في 2010، أثناء الطفرة العالمية في ثروات المليارديرات، بدأت أبحث في قائمة فوربس السنوية عن دلائل حول أي الدول كانت معرضة أكثر للثورات الشعبوية المعادية للأثرياء. عندما نشرت النتائج أخيرا في 2021، كانت التحذيرات تبرز في فرنسا، حيث كانت ثروة المليارديرات ترتفع سريعا وتتركز في الشركات العائلية مثل “إل في إم إتش”، تكتل السلع الفاخرة.
في وقت مبكر من هذا العام، كان بيرنارد أرنو، رئيس “إل في إم إتش”، هدفا أساسيا في مظاهرات باريس عندما اقتحم متظاهرون محتجون على إصلاح المعاشات التقاعدية مقره. أصبحت “إل في إم إتش”، التي ليس لها علاقة بالمعاشات التقاعدية، رمزا للعصر المذهب الجديد.
تظهر قائمة فوربس أن عدد المليارديرات وثرواتهم حول العالم انخفضا انخفاضا طفيفا عن ارتفاعات الجائحة لكنهما ما زالا مرتفعين ارتفاعا حادا على مدى العقدين الماضيين. كان هناك ما يقارب 500 ملياردير بمجموع ثروة يقل عن تريليون دولار عام 2000، أما الآن فيوجد أكثر من 2500 ملياردير بمجموع ثروة يبلغ أكثر من 12 تريليون. يظل المليارديرات هدفا محتملا للاحتجاجات، خاصة في الدول التي لا تزال فيها تحذيراتي تبرز. من المفارقات أن هذه الدول تتضمن بشكل بارز دولا لها جذور اشتراكية عميقة بما فيها فرنسا والسويد وروسيا والهند.
بالتركيز على الأسواق الرائدة -عشر متقدمة وعشر ناشئة- يقيس تحليلي التغييرات في ثروات المليارديرات كحصة من الناتج المحلي الإجمالي. ثم يحسب الحصة الموروثة بدلا من التي جمعها الشخص بنفسه، والحصة التي يجنيها “المليارديرات السيئون” في صناعات السعي وراء الريع مثل العقارات، والحصة التي يجنيها “المليارديرات الجيدون” في الصناعات الإنتاجية مثل التكنولوجيا. الفكرة هي أن الثورة الشعبوية عادة ما تستهدف الثروة التي ينظر إليها على أنها كبيرة أكثر من اللازم أو غير مستحقة أو غير منتجة.
تتعايش طبقة المليارديرات في فرنسا مع دولة الرفاهية الأكثر إنفاقا في العالم. ترتفع ثروة المليارديرات هناك بشكل أسرع من أي دولة متقدمة أخرى في أعلى عشر دول في قائمتي، حيث تضاعفت تقريبا خلال الأعوام الخمسة الماضية لتصل إلى 21 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. لطالما كانت الثروات الموروثة ضخمة في فرنسا وتمثل الآن 85 في المائة من ثروة المليارديرات هناك، أي ضعف المتوسط العالمي.
تشترك السويد في هذا المزيج من السمعة الدولانية والثروات الضخمة في القمة: تساوي ثروة المليارديرات فيها 24 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ثلثاها تقريبا موروثة. لا تظهر أي دول متقدمة أخرى مثل هذا السوء عموما. لا تظهر اليابان أي بوادر على تضخم المليارديرات، ولا تظهر المملكة المتحدة علامات تذكر، بخلاف الحصة المرتفعة نسبيا من ثروة “المليارديرات السيئين”، التي عند 20 في المائة من الإجمالي تعد أعلى بمقدار ست نقاط من متوسط الدول المتقدمة.
في الولايات المتحدة، تنبأ اندفاع ثروة المليارديرات في أوائل 2010 بظهور السياسيين الذين أرادوا “إزالة المليارديرات” أو فرض ضرائب كبيرة عليهم. في الأعوام الخمسة الماضية، ارتفعت ثروة المليارديرات من 15 في المائة إلى 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتدفع الشكاوى الناتجة الرئيس جو بايدن إلى الضغط من أجل ضرائب جديدة على الثروة.
من بين الأسواق الناشئة، يسلط تحليل 2023 الضوء على دولتين أخريين لهما اتجاهات دولانية قوية، الهند وروسيا. في كلتيهما، يبلغ إجمالي ثروة المليارديرات 20 في المائة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي -نحو ضعف متوسط الدول المتقدمة الأخرى. وتعرض كبار رجال الأعمال الروس لضربة في أوائل العام الماضي من الحرب في أوكرانيا والعقوبات الناتجة عنها. مع ذلك، تهرب كثيرون من الخسائر العميقة عن طريق تحويل الثروة إلى أفراد آخرين من العائلة أو إيقاف يخوتهم في موانئ دول صديقة.
لطالما كانت روسيا الدولة ذات أعلى حصة من ثروة “المليارديرات السيئين” ولا تزال كذلك حيث تبلغ 62 في المائة. أما الهند، فتحتل المرتبة الأسوأ بين أعلى عشر أسواق ناشئة من حيث الحصة الموروثة من ثروة المليارديرات، بنسبة 60 في المائة.
توجد طبقات المليارديرات الأقل تضخما في دول مثل كوريا الجنوبية وتايوان، حيث اعتمدت الدول الصغيرة على الضغوط الاجتماعية والسياسية للحد من عدم المساواة في الثروة أو في الدول الاشتراكية السابقة مثل بولندا، التي تبنت الرأسمالية. تبلغ ثروة المليارديرات في بولندا 3 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي ولا يأتي أي منها من صناعة السعي وراء الريع وقليل منها موروثة.
تشير هذه النتائج إلى أن الميول الاشتراكية قد تأتي بنتائج عكسية من خلال تركيز الثروة بدلا من نشرها. تفضل اللوائح المتزايدة كبار رجال الأعمال، الذين لديهم جماعات ضغط وأموال لمجابهة عالم تتزايد فيه القواعد. ومنذ عام 2000، بينما كانت الحكومات تضخ الأموال في اقتصاداتها للحفاظ على استمرار النمو، انتهى الأمر بكثير منها إلى تغذية الارتفاع في الأسواق المالية بدلا من ذلك.
نظرا لأن 0.01 في المائة يمتلكون معظم الأصول المالية، فقد حققوا أكبر ربح، مع كسب المليارديرات أكثر من أصحاب الملايين. لدى العالم أقطاب بثروات تبلغ مليارات، وبعض أكبر الثروات ترتفع الآن في الدول التي لديها أكبر الحكومات، مثل فرنسا. يجب أن يقدم هذا لكثيرين يعتقدون أن الإجابة على علل الرأسمالية الحالية هي أن تكون الحكومة أكثر دعما بعض الأسباب للتفكير.
رئيس روكفيلير إنترناشيونال