كتبت صحيفة الديار تقول: ما هي خلاصة الجولة الاولى من مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في لبنان؟
ماذا جمع من معلومات جديدة حول الاستحقاق الرئاسي؟
وماذا بعد جولته هذه؟
اختتم لودريان امس مهمته بجـــولتها الاولى تمهيدا لرفع تقريره المفصل الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الايام القليلة المقبلة واجراء مشاورات مع دول اللقاء الخماسي على ضوء ما جمعه من مواقف ومعـــلومات وملاحظات من الاطراف اللبنانية سعيا الى بلورة خارطة طريق يمكن ان تحل احجية الرئاسة اللبنانية والمرحلة المقبلة.
بيان لودريان
وفي ختام زيارته اكد لودريان في بيان له انه اراد خلال زيارته الاولى الاصغاء موضحا انه لذلك التقى السلطات المدنية والدينية والعسكرية بالاضافة الى الممثلين عن كافة الاطراف السياسية الممثلة في المجلس النيابي.
واشار الى انه سيرفع تقريرا الى الرئيس ماكرون فور عودته الى فرنسا كاشفا بانه سيعود الى بيروت في القريب العاجل لان الوقت لا يعمل لصالح لبنان.
وقال «سوف اعمل على تسهيل حوار بناء وجامع بين اللبنانيين من اجل التوصل الى حل يكون في الوقت نفسه توافقيا وفعالا للخروج من الفراغ المؤسساتي والقيام بالاصلاحات الضرورية لنهوض لبنان بشكل مستدام وذلك بالتشاور مع الدول الشريكة الاساسية للبنان».
وقال مصدر سياسي مطلع لـ «الديار» ان لودريان كان حريصا في التأكيد على سلوك الحوار والتوافق وانه طرح اسئلة عديدة حول الموقف من الحوار وشكله من دون ان يبدي اشارة صريحة حول كيفية ومكان اجراء هذا الحوار.
واضاف المصدر ان الموفد الرئاسي الفرنسي استمع الى اراء ومواقف الاطراف على ضوء المستجدات الاخيرة المتصلة بالاستحقاق الرئاسي وطرح اسئلة عديدة ومتنوعة على هذه الاطراف تتعلق بأسباب وخلفيات اختياراتهم وتصويتهم لهذا المرشح او ذاك مدونا ملاحظاته على ضوء الاجوبة التي تلقاها للبناء عليها في صياغة تقريره واقتراحاته لاحقا.
لودريان عائد بعد 14 تموز؟
ومن المنتظر ان يعود لودريان الى بيروت بعد العيد الوطني الفرنسي الذي يصادف في 14 تموز المقبل لاجراء جولة جديدة يؤمل ان تكون عملية في طرح افكار محددة للخروج من الازمة الرئاسية.
وحسب المصدر فان لودريان كان حريصا على عدم الدخول في تفاصيل هذه الافكار لكنه جدد التأكيد على رغبة الرئيس ماكرون في بذل كل ما يمكن لمساعدة لبنان من اجل انتخاب رئيس للجمهورية وانقاذه من الازمة التي يتخبط فيها.
ووفقا للمعلومات المتوافرة لـ «الديار» فان لودريان سيبحث مع فريق العمل الفرنسي في السيناريوهات الممكنة لترجمة رغبة وارادة الرئيس الفرنسي في مساعدة لبنان واللبنانيين وستكون بموازاة ذلك مشاورات لهذه الغاية مع المسؤولين المكلفين متابعة الملف اللبناني في دول اللقاء الخماسي.
وحسب ما رشح من معلومات عن الاجواء التي جمعها لودريان قبل مغادرته بيروت امس فان ما سمعه من الاطراف اللبنانية والاجوبة التي تلقاها حول الاسئلة الدقيقة والمحددة التي طرحها يظهر صعوبة احداث خرق قريب وسريع للاصطفاف الحاصل بعد ما جرى في الجلسة الـ 12 لانتخاب رئيس الجمهورية.
