السبت, نوفمبر 23
Banner

يوم القبض على رياض سلامة!

الإهمال المتعمَّد من قبل أهل السلطة لتقرير «الفاريز ومرسال»، يثير المزيد من الشكوك حول حجم التواطؤ الذي كان سائداً بين المنظومة السياسية الفاسدة، ورياض سلامة، الذي كان يتصرف في البنك المركزي كالحاكم بأمره، دون رقيب أو حسيب، ودون حتى أي إعتراض من وزراء المال المتعاقبين، ولا من أعضاء المجلس المركزي الذي يضم النواب الأربعة، وممثلاً عن الحكومة.

ورغم أن التقرير تم توزيعه على النواب غداة صدوره، غرقت لجنة المال في بحر من الصمت المُطبق، ولجنة العدل تغاضت عن الإرتكابات المتكررة، والتي تشكل كل واحدة منها فضيحة تستحق التحقيق والمتابعة، وكأن التقرير يتحدث عن تجاوزات مالية بمئات الملايين من الدولارات في إحدى جمهوريات الموز!

ما توصلت إليه تحقيقات الشركة الفرنسية هو قليل، ويقتصر على ما إستطاعت الإطلاع عليه من عمليات مالية ووثائق محدودة جداً، لأن سلامة تعمد إخفاء ما هو أعظم،

وتحايل على إخفاء التحويلات الرئيسية التي تمَّت بعد إندلاع ثورة ١٧ تشرين ٢٠١٩، والتي تُقدر بعشرات المليارات من الدولارات، والتي تعود بمعظمها إلى سياسيين وأصحاب الحظوة والنفوذ، فيما كان هو ومجموعته يغرفون من الإحتياطي الإلزامي الملايين، ويعملون على إخفاء آثار سرقاتهم عبر توظيفات عقارية، وشراء الشقق الفاخرة في نيويورك وباريس ولندن وجنيف وعواصم أوروبية أخرى.

أما مدخرات المودعين وجنى أعمارهم فكانت مستباحة بتعاميم رسمية من سلامة، الذي فرض تسعيرة مجحفة للدولار المصرفي مقابل الليرة، بعدما منع أصحاب الودائع من سحب أموالهم من المصارف، بقرارات همايونية، ودون صدور قانون الكابيتال كونترول، الذي كان من المفترض أن ينظم العلاقة بين المصارف والمودعين، بما يضمن حقوق أصحاب المال الشرعييِّن، بدل تحويلهم إلى مجموعات من المتسولين على أبواب البنوك.

تحرك القضاء لملاحقة سلامة وعصبته لا يكفي، إذا لم يقترن بتحقيقات جدّية وشفافة، تكشف الحقائق أمام اللبنانيين، وتوصِل إلى قرارات حاسمة بإستعادة الأموال المنهوبة من المصرف المركزي، وتسمية المستفيدين من الهندسات المالية المشبوهة، ومن العمولات غير الشرعية، ومن الرشوات التي كان يدفعها يميناً ويساراً من أموال المودعين، للمنتفعين من سطوته على المال العام، وللمطبّلين لإنجازاته الوهمية، التي كانت في الواقع تخفي الكوارث التي كان يجرّها على البلد، وعلى الناس الذين كانوا يعتبرون أنهم حفظوا قرشهم الأبيض لليوم الأسود، فكان أن حوّل حياة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين إلى جحيم أسود.

هل تنتفض العدالة وتنطلق مسيرة الإصلاح يوم القبض على رياض سلامة؟

Leave A Reply