها ولعقود عدة لعبت دور المحرض، وبعثتها “الدولة اليهودية” المعلنة من جانب واحد لتشويش الوضع القائم والوجود الإسلامي في الأقصى.
ويعلق الكاتب بأن المسجد ليس “متنازعاً عليه” إلا في مخيلة المتطرفين الدينيين اليهود، وبعضهم في الحكومة الإسرائيلية وبعض الصحفيين الجبناء.
وفكرة “التنازع” على الأقصى هي اختراع مجرد من دولة إسرائيل تدعمه مجموعة من الحاخامات المستوطنين المتطرفين ويستغلون فكرة “التنازع” من أجل تأكيد السيادة اليهودية على قطعة مهمة من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويعلق كوك بأن الهدف ليس اليهودية، بل تجريد الفلسطينيين من أهم رمز وطني عزيز عليهم، وأساس دينهم ورابطتهم العاطفية لأرض أجدادهم ونقل الرمز إلى دولة تزعم أنها تمثل الشعب اليهودي.
وعليه، فتكرار مقولة الأقصى “المكان المقدس المتنازع عليه” هو تكرار للنقاط التي تنشرها إسرائيل، كما تفعل BBC وتغلفها بغلاف الحيادية.
والحقيقة أنه لم تكن “اشتباكات” ولا “اندلاع” ولا “تنازع” لو لم تختر الشرطة الإسرائيلية مداهمة الأقصى في وقت كان فيه الفلسطينيون يصلون في الشهر المقدس.
ولم تكن “اشتباكات” لو لم تفرض الشرطة الإسرائيلية احتلالا دائماً على الأراضي الفلسطينية في القدس، والتي تعدت بقوة أكثر على منافذ المسلمين إلى السيطرة الكاملة على الأقصى.