ووفقا لاحد السياسيين الذين التقاهم لودريان فان الموفد الفرنسي عائد الى باريس بخلاصة واحدة وهي ان الاصطفاف السياسي الحاد حول موضوع الاستحقاق الرئاسي يحتاج اولا الى فتح الحوار بين سائر الاطراف.
واضاف لـ «الديار» ان هناك اقتراحات يمكن ان تواكب هذا الحوار المرتقب منها:
1- طرح الاسماء المرشحة والبحث فيها بشكل مباشر وهذا امر صعب نظرا للخلاف الحاد القائم حولها.
2- وضع خريطة طريق او الخطوط العريضة لها لتضييق الخلافات.
3- العمل على وضع تسوية متكاملة تشمل الرئاسة ومرحلة الانقاذ شبيهة بما جرى في الدوحة عام 2008.
وعلمت «الديار» ايضا ان لودريان لم يفاجأ بالمواقف والاراء التي سمعها من سائر الاطراف، لكنه حاول باسئلة ان يصل الى منافذ معينة للبناء عليها في رسم خارطة طريق الحل.
مواقف الاطراف
ومن خلاصة محصلة هذه المواقف دوّن نقاطا اساسية تتعلق بهذه المواقف على الشكل الآتي:
1 -اكدت المعارضة والتيار الوطني الحر على موقفها الذي ترجمته في الجلسة 12 لانتخاب رئيس الجمهورية وعلى الاستمرار في الوقت الراهن على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور. لكنها لم تبد معارضة في سحب ترشيحه مقابل سحب ترشيح سليمان فرنجية، من دون الخوض في البدائل المحتملة.
2 -اكد الثنائي الشيعي والحلفاء المضي بترشيح فرنجية للودريان بناءً على نتائج جلسة الانتخاب التي عكست قاعدة ثابتة لدعمه والاستمرار به وفق الثنائي.
3 -برز رأي ثالث يرمي الى التوجه الى الخيار الثالث خارج الاصطفاف الحاصل اليوم، لكن اصحاب هذا الرأي يختلفون في تسمية هذا الخيار بين من هم مستقلون وتغييريون يؤيدون مرشحا كالوزير السابق زياد بارود، واخرين يطرحون اسماء اخرى ابرزها قائد الجيش العماد جوزاف عون.
المبادرة الفرنسية
وكشف مصدر مطلع لـ «الديار» امس ان لودريان لم يأت على تخلي فرنسا عن مبادرتها الاولى، وفي الوقت نفسه لم يبحث هذه المبادرة مع الاطراف السياسية. وحرص على تحييد البحث او النقاش عن هذا الموضوع، الامر الذي جعل كل فريق من الفريقين يعتبر انه اخذ حقه من الموفد الرئاسي الفرنسي.
وقال المصدر ان الحديث عن طي صفحة المبادرة الفرنسية هو في غير محله، لكن في الوقت نفسه ان الحديث عن تأكيدها او تثبيتها هو ايضا لا ينطبق على ما دار في جولة لودريان.
واضاف: صحيح ان الموفد الفرنسي كان مستمعا اكثر، لكن الكلام عن انه جاء يجمع مواقف الاطراف وبدونها هو تبسيط لمهمته لان باريس تتابع منذ اكثر من ستة اشهر بشكل مستمر ومتواصل ماذا يجري في لبنان بشأن الاستحقاق الرئاسي اكان من خلال السفيرة الفرنسية ان غريو او من خلال اتصالات فريق العمل الفرنسي.
ويمكن القول ان لودريان كان مستمعا ومحاورا من خلال طرحه اسئلة عديدة حول مسار الاستحقاق ومن خلال التركيز على بعض النقاط والامور التي تساعده في تكوين خلاصة افكار حول سبل بلورة حل او خارطة طريق للحل.
اجواء لقاء بري
وفي المعلومات التي توافرت لـ «الديار» من مصدر نيابي في الثنائي الشيعي ان الرئيس بري ووفد حزب الله الذي التقى لودريان، جدد التأكيد على خيار ترشيح ودعم فرنجيه، شارحا الاسباب والامور التي يستند اليها في هذا الموقف.
