منذ الإعلان عن البيان الختامي الذي صدر عن اللجنة الخماسية الأسبوع الماضي ، وما عكسه من إشارات توحي بسقوط ما يعرف بـالمبادرة الفرنسية . بدأ المشهد اللبناني يترنح على وقع ما يمكن أن يأتي به لودريان من جديد لاحداث فجوة في جدار الازمة الرئاسية . وعلى خلاف ما تسرب من اشارات حول المبادرة التي دعمتها وسوقت لها باريس إن شيئا لم يتغير حتى الان لا بالشكل ولا بالمضمون ، فما زال الوزير السابق سليمان فرنجية يتصدر لائحة الاسماء كمرشح طبيعي على مرشحين ظرفيين تحكم اوراق التصويت لهم تقاطعات المصلحة والشغل عالقطعة .
الثنائي الوطني استقبل جان ايف لودريان بثوابته على دعم فرنجية فيما لودريان لم يسمع اثناء لقائه برئيس مجلس النواب اي تعديل في الخيارات لطالما اوراق الفريق الاخر ما زالت غير ثابته وتتأرجح تارة بين جهاد ازعور وطورا قائد الجيش ولو بالتلميح ، وما يدعم هذا المنطق هو الحديث عن كوة فتحها لقاء لودريان بري يمكن البناء عليها للملمة الملف الرئاسي ، ووضعه على السكة الطبيعية .
هذا في وقت ظل الترحيب الواضح من قبل معظم فريق المعارضة ببيان اللجنة الخماسية، يسود الترقب .
وتشير مصادر مقربة من السفارة الفرنسية في بيروت إلى أن لودريان لن يحمل طرحاً جديداً كاملاً، إنما دعوة إلى حوارات ثنائية أو ثلاثية ، وليس حواراً وطنياً شاملا تقابله المعارضة بالهجوم على الفريق الآخر قاطعة بذلك الطريق على الجهود الخارجية وهو ما عبّر عنه نائب القوات اللبنانية فادي كرم، بوصفه خصمه السياسي انه يوما بعد يوم لا يمكن الخروج معه بنتائج من أي حوار في وقت يناقضه حليفه الاشتراكي عبر النائب بلال عبدالله وصفه الحوار بالواسطة افضل الممكن للقاء اللبنانيين والتحاور فيما بينهم .
وطوال الأشهر الماضية ، طُرحت الكثير من علامات الإستفهام ، حول إمكانية إستمرار الشغور الرئاسي إلى ما بعد نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ، حيث ذهب البعض إلى الحديث عن ان هذا الإستحقاق هو الحد الفاصل الذي لا يمكن تجاوزه ، نظرا إلى الخطوط الحمراء الموضوعة في هذا المجال ، سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الخارجي ، فيما مصادر عين التينة تجزم بأن الرئيس نبيه بري لن يسير في تحمل ارث مالي منهار عبر تسلم النائب الاول وسيم منصوري مهام قيادة وادارة المصرف المركزي وسط التهديد الجماعي للنواب الاربعة بالاستقالة .
وبالتالي وفي كل الحالات في الواحد والثلاثين من تموز الحالي ، تنتهي ولاية رياض سلامة ، من دون أن تظهر في الأفق أي بوادر لإمكانية إنجاز الإستحقاق الرئاسي في وقت قريب ، لا بل عاد الحديث عن شغور طويل لا يمكن التكهن بالمدى الذي قد يصل إليه. في حين بات يعلم الجميع أن المشهد الراهن في حاكمية مصرف لبنان قد يكون له تداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
مصادر سياسية مطلعة ، لفتت إلى ان إنتهاء ولاية سلامة هو واحد من الإستحقاقات التي كانت تعلق عليه الرهانات ، للوصول إلى حل سياسي في لبنان، من دون أن يكون ذلك مستندا إلى أي من الوقائع العملية، وهو ما حصل في السنوات الماضية ، عند العديد من المفاصل الإقليمية والدولية تحديدا ، أما ربطه اليوم بإستحقاق داخلي فيعود إلى أهمية الموقع من جهة والنكد الذي تمارسه بعض الاطراف السياسية الفاعلة من جهة ثانية .
وفي خضم هذا الازدحام بالاستحقاقات هناك من بربط مراهنا على انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون، في بداية العام المقبل، نظرا إلى التداعيات التي من الممكن أن تترتب على إنتقال الشغور إلى قيادة المؤسسة العسكرية مستندة على ما حصل على مستوى حاكمية مصرف لبنان، يؤكّد أن ليس هناك ما يمنع الوصول إلى الاستحقاق العسكري نهاية ولاية قائد الجيش.
وسط هذا المشهد المأزوم ، عاد المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، في زيارته الثانية التي تأتي بعد إجتماع اللجنة الخماسية الذي عقدت في الدوحة مع جزم العديد من المراقبين وحتى القوى السياسية ان سلته ستبقى بلا غلة رغم التفاؤل الذي رشح عن زيارته للرئيس نبيه بري وهذا ما يعزز بعض التحليلات عن ان الملف الرئاسي سيأخذ استراحة ربما تمتد لاشهر و تشير المصادر إلى أنه في الوقت الضائع يستطيع كل فريق وضع الرهانات التي يراها مناسبة، كما أنه يستطيع ربط الإستحاق الرئاسي بالعديد من الملفات الأخرى، سواء كانت محلية أم خارجية .
فهل سيبقى ملف الرئاسة الذي يشكل مفتاح الدخول لحل باقي الملفات ينتظر اشارت التسويات الخارجية من الر ياض الى طهران ومن طهران الى واشنطن وما بينهما من اصطفافات التحالف مع روسيا واوروبا على وقع الحرب المفتوحة بين موسكو وكييف ؟ دون ان نستثني العامل الامني المتربص بالمنطقة والذي من شأنه ان يطيح بكل التطورات ليبنى على نتائجه مرحلة جديدة بميثاق جديد تعبر من خلاله ملفات المنطقة وعلى راسها عقدة لبنان الرئاسية .