كتبت عزة الحاج حسن في المدن :كشفت أزمة انتشار كورونا هشاشة القطاع الاستشفائي اللبناني وتحديداً في المستشفيات الخاصة. وأضاءت على فداحة ممارساتها وعجزها عن المواجهة. وحده المستشفى الحكومي في لبنان، نزل إلى ميدان الحرب مع كورونا ليس لعظمة قدراتها، وهي الخائرة منذ زمن تحت تأثير السياسات الحكومية، بل لكونها الملاذ الوحيد للمواطن اللبناني الأعزل، المتروك من دولته لمواجهة أزمات متعددة في آن واحد.
وأخذت كبرى المستشفيات الحكومية اللبنانية، مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي، على عاتقها مواجهة كورونا بعتادها المتواضع وعديدها مهدور الحقوق منذ سنوات. ولم يتخاذل موظفو ومستخدمو وممرضو وإداريو وأطباء مستشفى الحريري الجامعي منذ اليوم الأول لغزو كورونا لبنان وحتى اللحظة، عضّوا على جراحهم والتزموا الصمت، على الرغم من أنهم الفئة شبة الوحيدة التي لم تنل حقوقها من قانون سلسلة الرتب والرواتب حتى اللحظة.
التخلي الفاضح
يعاني عاملو المستشفى من الحرمان والإجحاف والمخالفات الصريحة بحقهم والممارسات الانتقائية، على حد تعبير لجنة مستخدمي ومتعاقدي وأجراء المستشفى، ومن التمييز بين العاملين الذي تمارسه الإدارة، في ظل غياب تام للمعنيين، وعلى رأسهم وزارة الصحة العامة التي تعتبر وزارة الوصاية، ما دفعهم إلى تنفيذ تحرّك إحتجاجي اليوم الخميس 8 تشرين الأول كخطوة تحذيرية قبل سلوك طريق التصعيد لنيل الحقوق، فهل يصل التصعيد إلى الإضراب التام والتوقف عن استقبال المرضى؟
ينتقد مستخدمو المستشفى التخلي الفاضح والمشين لكافة المعنيين وتخاذلهم عن تحمّل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، ويقول متحدث باسم عمال ومستخدمي المستشفى بسام عاكوم في حديث إلى “المدن”: منذ إقرار سلسلة الرتب والرواتب لم نحصل على حقوقنا ولم يتم تسوية أوضاعنا ورواتبنا رغم كل الوعود. ومنذ بداية أزمة كورونا ورغم إلقاء كل الضغوط على مستشفى الحريري بكافة أقسامها وكوادرها، بادر المعنيون ومنهم وزارة الصحة إلى إطلاق الوعود بتطبيق قانون السلسلة علينا وحل الأزمة. لكن مع الأسف كل ما حصل هو منح العاملين في المستشفى سلف فقط على مدى 3 أشهر ثم توقفت السلف.
“نحن اليوم لم ننزل إلى الشارع لنطالب باستعادة السلف، بل بتطبيق القانون وتسوية أوضاعنا نهائياً، وتطبيق السلسلة التي هي حق، يقول عاكوم. فالأزمة منذ سنوات لا تزال على حالها، وزارة المال تنتظر تعديل جداول الموظفين بما يتلاءم وحقوقهم وإدارة المستشفى ومعها وزارة الصحة لا يعيران الملف الأهمية اللازمة.
غبن الموظفين
كيف يمكن لموظفين يتقاضون رواتب تتراوح بين 800 ألف ليرة ومليونين و800 ألف ليرة (رواتب رؤساء الدوائر) أن يواجهوا تحديات العمل في مرفق استشفائي يتعرّض لضغط هائل في ظل أزمة كورونا، أضف إلى أن مواد التعقيم ومعدات يومية باتت شبه مفقودة من المستشفى، ما يكبّد العاملين تكاليف إضافية لحماية أنفسهم وحماية عائلاتهم من خطر الإصابة بفيروس كورونا.
وإذ يعرب عاكوم عن أسفه من أن “البلد كله يقدر تضحياتنا وجهودنا باستثناء الإدارة والوزارة”، يستغرب كيف يمكنهم الخروج إلى الإعلام والتحدّث عن بطولات في مواجهة كورونا، ونحن العاملين على الأرض مسلوبي الحقوق لم ننل مستحقاتنا المكتسبة بموجب قانون السلسلة منذ سنوات، لم نتقاضَ ليرة واحدة من تغطية المدارس لأولادنا، وبعضنا متعاقد منذ 15 عاماً لم ينل سوى درجة واحدة بدلاً من 7 و8 درجات، “فلنحرق أنفسنا ونريحهم من وجودنا وليتولوا هم مسؤولية مواجهة كورونا”.
تقصير الوزارة
صرخة موظفي المستشفى وعامليها، وإن كانت موجّهة إلى إدارة المستشفى بالدرجة الأولى، إلا أنها لم تستثن مسؤولية وزارة الصحة، وما يؤكد تقصير ومماطلة وزارة الصحة تجاه المستشفى أيضاً، أن الأخيرة لم تتقاضَ منذ بداية العام وحتى اليوم أي دفعة مالية من فواتيرها من وزارة الصحة عن كامل العام 2020. بمعنى أن الوزارة لم تضع ليرة واحدة في صندوق المستشفى طيلة العام الحالي. فكيف بالمستشفى أن تُنصف موظفيها.
وحسب مصدر إداري مطلع في حديث إلى “المدن”، فإن عملية تصحيح السلسلة جارية. وقد تأخرت لأن ذلك يتطلب وجود مفوض حكومة في مجلس إدارة المستشفى. وقد تم تعيين المفوض مؤخراً “لذلك من المرتقب أن يتم عقد جلسة خلال أسبوع إلى 10 أيام كأبعد تقدير. وتالياً، سيتم البت بجداول الموظفين المعدلة والموجودة على جدول أعمال مجلس الإدارة”.