وسأل الوفد الفرنسي الرئيس بري عن امكانية اجراء حوار وشكل هذا الحوار، فرد رئيس المجلس شارحا بالتفصيل مسار الاستحقاق الرئاسي وكيف دعا الى حوار مرتين قبل ترشيح فرنجيه، مؤكدا انه بعد الترشيح صار طرفا لكنه اعرب عن الاستعداد للمشاركة بالحوار من خلال وفد من كتلة التنمية والتحرير، لافتا الى ان هذا الموقف ينسجم مع المواقف الدائمة التي اكد عليها مرارا.
وقال بري للموفد الفرنسي: لو قبل الاخرون دعوتنا للحوار ربما لم نصل الى ما وصلنا اليه، بل ان الحوار كان الوسيلة المناسبة للوصول الى انتخاب الرئيس وعدم هدر كل هذا الوقت.
ماذا قال فرنجيه للموفد الفرنسي؟
وعلمت «الديار» ايضا ان رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه شرح في لقاء الغداء الذي جمعه بلودريان في قصر الصنوبر حيثيات ترشيحه، مشيرا الى «انه يحظى بدعم متين من كتل عديدة ومنها كتلتا امل وحزب الله».
وقال «انه لن يكون رئيسا لحساب فريق على فريق اخر بل سيكون كما عبر اكثر من مرة رئيسا لجميع اللبنانيين».
واوضح انه يرحب بالجوار مع الجميع، وانه لا يمانع في حال اجمعت الاطراف جميعها على مرشح اخر. لكنه لفت ان هذا الامر غير متوافر، وانه يحرص على ان يحظى بمزيد من الدعم والتأييد.
لماذا بارود؟
كما علمت «الديار» ان لودريان سأل النواب الذين ايدوا زياد بارود عن اسباب موقفهم هذا، خصوصا ان بارود لم يطرح نفسه بشكل صريح مرشحا للرئاسة. وتلقى جوابا مشتركا بان بارود يصلح ان يكون ويمثل الخيار الثالث بدل الاصطفاف الحاصل.
هل تدق فرنسا باب ايران؟
من جهة اخرى كشف مصدر ديبلوماسي مطلع لـ «الديار» ان فرنسا رغم ان علاقتها مع ايران تمر بمرحلة ملبّدة، ربما ستوسع مشاوراتها معها في شأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني. ولم يستبعد المصدر ان يدق لودريان قبل منتصف تموز الباب الايراني سعيا الى تحسين ظروف المسعى الفرنسي في شأن الرئاسة اللبنانية واخراج لبنان من ازمته.
وردا على سؤال قال «ان هناك قنوات عديدة لترجمة هذا التوجه وعلينا ان نراقب ونتابع مجريات الاسبوعين او الثلاثة المقبلة».
عن لقاء ماكرون وبن سلمان
من جهة ثانية كشف مصدر نيابي مطلع لـ «الديار» امس عن ان لقاء الرئيس الفرنسي ماكرون مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان قد خلص الى التأكيد على التعاون والتنسيق بين فريقي عمل البلدين بمتابعة الملف اللبناني.
وقال المصدر ان الحديث عن لبنان لم يستغرق اكثر من خمس دقائق، وان الرئيس ماكرون ابدى رغبة واضحة في زيادة الجهود السعودية للمساعدة على اخراج لبنان من ازمته. وقال «ان لبنان يهمنا كثيرا، ونحن عازمون على مساعدته في ظل ما يعانيه من وضع صعب، ونريد ان نتعاون معكم في سبيل انقاذه».
ورد بن سلــمان مؤكدا على التعاون من خلال التواصل والبحث بين فريقي عمل البلدين، وقال ان موقفنا تجاه لبنان هو الحياد الايجابي، لكن على الاطراف اللبنانية ان تتخذ المواقف المناسبة وتتفق على الاستحقاق الرئاسي وسبل انقاذ لبنان من وضعه الراهن. واننا مستعدون اذا ما وصلوا الى هذا الموقف الايجابي ان نساعدهم في المرحلة المقبلة، فالامر يتوقف على اللبنانيين اولاً.