صلاح سلام – اللواء
فشل الإدارة السياسية يكبر ويزداد عمقاً، كلما تراكمت الأزمات وتضاعفت التعقيدات.
من التعثر في إدارة ملف النزوح السوري، والعجز في معالجة مضاعفاته المحلية والخارجية، وعدم الإستفادة من تجارب الأردن وتركيا في التعاطي مع مسألة النازحين السوريين، سواء عبر التنظيمات الداخلية التي وضعت أمن البلدين فوق أي إعتبار آخر، أم بالنسبة لممارسة الضغوط الفعالة على الدول المانحة، وفي مقدمتها بلدان الإتحاد الأوروبي، ودفعها لتلبية المطالب المالية الأردنية والتركية للمشاركة الفاعلة في تحمل أعباء إقامة الملايين من السوريين الهاربين من نيران الحرب في بلادهم، ليحولوا دون وصولهم إلى الشواطئ الأوروبية.
المنظومة الحاكمة الفاشلة إكتفت بتصديق الوعود العرقوبية بتقديم المساعدات المالية، فكان ما وصل منها إلا القليل، ذهب بمعظمه إلى جيوب المسؤولين الفاسدين، وتحملت الخزينة، ومعها دافعو الضرائب وكل اللبنانيين، الأكلاف الباهظة للنزوح السوري، والتي تجاوزت تقديراتها حتى الآن الإربعين مليار دولار، حسب البيانات الرسمية.
مشهد الفشل يتكرر بأبشع صوره في أزمة الكهرباء المزمنة، والتي تجاوزت عقداً من الزمن في مراحلها الأخيرة. فبعد أشهر مديدة من العتمة الشاملة التي خيّمت على «بلد الإشعاع والنور»، كثر اللغط حول الوعود الأميركية بتسهيل تمويل الغاز المصري، وإستجرار الكهرباء من الأردن. ولم يُفوّت الوسيط الأميركي هوكشتاين مناسبة، أثناء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع «دولة إسرائيل» (حسب ما ورد في النص الرسمي للأمم المتحدة) إلا ونَثَر الوعود الوردية حول مساعدة واشنطن لدى البنك الدولي لتمويل صفقة الغاز المصري. وما أن تم التوقيع على الإتفاقية، مع كل ما شملته من تنازلات، حتى توارى الوسيط الأميركي، وتبخرت معه كل التعهدات بتسهيل عودة البلد المنكوب إلى عصر الكهرباء.
وفشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي يكشف العجز الكلي للمنظومة الحاكمة في إدارة أخطر الأزمات المالية التي تعرض لها لبنان في تاريخه الحديث، والتي أوصلته إلى مهاوي الإفلاس، وأسقطت الشعب المغلوب على أمره في جهنم الفقر، وحرمته من الكهرباء والمياه والدواء، وشرّدت عشرات الألوف من التلاميذ من مدارسهم، ورفعت نسبة البطالة إلى الأربعين بالمئة تقريباً.
حكاية الدولة المتهالكة مع الحكام الفاشلين طويلة، ولا تنتهي فصولاَ طالما بقي هؤلاء الفاسدون على كراسي الحكم!